0 / 0

احتاج إلى المال فباع ” منيَّه ” لجهة ، ثم تبين له تولد عشرات الأولاد من مائِه !!

السؤال: 212187

كنت مقيما بدولة أوروبية منذ حوالي 20 عاماً ، ضاقت بي سبل الحياة ووصلت لحالة من الفقر الشديد بعد فصلي من عملي إثر أزمة اقتصادية مرت بها البلدة التي كنت أقيم بها ، لجأت لبيع المصاحف والسبح أمام مسجد المدينة ، ولكن لم يكف هذا لسد رمقي أنا وزوجتي ، قرأت في أحد الصحف إعلانا عن بنك للحيوانات المنوية يطلب متبرعين مقابل أموال فورية .
ذهبت وتبرعت عددًا لا أعرف مداه من المرات ، كنت شاباً متهوراً ، ولكنى كنت معنياً بالبقاء والاستمرار ، وكانت هذه الأموال تقيني وزوجتي شر السؤال .
نمى إلى علمي منذ أيام قليلة أن البنك قد حدث له ” هاكر” ، وتم نشر أسماء المتبرعين والأطفال الناتجين ، وقد اتصل بي من حينها 23 شخصاً اتضح أنهم كلهم أبنائي البيولوجيين ، وقد دخل أحد الأصدقاء إلى الموقع الذي قام بالتسريب ، وقال لي إن لي من الأبناء 76 ابنا وبنتاً .
السؤال هو : هل أخطأت ؟ وهل سأحاسب عليه ؟ وهل لهؤلاء الأبناء حقوق عليّ ؟ سواء مادياً أم معنوياً ؟ علماً باني لست الآن رجلا ميسور الحال ، وإن كنت مستوراً والحمد لله ، رجاء الاهتمام بالسؤال لأني أعانى بشدة .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الواجب عليك أيها السائل أن تستغفر الله سبحانه وتتوب إليه مما جنته يداك في هذه الفعلة الشنيعة ، التي لا يخفى على عاقل ما فيها من العبث بالأعراض ، والتلاعب بالأنساب ، ومخالفة الفطرة السليمة ، ولتعلم أن هذا الذي فعلته مخالف لجميع الشرائع السماوية ، التي اتفقت جميعها على حفظ الضروريات الست ، وهي : الدين ، والنفس ، والعقل ، والنسب ، والعرض ، والمال ، لأن هذه الضروريات فيها استقرار حياة الناس دينا ودنيا ، وقد شرع الله تعالى أحكاماً متعددة لحفظها ، وتوعد بالعقوبة على المضيع لها والمساهم في اختلال نظامها ، وإن في هذا العمل الذي فعلته تضييعاً للعرض والنسب .

فإن مما لا خلاف فيه بين أهل العلم أن تلقيح بويضة امرأة بمني رجل ليس زوجها ، واستبدال مني الإنسان بغيره ، أو خلطه به ، والتعامل مع تجار النطف والأبضاع ، وإنشاء مستودعات تخزن فيها نطف رجال لهم صفات معينة ، لتلقيح نساء لهن صفات معينة ، وكذا إنشاء بنوك المني ، وبنوك الأجنة المجمدة ، كل ذلك محرم بالإجماع ، وهو عبث يؤدي إلى اختلاط الأنساب ، والإخلال بنظام الأسرة الذي أراده الله عز وجل .

إضافة إلى أن فكرة بيع المني في حد ذاتها – بصرف النظر عما يترتب عليها من مفاسد – مما منعه الإسلام ، فقد أخرج البخاري ( 2284 ) ، وأبو داود ( 3429 ) وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ” نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عَسْب الفحل ” ، وعسب الفحل : هو ” الكراء الذي يؤخذ على ضراب الفحل ” انتهى من ” عمدة القاري شرح صحيح البخاري” (12/105) .
واستنادا على هذا الحديث منع العلماء من أخذ الأجرة على ماء الفحل ، قال الخطابي : ” فعلى الناس أن لا يتمانعوا منه . فأما أخذ الأجرة عليه فمحرم وفيه قبح وترك مروءة ” انتهى من ” معالم السنن ” (3/105) .

فإذا كان هذا في ماء البهائم الذي لا يترتب على بيعه مفسدة ، فكيف يكون الأمر في بيع ماء الإنسان الذي يترتب على بيعه ، بل والتبرع به : جملة من المفاسد والشرور ؟ .

يقول الشيخ بكر عبد الله أبو زيد رحمه الله في كتابه ” فقه النوازل ” (1/272) : ” وقد أثبت الواقع الأثيم المطالبة بوجود بنوك المني ( مراكز لحفظ المني ) ، وهذه سوق جديدة للمتاجرة بالنطف ، ووجود طراز جديد لاسترقاق بني الإنسان ، فأين هذا من تحطُّطِهم على الإسلام ببيع الرقيق . وعند قيام تلك : فإن عامل الحصول على المال – ونحن في عصر المادة والاستمتاع بالخلاق – سيدفع من لا خلاق له بالتغرير بالرجل العقيم : بأن ماءه يصلح للإنجاب ، فيأتي محله بماء رجل آخر سليم من العقم ” انتهى .

بل قد ذكرت النيوزويك (1985/3/18) : ” أن بنوك المنى تستخدم منى رجل واحد لتلقيح مائة امرأة …. وهناك احتمال كما يقول الدكتور جورجيس دافيد رئيس أكبر بنك للمني في فرنسا : ” كلما زاد عدد الذين يلقحون من النساء بماء رجل واحد كلما زاد الاحتمال بأن تلقح أمه أو أخته أو عمته أو خالته أو ابنته بمائه ” انتهى من ” مجلة مجمع الفقه الإسلامي ” .

أما بخصوص نسب هؤلاء الأشخاص الذين تخلقوا من مائك : فليس بينك وبينهم علاقة ولا يلتحقون بنسبك , ولا حقوق لهم عليك ؛ لأن هذا الماء هدر كماء الزنا ، فقد نصَّ العلماء على أن الماء الذي يخرج من الإنسان بطريق غير مباحة كالاستمناء ونحوه هدر ، إذا استدخلته المرأة الأجنبية فلا يترتب عليه نسب ، جاء في ” حاشية البجيرمي على الخطيب ” (4/46) : ” وليس من الذي خرج على وجه الحل : منيّه الذي أخرجه بيده لخوف الزنا ؛ لأن عدم الإثم فيه لعارض ، فلا نظر إليه , فلا يلزم بسبب استدخاله العدة ، ولا يثبت به النسب ” انتهى .

لكن هؤلاء الأولاد الذين تخلقوا من مائك : لهم حكم أولاد الزنا ، من حيث حرمة التزوج بالبنات ، أو ببنات الذكور منهم ، قال ابن قدامة رحمه الله : ” ويحرم على الرجل نكاح بنته من الزنا ، وأخته ، وبنت ابنه ، وبنت بنته ، وبنت أخيه وأخته من الزنا ، وهو قول عامة الفقهاء ” انتهى من ” المغني ” (7/91) .

والمسألة محل خلاف بين أهل العلم ، لكن هذا هو مذهب الجمهور ، وهو الراجح ، بل الصحيح .

ولا يعني هذا أنك تصير مَحْرما لهؤلاء النسوة ، بحيث يحل لك النظر لهن والخلوة بهن ، فإن التحريم في النكاح ، لا يلزم منه دائما المحرمية المبيحة للخلوة ونحوها ، وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم : (105913) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android