0 / 0

ضوابط الأخذ بالأسباب .

السؤال: 213652

كيف لي أن أعرف إن كنت قد بذلت الأسباب الكافية التي أشعر من خلالها أني قد بذلت ما بوسعي ، وأنه يمكنني الآن أن أتوكل على الله ، وأنا مطمئن النفس . أو بعبارة أخرى : ما الضابط في بذل الأسباب ؟ فبعض الناس يقول مثلاً "أعقلها وتوكل" ، فهل من الأسباب أن أعقلها بسلسلة حديدية ، أم أن هذه مبالغة في بذل السبب ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل على الله ، بل ذلك مما أمر الشرع به ، مع الاعتقاد أنَّ الضر والنفع بيد الله سبحانه ، وأنه هو الذي خلق الأسباب والمسببات .
ولا بد أن يوجد ارتباط حقيقي بين السبب والمسبب ، ويعرف ذلك بالتجربة ، أو العادة ، أو الخبر الشرعي ، ونحو ذلك .
ثم لا بد أن يكون السبب مشروعاً ؛ فالغاية المحمودة المشروعة ، لا بد أن تكون الوسيلة إليها أيضاً : جائزة مشروعة .
ثم على العبد أن يتوسط في أمره بين الأمرين : فلا هو بالذي يهمل الأسباب مطلقاً ، ولا هو بالذي يتعلَّق قلبه بها ، إنما يتوسل بها ، كما يتوسل الناس ، في عاداتهم ، وأمور حياتهم ، ثم لا يتعلق قلبه بالسبب ، بل بالخالق جل جلاله ، مالك الملك ، ومدبر الأمر كله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الِالْتِفَاتَ إلَى السَّبَبِ : هُوَ اعْتِمَادُ الْقَلْبِ عَلَيْهِ وَرَجَاؤُهُ وَالِاسْتِنَادُ إلَيْهِ ، وَلَيْسَ فِي الْمَخْلُوقَاتِ مَا يَسْتَحِقُّ هَذَا ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مُسْتَقِلًّا ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ شُرَكَاءَ وَأَضْدَادٍ ، وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ : فَإِنْ لَمْ يُسَخِّرْهُ مُسَبِّبُ الْأَسْبَابِ ، لَمْ يُسَخَّرْ " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (8/169) .
وأما ضابط الأخذ بالسبب في ذلك ، فهو في كل شيء بحسبه ، فالاحتياط للمرض الخفيف ـ مثلا ـ ليس كالاحتياط للمرض الشديد ، والاحتياط في المحافظة على الشيء الغالي القيمة ، الثمين ، ليس كالاحتياط في المحافظة على الشيء الزهيد القيمة ، وهكذا .
والأخذ بالسبب في طلب الرزق ، يختلف عن السبب لدفع المرض ، والأخذ بالسبب للطعام والشراب ، ليس هو كالأخذ بالسبب في حصول الولد ، وصلاحه وتربيته ، وهكذا فسبب كل شيء : هو بحسبه ، ثم الضابط في تمييز حال المفرط المضيع ، من حال الكيِّس الحريص : يختلف من أمر لأمر ، ومن حال لحال ، ومثل ذلك يعرفه الناس من أنفسهم ، ومن معتاد أحوالهم .
ينظر جواب السؤال رقم : (11749) ، (130499) .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android