أنا فتاة أبلغ من العمر 25 سنة ، متدينة – والحمد لله – ، مواظبة على صلاتي وعباداتي ، وجميلة – والحمد لله – ، كل من يراني يريد الزواج بي ، لكن لا تكتمل القصة ، ذهبت إلى راقٍ شرعي ، وتبين أن بي سحر تعطيل زواج قديم ، وأنا مستمرة على العلاج ، هلا ساعدتموني ، مع العلم أن جدتي قامت بتصفيحي في صغري بواسطة حجر ، وأنا الآن أريد فتح هذا التصفيح ، فهل أقوم بنفس الطريقة أم ماذا ؟
تعاني من سحر تعطيل الزواج ، وتريد النصيحة .
السؤال: 213551
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
لا شك في وجود السحر وتأثيره على المسحور ، وأنه عمل خبيث من أعمال شياطين الإنس والجن ، ولا سبيل إلى كشف ضره وإزالة أثره وإبطال شره إلا بالاستعانة بالله تعالى واللجوء إليه ، عن طريق الدعاء والأذكار والرقى الشرعية ، مع حسن الظن بالله ، والإيمان بأن الضر والنفع لا يكون إلا بإذنه سبحانه .
ينظر لمعرفة كيفية الوقاية من السحر وعلاجه جواب السؤال رقم : (11290) ، (12819) ، (12918) ، (13792) .
أما علاج السحر وفكه بسحر مثله ، والاستعانة في ذلك بالسحرة والعرافين الذين يستعينون بالجن فلا يجوز ، وهو من الشرك .
وينظر لذلك جواب السؤال رقم : (48967).
ثانيا :
سحر التصفيح للبنات هو نوع من أنواع الربط ، تقوم به بعض الأمهات الجاهلات للحفاظ بزعمهن على بناتهنَّ حتى تظل الواحدة عذراء إلى أن تتزوج ، ثم تذهب الأم أو غيرها لتفك عنها السحر، وكثيرا ما يذهبون لفكه إلى السحرة والعرافين ، وهذا من الشرك بالله تعالى كما تقدم .
وهذا النوع من الربط يقوم فيه الجن بسد موضع الجماع عند المعاشرة ، وكثيرا ما تظل الفتاة مربوطة حتى وهي متزوجة ، مما ينتج عنه الكثير من المشاكل الأسرية والعائلية .
وطريقة إزالة هذا السحر وغيره إنما تكون بالرقى الشرعية ، والمحافظة على تلاوة كتاب الله وعلى الأذكار المطلقة والمقيدة ، كأذكار الصباح والمساء وأذكار الصلوات ، وأذكار النوم ، وغير ذلك .
فإذا عرف مكان السحر ، وأمكن استخراجه وإبطاله ، فهذا من أحسن ما يعالج به المسحور ، قال ابن القيم رحمه الله :
” ذِكْرُ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ هَذَا الْمَرَضِ – يعني السحر – وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِيهِ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا – وَهُوَ أَبْلَغُهُمَا – اسْتِخْرَاجُهُ وَإِبْطَالُهُ ، كَمَا صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَأَلَ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ فِي ذَلِكَ ، فَدَلَّ عَلَيْهِ فَاسْتَخْرَجَهُ مِنْ بِئْرٍ ، فَكَانَ فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةِ ذَكَرٍ، فَلَمَّا اسْتَخْرَجَهُ ذَهَبَ مَا بِهِ حَتَّى كَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَهَذَا مِنْ أَبْلَغِ مَا يُعَالَجُ بِهِ الْمَطْبُوبُ ، وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ إِزَالَةِ الْمَادَّةِ الْخَبِيثَةِ وَقَلْعِهَا مِنَ الْجَسَدِ بِالِاسْتِفْرَاغِ … ” انتهى من ” زاد المعاد”(4/ 114) .
فإذا كان هذا التصفيح قد عمل بواسطة حجر ، فأمكن كسر هذا الحجر وتفتيته ، أو كان في ورقة ، فأمكن استخراجها وحرقها وإزالة ما فيها من كتابة : فهذا جيد وهو من أنفع العلاج من السحر .
ثالثا :
بعض الناس قد يظن بمجرد تعطل بعض المصالح أنه مسحور ، ويغلب عليه هذا الظن حتى يصير بمنزلة اليقين عنده ، وربما كان في الحقيقة مجرد توهم لا أصل له
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
أنا أبلغ من العمر ثماني وعشرين سنة ، ولم أتزوج بعد ، وعندي شك بأنني مسحورة، ما هو الطريق الذي أسلكه حتى يبتعد عني ما أخافه ؟
فأجاب : ” هذه يا بنتي أوهام ، لا ينبغي لك أن تعتقديها ، هذه أوهام وليست سحرا ، ولكنها الأوهام التي تصيب الناس إذا تعطل شيء من شؤونهم ، توهموا أشياء فلا ينبغي لك أن تعتقدي هذا ، نعم، السحر موجود وله أسباب ، لكن ليس تعطل الزواج أو تعطل بيع السلعة، أو طول المرض يدل على السحر، فقد يقع بأسباب أخرى ، وإذا كنت شعرت من أحد ، أنه فعل شيئا أوجب لك ما يضرك : تعالجي، والحمد لله، العلاج موجود في كلام الله ، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ، فأحسن علاج وأولى علاج القرآن الكريم ، وتلاوة الآيات والنفث بها، على المسحور فإن هذا من أسباب شفاء الله ، فقد جعل كتابه شفاء من كل داء ، وشفاء من كل سوء، فالقرآن كله شفاء ، ولا سيما إذا قرأه القارئ المؤمن ، المعروف بالاستقامة إذا قرأه على المريض ، ونفث عليه ودعا له ، فلا شك أن هذا من أسباب الإجابة ، قد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرقي بعض أصحابه ، بل رقاه جبرائيل فالرقى معروفة، فإذا ظنت المرأة أنها مسحورة ، أو الرجل ، فليستعن بما شرع الله من الدعاء، وسؤال الله العافية، ولا مانع أن يستعين ببعض أهل العلم ، المعروفين بالخير في القراءة عليه ، والنفث عليه وذلك من أسباب الشفاء ، ومن أسباب الشفاء أيضا قراءة آيات السحر التي في سورة الأعراف ، ويونس ، وطه في إناء به ماء ، ثم يقرأ معها آية الكرسي ، وقل هو الله أحد والمعوذتين ، ثم يشرب من هذا الماء ثلاث حسوات ، ثم يغتسل بالباقي هذا مجرب في زوال السحر ، إذا كان موجودا عنده سحر، ومجرب في شأن الرجل إذا حبس عن زوجته ” .
انتهى باختصار من “فتاوى نور على الدرب” (3/ 307-309).
فننصحك بالاستدامة على طاعة الله وعبادته وذكره ، والاستعانة به وحسن الظن به ، والصبر واللجوء إلى الله تعالى في كشف الضر ، بكثرة الدعاء والتضرع ، وانشغلي بالدواء أكثر من انشغالك بالداء ، فإنه يزول عنك بذلك بإذن الله ، ومنه وكرمه .
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة