تنزيل
0 / 0

نذر إن وقع في الاستمناء أو نظر إلى الصور الإباحية أن يصلي عشرين ركعة ويقرأ ثلاثة أجزاء من القرآن ثم عجز عن التزام ذلك

السؤال: 210933

لقد نذرت منذ سنين أنني كلما أنظر إلي الصور الإباحية أو الاستمناء أن أصلي 20 ركعة ، وقراءة 3 أجزاء قرآن في نفس يوم الذنب ، فمن منة الله علينا أن جعل لنا فرصة عظيمة للتوبة من الذنوب ، ولكني صعبت ذلك بأن نذرت هذا النذر الصعب جدا ، حيث إنني استشرت أحد مواقع الفتوى فأخبرني أن هذا النذر متكرر ؛ لأن نيتي تكرار النذر مع كل ذنب ، ومما زاد الأمر صعوبة أنني حددت الوفاء بيوم معين لا أستطيع الوفاء بعده . إنني منذ الصغر ابتلاني الله بهذا الذنب ، والآن عمري 21 عام في الجامعة ، والله إن هذا الذنب ، ومن ثم النذر الصعب يؤرق حياتي ودراستي وكل شيء ، فأنا لا يمر يوم إلا وامتلأ همَّا من عدد الكفارات التي عليَّ ، فأنا منذ أن نذرت من أربع سنين أحيانا أوفي بالنذر فأصلي20 ركعة ، واقرأ ثلاثة أجزاء في نفس اليوم، والأحيان الأخرى لا ؛ فتراكمت عليّ الكفارات التي لا أستطيع عدها . وما زاد الأمر حيرة هو هل أقضي عن كل نظرة ؟ وبهذا يكون علي مئات الآلاف من الكفارات أم علي كل يوم أم ماذا ؟ أنا مازلت طالبا يصرف عليّ والدي فأنا في غربة يعطني والدي مثلا2000 بهم كل ترم دراسي ، ولا أملك مال سوي 1700 أجعلهم معي للظروف الطارئة . فهل ينفع أن انتقل بالكفارة للصيام فأصوم مثلا 3 أيام من كل أسبوع حتى الممات ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

 

ينبغي على الشخص أن لا يستعمل النذر ، حتى ولو كان يقصد بذلك حمل النفس على الطاعة أو على ترك المعصية ؛ قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " أنصح أخانا ألا يجعل الحامل له على ترك المعصية النذر ؛ لأنه يعتاد هذا ، حتى لا يدع المحرم إلا بنذر ، والله عز وجل يقول في كتابه : ( وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ ) النور / 53 ، يعني : أطيعوا طاعة معروفة بدون يمين ولا حاجة للقسم ، كذلك لا حاجة للنذر ، اجعل عندك عزيمة قوية لتستطيع أن تدع هذه المعصية بدون نذر ، هذا هو الأفضل والأولى " .
انتهى من " اللقاء الشهري" .
وكان الواجب عليك ابتداء أيها السائل الكريم أن تجتنب فعل هذه المعاصي , فإنها مُهلكة للعبد مُذهبة لمروءته مُفسدة لدينه ودنياه , فإن غلبتك نفسك ووقعت في المعصية ، فقد جعل لك ربك سبحانه مخرجا كريما بالتوبة والاستغفار ، والاستكثار من العمل الصالح , قال تعالى : ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ . أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) آل عمران/135، 136 ، وقال تعالى : ( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) هود/114 , وقد كان في هذا العلاج الرباني كفاية ووقاية لك من شر ذنبك , لكنك أبيت إلا أن تسلك مسلك النذر مع ما فيه من التضييق على النفس وإلزامها بما كان لها عنه مندوحة , فوقعت فيما وقعت فيه من هذه الورطة , وقد كان ينبغي لك ألا تفعل .
وأما حكم هذا النذر الذي ذكرته ففيه تفصيل :
فإن كنت قد قصدت أنك إن وقعت في هذه المعصية تبت إلى الله تعالى وفعلت الطاعة المذكورة بنية التقرب إلى الله سبحانه وزيادة في التوبة , فهنا يلزمك الوفاء بهذه الطاعة .
أما إذا كنت قد نذرت هذه الطاعة : لا بنية القربة ، ولكن بنية منع نفسك وزجرها عن مواقعة هذه المعصية , فهنا تلزمك كفارة يمين على رأي فريق من العلماء , جاء في " شرح الزركشي على مختصر الخرقي " (7 / 82): " ……. وضابطه أن يخرج النذر مخرج اليمين ، بأن يمنع نفسه أو غيره به شيئا، أو يحث به على شيء ، ويسمى هذا نذر اللجاج والغضب، واختلف عن أحمد في حكمه ، فعنه أن الواجب فيه الكفارة ليس إلا ، حتى لو فعل المنذور لم يجزئه " انتهى.

 

وجاء في " فتاوى نور على الدرب " .
س: أنا رجل فعلت مخالفات في أحد الأيام ، وبعد ذلك ندمت وحلفت وقلت: حلفت ونذرت أن أدفع مبلغًا من المال إلى الفقراء ، إن فعلت تلك المخالفة ، وفعلتها فعلاً مرة أخرى ، فهل عليَّ دفع المال المذكور، أو يكفي كفارة يمين ؟
ج : الواجب على كل مسلم ومسلمة ، إذا فعل شيئًا من المعاصي ، ‏أن يبادر بالتوبة ، لأن الله سبحانه ، يقول : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ، ويقول سبحانه: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا ) ، هذا هو الواجب على كل مسلم ومسلمة إذا بدر منه ذنب كشرب مسكر ، أو عقوق ، أو ربا أو زنى ، إلى غير هذا ، متى وقعت منه المعصية ، سارع وبادر إلى التوبة والندم ، والإقلاع والعزم ألا يعود ، مع الإكثار من العمل الصالح ، كما قال تعالى: ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ( .

وإذا حلف أو نذر ، إن رجع إليها أن يتصدق بكذا ، أو يصلي كذا أو يصوم كذا، هذا فيه تفصيل:
إن أراد بهذا القربة إلى الله ، وأنه متى عاد إليها : تاب ، وتقرب إلى الله بهذا ، يعني زيادة في التوبة ، فهذا يلزمه ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ): ‏من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ( يعني نذر الطاعة يجب الوفاء به ، بهذا الحديث الصحيح .

أمَّا إذا أراد بهذا أن يردع نفسه حين قال : نذر علي إن عصيت ، أن أتصدق بكذا ، أو أن أصوم شهرًا ، مقصوده يردع نفسه ، يخوف نفسه ، حتى لا يلزمه الصوم والصدقة ، ما قصده التقرب ، إنما قصده أن يمنع نفسه من المعصية ، فإذا عاد إليها ، فعليه التوبة ، وعليه كفارة يمين ، عن نذره ؛ لأنه ما أراد القربة بهذا ، أراد أن يمنع نفسه ويردعها عن هذا الشيء ، هذا يكون فيه كفارة يمين ، إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم أو عتق رقبة ، فإن عجز صام ثلاثة أيام ، وإطعام عشرة ، يكون لكل واحد نصف صاع ، كيلو ونصف من قوت البلد ، أو كسوة ، قميص أو إزار ورداء ، هذا هو ‏الواجب على من فعل هذا " انتهى بتصرف من هذا الرابط الإلكتروني:
http://www.alifta.net/Fatawa/FatawaChapters.aspx?View=Page&PageID=7047&PageNo=1&BookID=5&languagename=

وبعض العلماء يخيِّر الناذر حال الحنث في هذه الحالة بين كفارة اليمين وبين فعل المنذور .
جاء في " المغني لابن قدامة " (9 / 505) : " إذا أخرج النذر مخرج اليمين ، بأن يمنع نفسه أو غيره به شيئا ، أو يحث به على شيء ، مثل أن يقول: إن كلمت زيدا، فلله علي الحج، أو صدقة مالي، أو صوم سنة : فهذا يمين ، حكمه أنه مخير بين الوفاء بما حلف عليه ، فلا يلزمه شيء، وبين أن يحنث ، فيتخير بين فعل المنذور، وبين كفارة يمين " انتهى.
وينظر جواب السؤال رقم : (2587) ، ورقم : (145185) ، ورقم : (45889).
وأنت أيها السائل قد التزمت أنه كلما حدثت منك هذه المعصية أن تفعل هذه الطاعة فالواجب عليك ابتداء هو تجنب هذه المعصية .
فإن غلبتك نفسك ووقعت فيها : فالواجب عليك المبادرة بالتوبة إلى الله سبحانه , ثم بعد ذلك أنت بالخيار بين أن تفعل ما نذرته ، وبين أن تخرج كفارة يمين , ويتحتم عليك هذا كلما حدثت منك المعصية ، ولو تكرر مئات المرات .
وكفارة اليمين سبق بيانها بالتفصيل في الفتوى رقم : (45676) وبينا في نفس الفتوى أن من عجز عن إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة : فإنه يلزمه صيام ثلاثة أيام.

وفي النهاية ننبهك على أمر يتعلق بمسألتك وهو أنك قد ذكرت في النذر أنك ستفعل هذه الطاعة في نفس يوم المعصية , وعلى ذلك فكل يوم فعلت فيه المعصية ، وفات فلم تفعل فيه هذه الطاعة : يلزمك عنه كفارة يمين , ولا يجزئك فعل المنذور بعد ذلك لأنه قد خرج وقته.

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android