0 / 0

يظن أن أحدهم أفسد عليه محبوبته لذلك بقي تعلقه بها بعد زواجها

السؤال: 214305

أحببت فتاة منذ كانت صغيرة ، ولم يحدث أي شيء حرام والله أعلم ، ولا حتى كلام غير رسمي بيننا ، ولكن كنا نفهم سوية أني سأطلبها عندما أكون جاهزا ، شخص عدو لي سرق بياناتي على الكمبيوتر والإيميل وغيره ، وأصبح يزعجها باسمي ، ولا أعلم كم تمادى ، وحيث إنه لم يكن هناك اتصال بيننا ، وذلك لأني راعيت عدم الاختلاط ، وعدم المراسلة وغيره حتى أطلبها ، لم أكن أعلم ما يجري من خلف ظهري ، فكرهتني ، وتزوجت غيري ، وأنا بريء مما نسب لي .
عندما ينتحل أحد شخصية آخر يستطيع فعل أي شيء من كلام قليل الأدب ، إلى صور فاحشة ، وغيره مما لا أعرفه حقيقة ، لكن المهم أنها ذهبت وأنا لا أستطيع أن أنسى ، فكيف أنسى كل هذا الظلم ، وأنه بسبب هذا العدو فقدت من أحببت ، هذا ليس شعور مَن تركه مَن يُحب ، لكنه شعور مَن كان متأكدا أن المرأة تريده ، وجاء آخر فخربها .
أنا لم أتصل بها بعد زواجها حتى لا أسبب لها مشاكل ، وأريد أن أستبقك الكلام أنني لم أفعل أي شيء من الاتصال أو الكلام أو الخلوة أو الاختلاط أو أي شيء ، وهذا ما سهل لعدوي الإيقاع بي لأننا لو كنا نتكلم لقلت لها : لست أنا ، ولم أرسل شيئا على الإيميل .
كيف أنسى الآن ؟
أنا متأكد أنها تحبني ، وأنها خُدعت ، ولأنها إنسانة محترمة ، كرهتني بعد أن شوهت صورتي وأنا مظلوم ، بالعكس استقامتي معها سهلت له اللعب من وراء ظهري ، وأنا غافل ، والألم لا يطاق ؛ لأنه ألم الظلم وفراق المحبوب معا ، وهذا حب عذري وشريف ، لم أتكلم كلمة ، بل انتظرت حتى أخطبها عندما أكون جاهزا ، وأنا طالب في بلد آخر .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

