هل يمكنني أن أسأل زوجتي عن ذنوبها التي ارتكبتها أثناء مكوثها بعيداً عني ، فزوجتي امرأة اعتنقت الإسلام منذ 4 سنوات ، وهي الآن تعيش في أوروبا ؛ لأنها اشترطت عليَّ قبل الزواج أن تمكث هناك لإكمال دراستها ، وقد وافقت على اعتبار أنها ستجلس مع عائلتها ، وإن كانت غير مسلمة ، واشترطتُ عليها أن تبقى هناك ، وأن تتجنب الوقوع في الذنوب ، وأن تحافظ على صلوات الفريضة ، وأن تمارس دينها .
وفي الشهر الماضي سألتها ما إذا كانت قد ارتكبت ذنباً خلال المدة الماضية في ذلك البلد الأوروبي ، فرفضت البوح بأي شيء ، وأردفت قائلة : لا أريد كشف خطيئتي ، ولن أكرر ذلك الذنب من جديد ، أي ذنب ؟! لا أدري !
فما رأيكم في هذا ؟ وهل يجوز لها أن تخفي عني ما اقترفته من ذنب ؟ وهل يمكنني أن أستفسرها كلما شككت بأنها ارتكبت ذنباً ؟
علماً أنني لا أملك القدرة على الذهاب والمكوث معها في بلادها ، وكل ما في الأمر أني في انتظارها هنا في مصر إلى أن تكمل دراستها .
حكم سؤال الزوجة عن ذنوبها
السؤال: 212785
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
ليس من حقك سؤال زوجتك عن ذنوبها ، سواء كان ذلك ذنبا قد وقع منها في زمن مضى من بعيد ، أو ذنبا ترى أنها وقعت فيه من قريب ؛ وليس لك – أيضا – مراجعتها لمعرفة تفاصيل هذه الذنوب ، ولا ينبغي لها هي أن تخبرك بها ، فكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له .
وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها ، فمن ألَمَّ بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله ) والقاذورات : يعني المعاصي ، رواه الحاكم في ” المستدرك على الصحيحين ” (4/425) ، وصححه الألباني في ” صحيح الجامع ” .
قال ابن عبد البرّ رحمه الله : ” في هذا الحديث دليل على أنّ السّتر واجب على المسلم في خاصّة نفسه ، إذا أتى فاحشةً ، وواجب ذلك أيضاً في غيره ” انتهى من ” التّمهيد ” (5/337) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلا الْمُجَاهِرِينَ ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلا ، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ : يَا فُلانُ ؛ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا ، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ ) رواه البخاري ( 5721 ) ، ومسلم ( 2990 ) .
وينبغي للمؤمن إحسان الظن ، وتغليب جانب الخير ، والبعد عن الشكوك والظنون التي لا مستند لها ؛ لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا ) الحجرات/12 .
فإن رابك منها شيء ، أو كرهت المقام معها ، ففارقها على حالها ، ولا تتحسس ، ولا تتجسس ، ولا تعمل على هتك الستر فيما بينها وبين ربها .
روى البخاري (4849) ، ومسلم (2563) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ ، وَلَا تَحَسَّسُوا ، وَلَا تَجَسَّسُوا ، وَلَا تَنَافَسُوا ، وَلَا تَحَاسَدُوا ، وَلَا تَبَاغَضُوا ، وَلَا تَدَابَرُوا ؛ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ) .
على أننا نصدقك القول والنصيحة : أنت جزء أصيل في هذه المشكلة ، حينما تقبل – من حيث الأصل – أن تبقى زوجتك بعيدا عنك ، وهي في ديار الغرب ، وبلاد الكفر ، وفي هذه السن المبكرة ؛ حيث لا قيم عليها ، ولا معين لها على الطاعة .
والواجب عليك ، متى رأيت إمساك زوجتك ، وطي صفحة الماضي : أن تحاول إصلاح هذا الوضع المختل ، بكل ما يمكنك ، فإما أن تتفاهم معها على المجيء إليك ، والسفر في وقت الاختبار ، متى اضطرت إلى ذلك ، أو أن تذهب إليها أنت ، وتقيم معها ، حتى تنتهي المدة التي شارطتك عليها .
نسأل الله أن يجمع بينك وبين زوجتك ، عاجلا ، على خير ما يحب ويرضى .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب