0 / 0

تراوده شكوك أنه ساهم في إلحاق ضرر بالغير

السؤال: 212417

ربما تكون المسألة التي سأعرضها غريبة جدا ، لكن ما جعلني أطرحها : هو شعوري بالندم ، و القلق ، والقصة هي : في يوم من الأيام كنت أود إصلاح إطارات سيارتي عند الميكانيكي ، وأنا في الطريق إلى الورشة كان في طريقي بركة مياه ، لا أعرف إن كانت مياه أمطار ، أو مجاري – أكرمكم الله – ، مررت عليها ، وبعد أن وصلت إلى الورشة خفت على نفسي ، ولم ألمس إطارات السيارة ؛ لأني أعرف أن مياه المجاري ، والأوساخ التي في الأرض قد تحمل بكتيريا ، و فيروسات خطيرة ، تسبب أمراضا قاتلة للإنسان ، لكني في نفس الوقت تهاونا ، وعدم مبالاة مني لم أنبه الميكانيكيي بأن يرتدي شيئا واقيا قبل أن يلمس الإطارات ؛ حتى لا يلوث يداه . سؤالي هو: في حالة لا قدر الله حدث مكره لهذا الرجل بسببي ، ومات ، هل هذا يعتبر شروع في القتل – والعياذ بالله – أو قتل الخطأ ؟ وما يكون موقفي شرعا بالضبط ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

هذا القلق الذي يعتريك وهذه الشكوك التي توهمك أنّك ساهمت في إلحاق ضرر بغيرك ، هي مجرد شكوك ووساوس ، فإن هذا الماء الذي مررت به : أنت لم تعلم حاله أصلا ، والأصل أن طين الشوارع ، وما فيها من ماء : على طهارته ، إلا إذا علم أنه ماء نجس .
ثم قد مرّت عجلات سيارتك على أرض بعدها ، وغالبا ما تساهم في إزالة وتنظيف ما قد التصق بالعجلات من قبل .
وبغض النظر عن ذلك كله : فمثل هذا القذر والأذى يكون ظاهرا للعيان ، فلو كان هناك ما يستوجب التنظيف ، أو الاحتراز : لتوقى منه هذا الرجل ، وهذه مهنته وصنعته ، وليس ما يصيب سيارتك بشيء نادر لا ينتبه إليه ، بل هو غالب معتاد ، والرجل أدرى بما يستوجب التوقي وما لا يستوجبه في مثل ذلك .
وليس من شك في أن ما ذكرته من احتمال تضرر الميكانيكي بذلك : ليس أكثر من وساوس وأوهام شيطانيه ، يلقيها الشيطان في نفسك ، لتبقى قلقا مضطربا ، حزينا من أمر لا حاصل له.
والشيطان كما يفتن الناس ويصرفهم عن الخيرات بالشهوات والشبهات ، كذلك يقعدهم عن العمل الصالح والنافع بالوساوس والأحزان .
والحزن على مالا يمكن تحققه ، أو يتعذر تداركه : من شأنه أن يدخل على القلب الوساوس ، ويشغله عمّا يفيده ، وينزل به الضعف والوهن ، وهذا معنى مردود ، وحال مذموم .
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الهمّ والحزن ، كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ ) . رواه البخاري (6369 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وأما ‏( الحزن‏ ) فلم يأمر اللّه به ولا رسوله ، بل قد نهى عنه في مواضع وإن تعلق بأمر الدين ، كقوله تعالى‏:‏ ‏( وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)‏ آل عمران/139‏‏، وقوله‏:‏ ‏( وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ ) ‏النحل‏ /127 ‏، وقوله‏ :‏ ‏( إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) ‏التوبة‏‏ / ‏40 ، وقوله‏:‏ ‏( وَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ ) ‏يونس/65 ، وقوله ( لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ) ‏الحديد‏/23 .‏ وأمثال ذلك كثير‏.‏
وذلك لأنه لا يجلب منفعة ، ولا يدفع مضرة فلا فائدة فيه ، وما لا فائدة فيه لا يأمر اللّه به …‏
وأما إن أفضى إلى ضعف القلب واشتغاله به عن فعل ما أمر اللّه ورسوله به كان مذمومًا عليه من تلك الجهة ، وإن كان محمودًا من جهة أخرى‏ " .
انتهى " مجموع الفتاوى " ( 10/16-17 ) .‏

والواجب عليك أن تقبل على ما ينفعك ، وتصرف عنك الوساوس والظنون والأوهام .
وينظر جواب السؤال رقم :(102851).
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android