كل من يقرأ سؤالك لا بد أن يثني على استقامتك في شأن تلك الفتاة ، وعدم تعرضك لها بالمحادثة أو المخاطبة أو التواصل خارج إطار الزوجية ، وهذا ثبات منك وصبر تحمد عليه ، ونرجو لك فيه الأجر والثواب عند الله سبحانه وتعالى .
غير أننا في الوقت نفسه نعاتبك على ما صنع بك ذلك ” الحب “!! غير المبرر إلى تلك الدرجة، إذ لا يتصور حب يبلغ هذا القدر من غير تواصل أو محادثة ، ولو وقع فالعاقل هو الذي لا يسمح للأماني والأحلام أن تأخذه بعيدا ، قبل أن يتحقق شيء منها ، ويراها واقعا على الأرض ، خاصة في تلك الفتاة التي لم تتواصل معها ، ولكنك في الوقت نفسه بنيت قصورا وآمالا عراضا ، استرسلت فيها مع نفسك ، وبدأت تتعلق بها وتعيش معها يوما بيوم ، إلى أن بسطت سطوتها على قلبك ، وهذا ما يقع مع كثير من الناس ، حتى لو كان المتعلَّق به جمادا وليس إنسانا ، فإذا أطال التفكير به ، واسترسل في تصوراته وتخيلاته عنه ، فإنه سيشكل في قلبه عقدة يعاني في زوالها والتخلص منها ؛ ذلك أن القلب البشري يملك قدرة كبيرة على التمني والتخيل ، كما يملك سطحا أملس تنعكس عليه جميع الصور التي تعرض له ، حتى يثبت منها ما يطيل التفكير به ، وحينئذ تسيطر آلام الحب التي وصفتها في سؤالك بأنها ” لا تطاق ” .
ولكن للأسف ، يكتشف الشاب بعد حين من الزمان ، حين تمر به الأيام والشهور وقد توقف عن ذلك التأمل والتفكير بالمحبوب ، أنه عاش مرحلة بائسة من الوهم ، ومرحلة مؤلمة من الأحلام غير الواقعية ، يظن فيها أن ذلك المحبوب هو الأول والأخير ، وأن لا سعادة ولا هناء إلا بالحصول عليه ، واستمرار التعلق به !! وكل ذلك من تلبيس الشيطان ، وفراغ القلب عن ما يدفع عنه تلك الأسقام .
ولو تأملت لعلمت أن القلب الذي تعلق بتلك الفتاة – من غير تواصل ولا مخالطة – يمكنه أن يجد سعادته مع فتاة أخرى ، يخطبها ويعقد قرانه عليها ، فيبدأ قلبه بتحويل بوصلته نحوها ، فيسمع حديثها ويرى من صفاتها وأخلاقها ، فحينئذ لن يملك القلب إلا أن يتجاوز ما مضى ، ويتمسك بحاضره الجديد ، وسعادته القادمة ، فتلك هي الطبيعة البشرية التي فطرنا الله عليها ، ولولا ذلك لمات البشر عند أول فاجعة ، ولما عمرت الأرض رغم ما فيها من كوارث وأحزان .
قد لا يكون كلامنا – من منظورك العاطفي – علاجا في الصميم ؛ لكنك استشرتنا ونحن مؤتمنون على نصحك ، ونستطيع أن نؤكد لك ونطمئنك أن ستة أشهر – كما يقول خبراء النفس – أو أقل كفيلة بتطهير قلبك من ذلك التعلق الوهمي ، واستعدادك بعدها لبدء حب زوجي شرعي جديد ، فما مضى فات وانقضى ، وإياك أن تستمر بالتفكير فيه ، فالفتاة قد تزوجت وذهبت إلى أسرتها الجديدة ، وسواء كانت تحبك ـ يوما ما ـ حقيقة ، أو كان ذلك محض وهم منك ، فقد فات وقت ذلك كله . وسواء كانت هي سعيدة في زواجها أم شقية ، فليس ذلك من شأنك ، ولا يجوز لك التفكير فيه ، والشيطان هو الذي يوحي إليك باستمرار حبها لك وتعلقها فيك ، ولو كان ذلك صوابا : فالوقت قد فات ، وزواجها سينسيها الماضي ويشغلها بالحاضر ، كما يجب أن ينسيك أنت أيضا ، ويشغلك بحاضرك ومستقبلك .
أما ذلك الذي تعدى على بياناتك الشخصية ، واستعملها في الإفساد : فأمره إلى الله عز وجل ، إن كان قد فعل ذلك حقا فسيجازيه الله سبحانه .
وأما من جهتك أنت ، فرأينا أن تنظر إلى الأمر بإيجابية ، فقد سخر الله تعالى لك ما حصل ، ليصرف عنك ذلك الزواج ؛ فمن يدري ماذا كانت تجريه عليك الأقدار ، لو أن زواجك من هذه الفتاة قد تم ؟!
فاحمد الله سبحانه على كل حال ، وتأسَّ بمن حولك ، تجد مئات النماذج من الشباب والرجال الذين تمكنوا من تجاوز علاقات قديمة ، واستئناف حياة جديدة ، وقد لا يكون بعضهم من أهل الالتزام والاستقامة ، فمثلك أولى بذلك ، وأقدر على البحث عن فتاة خلوقة تلائمك ، وتستكمل معها مشوار حياتك ، فالنساء جنس واحد ، في الصالحات منهن خير كثير ، وما عليك سوى الاجتهاد في البحث ، وسؤال الله التوفيق .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android