تمر حياتي بصعوبات عظيمة ، لي أختان أصبحتا تتصرفان بسوء وبسبب هذا قرر والدي أن لا يعيش معنا وأن يذهب ليعيش في باكستان، لكن أختيّ بدأتا تتلاعبان على أمي ولا يريدان أن ينتهيا عن تصرفاتهما السيئة .
إيماني أصبح أضحوكة لهم ، وأصبحت لهما علاقات محرمة ، يعيبون علي لأنني سوف أتزوج من ابنة عمي ويقولون بأن هذا غير جائز من جهلهم . أصبحت أشعر بأنني منبوذ في عائلتي بالضبط كما حصل لوالدي .
فقدت تركيزي في كل شيء وأكاد أفقد عقلي ، لا أشعر بالأمن وإذا شعرت به فلا يبقى هذا الشعور طويلاً .
كل يوم يمر صعباً علي لا أجد من يساعدني ، أخذت عهداً على نفسي بأن أتحمل هذا الوضع المزري في عائلتي ولكنني أشعر بالتعب والحزن .
أرجوك يا أخي أن تنصحني ، هل أترك البيت ؟ هل أعيش مع أبي في باكستان ؟ أرجو أن تخبرني هل هذا ابتلاء من الله أم أن الله يغفر بهذا ذنوبي ؟ .
هل يترك البيت لسوء تصرفات أختيه ؟
السؤال: 21356
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
أخطأ والدك بترك المنزل والرجوع إلى بلده ، والله سبحانه وتعالى حمَّله أمانة وهو قد فرَّط فيها ، وكان الواجب عليه البقاء بين أولاده لتربيتهم ورعايتهم والقيام على شئونهم ، وقد يكون سفر والدك هو السبب في زيادة السوء في تصرف أختيْك .
لذا فإننا ننصحك – أولاً – بضرورة إقناعه بالرجوع إلى أهله وأولاده ليقوم على رعايتهم وتربيتهم ، أو أن يُرجع الجميع معه إلى باكستان – ولو بطريق الجبر أو الحيلة – ، ولعل هذا هو الأفضل ؛ إذ قد يكون مكثكم في هذه البلاد بما فيها من كفر وفسق وانحلال خلقي هو الذي أثر في أخلاق وتصرفات أختيك .
ثانياً :
وإن على أمِّك – كذلك – أن تتقي الله تعالى في ابنتيها وأن لا تترك لهما الحبل على الغارب ، وقد تحمَّلت الآن مسئولية جسيمة وخاصة بعد مغادرة والدك ، لذا فإن عليها أن لا تتساهل مع ابنتيها ، ولا بدَّ من إيقاف أمك على خطورة ما تفعله أختيْك وما قد تسببه أفعالهما من ضرر في الدنيا عليكم جميعا ، وإثم في الآخرة عليهما وعلى من رضي بفعلهما أو سمح ويسر لهما سبل الفساد .
ثالثاً :
الواجب عليك الصبر والتفكير في كل تصرف قبل القيام به ، فلا البقاء معهم على إطلاقه خير ولا المغادرة والترك على إطلاقه خير ، بل الأمر يرجع إلى أثر بقائك ، وأثر مغادرتك ، فإن كان بقاؤك في المنزل سيؤثر على دينك أو عقلك ويجعلك تقع في الإثم : فإننا ننصحك بالمغادرة ، وإن كانت مغادرتك ستزيد من سوء تصرفاتهما ولا يؤثر بقاؤك على دينك وعقلك فقد يحرم عليك المغادرة لما قد تسببه مغادرتك من زيادة الآثام والتهرب من المسئولية والتفريط في الأمانة .
رابعاً :
لعل هذا أن يكون من ابتلاء الله لك لتكفير سيئاتك ورفع درجاتك لا من باب العقوبة ، لذا نوصيك بالصبر والتأني والتروي والدعاء والتذلل لربك عز وجل أن يهدي أختيك للخير والعفاف ، ونوصيك بأن تحاول أن تبحث عن أسباب الهداية لهما كتزويجهما أو تعرفهما على أخوات فاضلات أو تغيير مكان السكن أو ما شابه ذلك ، فلعل الله إن رأى منك صدقاً أن يوفقك ويهدي أختيك وأمك ، وأن يجمع شمل الأسرة على الدين والخير ، وهو سبحانه القادر والهادي .
وإليك هذه القصة فلعل فيها عبرة :
عن أبي هريرة قال : كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة فدعوتُها يوماً فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره ، فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي ، قلت : يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى عليَّ فدعوتُها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره ، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهمَّ اهد أم أبي هريرة ، فخرجتُ مستبشراً بدعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فلما جئتُ فصرتُ إلى الباب ، فإذا هو مجافٍ فسمعتْ أمِّي خشف قدمي ، فقالت : مكانك يا أبا هريرة ، وسمعتُ خضخضة الماء ، قال : فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها ففتحت الباب ثم قالت : يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله قال فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته وأنا أبكي من الفرح قال قلت يا رسول الله أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة فحمد الله وأثنى عليه وقال خيراً ، قال : قلت يا رسول الله ادع الله أن يحبِّبني أنا وأمِّي إلى عباده المؤمنين ويحببهم إلينا ، قال : فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : ” اللهم حبب عُبَيْدَك هذا – يعني : أبا هريرة – وأمَّه إلى عبادك المؤمنين ، وحبِّب إليهم المؤمنين ” ، فما خُلِْق مؤمنٌ يسمع بي ولا يراني إلا أحبَّني .
رواه مسلم ( 2491 ) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب