0 / 0

تسمية البعوض بــ ” الناموس ” مع إطلاق ذلك على ملك الوحي ؟

السؤال: 214193

هل يجوز تسمية الحشرة المعروفة باسم (الناموس) بذلك الاسم ؟
فهل يجوز ذلك ، مع أنه قد ورد في صحيح البخاري : ( هذا الناموس الذي نزل الله على موسى ) ، وقد قرأت أن المقصود بالناموس في الحديث الذي في صحيح البخاري ، هو جبريل.
فهل يعد تسمية الحشرة المعروفة باسم الناموس بذلك الاسم محرما ؟

ملخص الجواب

والحاصل : أنه لا حرج في إطلاق اسم الناموس على حشرة البعوض ، وأنه هذا من قبيل المشترك اللفظي .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

مما تتسم به لغتنا العربية : اتساع ألفاظها لكثير من المعاني ، فتجد للكلمة الواحدة أكثر من معنى ، فيكون معنى الكلمة بحسب ورودها في الجملة التي سيقت فيها ، فيتنوع المعنى والكلمة واحدة ، وهذا ما يسمى بالاشتراك اللفظي ، فالمشترك اللفظي هو: اللفظ الواحد الدال على معنين مختلفين فأكثر، دلالة على السواء عند أهل تلك اللغة . انظر ” تاج العروس” (1/25).
فمن ذلك : لفظ ” العين” ، يطلق على : عين المال ، والعين التي يبصر بها، وعين الماء، وعين الشيء إذا أردت حقيقته .

ومن ذلك الباب : كلمة : ” الناموس ” فلها عدة معان ، فتأتي بمعنى المكر ، وبمعنى وعاء العلم ، وبمعنى صاحب السر ، وبمعنى النمام ، وبمعنى بيت الراهب ، وغير ذلك من المعاني .
قال الزبيدي رحمه الله في ” تاج العروس” (16/ 580-581):
” النَّامُوسُ: صَاحب السِّرِّ، أَي سِرِّ المَلك ، وأَهْلُ الكِتابِ يُسَمُّون جِبْرِيلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : النّامُوسَ الأَكْبَرَ، هُوَ المُرَادُ فِي حَدِيثِ المَبْعَثِ ، فِي قولِ وَرَقَةَ ، لأَنَّ اللهَ تَعَالَى خَصَّه بالوَحْيِ والغَيْبِ الَّذي لَا يَطَّلِع عليهِمَا غيرُه ، والنّامُوسُ: الحَاذِقُ الفَطِنُ ، والنّامُوسُ: مَنْ يَلْطُفُ مَدْخَلُه، فِي الأُمُورِ بِلُطْفِ إحْتِيَالٍ ، والنَّامُوسُ: الشَّرَكُ ، لأَنّه يُوَارَى تَحْتَ الأَرْضِ ، والنّامُوسُ: النَّمَّامُ، كالنِّمَّاسِ ، وَقد نَمَسَ ، إِذا نَمَّ . والنَّامُوسُ: عِرِّيسَةُ الأَسَدِ ، شُبِّه بمَكْمَنِ الصّائِدِ ، والنِّمْسُ: دُوَيْبَّةٌ عَرِيضَةٌ كَأَنَّهَا قِطْعَةُ قَدِيدٍ ، تكون بِمِصْرَ ونَوَاحِيها، وَهِي من أَخْبَث السِّبَاعِ .
والنّامُوسُ : المَكْرُ والخِداعُ ، يُقَال: فُلانٌ صاحبُ نامُوسٍ ونَوَامِيسَ وَمِنْه نَوامِيسُ الحُكَمَاءِ ، والنّامُوسُ: بَيْتُ الرّاهِبِ. والنَّامُوسُ: وَعَاءُ العِلْمِ. والنّامُوسُ: السِّرُّ ” انتهى .
وينظر : ” لسان العرب” (6/ 243) .

وقد ثبت إطلاق ” الناموس” على ملك الوحي – جبريل – عليه السلام ، في قول ورقة بن نوفل رضي الله عنه ، في قصة بدء الوحي : ” هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ” رواه البخاري (3) ، ومسلم (160) .
فالمقصود به هنا : جبريل عليه السلام ، قال النووي رحمه الله :
” اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُسَمَّى النَّامُوسَ ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ هُنَا، قَالَ الْهَرَوِيُّ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَصَّهُ بِالْغَيْبِ وَالْوَحْيِ ” انتهى .

وكذلك : حشرة البعوض ، تسمى أيضا بـ”الناموس” ، وهي تسمية قديمة ، ليست محدثة ولا دارجة .
قال النويري رحمه الله في ” نهاية الأرب ” (10/ 301) :
” البعوض صنفان: صنف يشبه القراد ، لكن أرجله خفيّة ورطوبته ظاهرة ، يسمّى بالعراق والشأم : الجرجس والفسافس، وبمصر: البقّ ، ويشمّ رائحة الإنسان ويتعلّق به ، وله لسع شديد ، ولدمه إذا قتل رائحة كريهة ، وهذا الصنف ليس من الطير. والصنف الثانى: طائر ويسمّيه أهل العراق: البقّ والبعوض، ويسمّيه أهل مصر: الناموس ” انتهى ، وينظر : “حياة الحيوان الكبرى” (1/ 468) .
وجاء في “المعجم الوسيط” (1/ 63):
” (البعوض) جنس حشرات مضرَّة من ذَوَات الجناحين ، وَهُوَ (الناموس) ” انتهى .

والحاصل : أنه لا حرج في إطلاق اسم الناموس على حشرة البعوض ، وأنه هذا من قبيل المشترك اللفظي .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android