,
ما حكم هذه الرسالة ، رسالة أبكتني حقا :
حوار بين الله والإنسان :
الله : عبدي ، قم وصل صلِ صلاة الليل المكونة من 11 ركعة ؟
العبد: الهي ! أنا متعب ! لا أستطيع .
الله : عبدي ، فقط ركعتين صلاة الشفع وركعة الوتر ؟
العبد: الهي! أنا متعب ، ويصعب علي الجلوس في منتصف الليل .
الله : عبدي قبل أن تنام صل هذه الثلاث الركعات ؟
العبد: يا رب إن ثلاث ركعات كثيرة .
الله : عبدي صل فقط ركعة الوتر ؟
العبد: الهي ! اليوم متعب جدا ! ألا يوجد طريق آخر ؟
….
وهكذا ، في رسالة طويلة ، إلى أن تقول الملائكة : يا رب ، ألا تريد أن تغضب عليه ؟
الله: عبدي ليس له أحد سواي لعله تاب ….. إلى آخر حوار طويل ، جاء في هذه الرسالة ؟!
التحذير من رسالة : حوار بين الله والإنسان !!
السؤال: 214045
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذه الرسالة هي ضرب من الكذب ؛ بل هي من أشنعه وأرداه لصاحبه : أن يتوهم العبد من عنده كلامه ، ثم ينسبه لرب العالمين ؛ وقد قال الله جل جلاله : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة/168-169، وقال تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33 ؛ فبأي علم ، وبأي سلطان من الله ، يقضي القائل على ربه أنه قال لعبده هذا الحوار ، بغض النظر عما إذا كان مضمونه حقا ، أو باطلا ، خطأ أو صوابا ؟!
وقد حذر الله عباده من أن يتبعوا أمرا ، لم يأتهم منه علم ولا برهان ؛ فقال : ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) الإسراء/36 ، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال ـ كما رواه البخاري (1229) ومسلم (4) ـ : ( إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ) ؛ فكيف بمن كذب على الله جل جلاله ، وتقول عليه قولا ، من غير برهان عنده ، وسلطان : أنه الله قد قاله ؟!
وانظر ، كيف أن الله تعالى قد جعل التقول عليه ، وافتراء الكذب على الله ، قرينا لتكذيب آياته وكتابه ؛ قال تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ) الأنعام/21 .
والآيات في ذلك المعنى كثيرة معلومة .
ثم لا حاجة بنا بعد ذلك إلى أن تتبع ما في هذا الكلام من السماجة ، وسوء الأدب ، والتكلف ؛ فمثل هذا الكلام : صوابه وخطؤه سواء ؛ فلا يحل لعبد أن ينسب إلى مقام الله شيئا ، لم يأته برهان من الوحي به .
وأما أنه أبكى فلانا ، أو نفع فلانا ؛ أو ما إلى ذلك ؛ فكان ماذا ؟!
أوليس الرهبان ، وأشباههم يبكون ، ويخشعون ، ويترهبون ، ويتعبدون ؟!
فكان ماذا ؟!
وقد قال الله تعالى : (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً * تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ * لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ * لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ) الغاشية/1-7 .
قال ابن كثير رحمه الله :
” قَوْلُهُ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ أَيْ: ذَلِيلَةٌ. قَالَهُ قَتَادَةُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَخْشَعُ وَلَا يَنْفَعُهَا عَمَلُهَا !!
وَقَوْلُهُ: عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ أَيْ: قَدْ عَمِلَتْ عَمَلًا كَثِيرًا، وَنَصَبَتْ فِيهِ، وَصَلِيَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَارًا حامية.” انتهى من “تفسير ابن كثير” (8/384) .
والواجب أن يحذر العبد من تلاعب الشيطان به ، وتزيينه الباطل ، بشيء من الخشوع ، أو البكاء ، أو الكلام المنمق والمزوق ؛ ففي كتاب الله ووحيه ما يغني عن ذلك ؛ وقد قال الله تعالى : ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) الزمر/23.
عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَلَا عَلَيْهِمْ زَمَانًا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ قَصَصْتَ عَلَيْنَا ؟
فَأَنْزَلَ اللَّهُ: الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينَ [يوسف: 1] إِلَى قَوْلِهِ: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ [يوسف: 3] .
فَتَلَاهَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَانًا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ حَدَّثْتَنَا؟
فَأَنْزَلَ اللَّهُ: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا [الزمر: 23] الْآيَةَ ؛ كُلُّ ذَلِكَ يُؤْمَرُونَ بِالْقُرْآنِ» .
رواه ابن حبان (6209) وغيره ، وصححه الألباني .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة