0 / 0

درجة حديث ( ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان) والمقصود به ؟

السؤال: 214533

أود أن أسألكم عن صحة هذا الحديث ، وما تفسيره ؟
روى أبو نعيم في ” دلائل النبوة ” : ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ألا إن رحى الإسلام دائرة , فدوروا مع الكتاب حيث دار , ألا إن كتاب الله والسلطان سيختلفان , فلا تفارقوا الكتاب , ألا إنه سيكون عليكم أمراء يرضون لأنفسهم ما لا يرضون لكم , إن أطعتموهم أضلوكم , وان عصيتموهم قتلوكم ) ، قالوا : وما نفعل يا رسول الله ؟ ، قالّ: ( كما فعل أصحاب موسى , حملوا على الخشب , ونشروا بالمناشير, فوالذي نفس محمد بيده , لموت في طاعة خير من حياة في معصيته ).

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

هذا الحديث رواه الطبراني في ” المعجم الكبير” (20/90) ، و” المعجم الصغير” (2/ 42) ، و ” مسند الشاميين ” (1/ 379) من طريق عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنِ الْوَضِينِ بْنِ عَطَاءٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَرْثَدٍ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَل ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( خُذُوا الْعَطَاءَ مَا دَامَ عَطَاءً ، فَإِذَا صَارَ رِشْوَةً فِي الدِّينِ فَلَا تَأْخُذُوهُ ، وَلَسْتُمْ بِتَارِكِيهِ ؛ يَمْنَعْكُمُ الْفَقْرَ وَالْحَاجَةَ ، أَلَا إِنَّ رَحَى الْإِسْلَامِ دَائِرَةٌ ، فَدُورُوا مَعَ الْكِتَابِ حَيْثُ دَارَ ، أَلَا إِنَّ الْكِتَابَ وَالسُّلْطَانَ سَيَفْتَرِقَانِ ، فَلَا تُفَارِقُوا الْكِتَابَ ، أَلَا إِنَّهُ سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يَقْضُونَ لِأَنْفُسِهِمْ مَا لَا يَقْضُونَ لَكُمْ ، إِنْ عَصَيْتُمُوهُمْ قَتَلُوكُمْ ، وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ أَضَلُّوكُمْ ) .
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، كَيْفَ نَصْنَعُ ؟
قَالَ: ( كَمَا صَنَعَ أَصْحَابُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ، نُشِرُوا بِالْمَنَاشِيرَ ، وَحُمِلُوا عَلَى الْخَشَبِ ، مَوْتٌ فِي طَاعَةِ اللهِ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ ) .
ومن طريقه رواه أبو نعيم في ” حلية الأولياء ” (5/166) وقال : ” غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ ، لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ إِلَّا يَزِيدُ ، وَعَنْهُ الْوَضِينُ “. انتهى
وهذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم بسبب الانقطاع في سنده ، حيث إن يزيد بن مرثد لم يسمع من معاذ بن جبل.
قال أبو حاتم : ” يزيد بن مرثد أبو عثمان الهمداني روى عن معاذ بن جبل وأبي الدرداء مرسَلَيْن [ يعني : ولم يسمع منهما ” انتهى من ” الجرح والتعديل” (9/288) .
وقال الذهبي : ” أرسل عَنْ : مُعَاذٍ ، وَأَبِي ذَرٍّ ” انتهى من ” تاريخ الإسلام ” (7/281) .
وقال العلائي : ” يزيد بن مرثد الهمداني تابعي … وروى عن معاذ بن جبل وأبي ذر وغيرهما من متقدمي الصحابة رضي الله عنهم ، وهو أيضاً مرسل ” .
انتهى من ” جامع التحصيل” (ص: 302) .
وقال الهيثمي : ” رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ ، وَيَزِيدُ بْنُ مَرْثَدٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مُعَاذٍ ، وَالْوَضِينُ بْنُ عَطَاءٍ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ ” انتهى من ” مجمع الزوائد” (5/228) .
وأما راويه عن يزيد بن مرثد فهو : الوضين بن عطاء الشامي ، مختلف في توثيقه كما ذكر الهيثمي .
قال ابن سعد : ” وكان ضعيفًا في الحديث “.
وقال يحيى بن معين: ” الوضين بن عطاء لا بأس به ” .
وقال الإمام أحمد: ” الوضين بن عطاء ثقة ، ليس به بأس “.
وقال ابن أبي حاتم : سألت أبي عن الوضين بن عطاء فقال: ” تعرف وتنكر “.
وَقَال ابْن عدي : “ما أرى بأحاديثه بأسًا ” .
للوقوف على كلام العلماء فيه ينظر: ” الطبقات الكبرى ” (7/323) ، ” الجرح والتعديل ” لابن أبي حاتم (9/50) ، “تهذيب الكمال ” (30/451) ، “ميزان الاعتدال ” (4/334) .
وقد رواه إسحاق بن راهويه من طريق سُوَيد بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ الدِّمَشْقِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَرْثَدٍ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، به . ينظر: ” المطالب العالية ” (4/377) .
فجعله من رواية عبد الرحمن بن يزيد عن يزيد بن مرثد دون ذكر الوضين .
وسويد بن عبد العزيز ضعيف.
قال الذهبي : ” قال البخاري : في بعض حديثه نظر ، وقال أحمد وغيره : ضعيف ، وعن أحمد أيضا: متروك ” انتهى من ” ميزان الاعتدال ” (2/252) .
والحاصل :
أن الحديث من حيث الصنعة الحديثية في سنده ضعف ، وقد ضعفه أيضاً الشيخ الألباني في ” تخريج أحاديث مشكلة الفقر ” (ص 11).
ولكن ضعفه ليس شديداً ، والمعاني التي تضمنها الحديث في مجملها صحيحة ، حيث تدور على التحذير من أعطيات السلطان إذا كان يُراد به شراء الذمم لقول ما لا يرضي الله ، والتوصية بكتاب الله والتمسك به ، وأنه سيكون أمراء ينحرفون عن منهج الله ، فالحذر الحذر من متابعتهم والسير في ركبهم ، وكل هذا ثابت بنصوص أخرى صحيحة .
ففي صحيح مسلم (1854) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( إِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ ، فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ ، فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ ، وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ ).
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا نُقَاتِلُهُمْ ؟
قَالَ: ( لَا، مَا صَلَّوْا ).
قال النووي : ” ( وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ ) مَعْنَاهُ : ولَكِنَّ الْإِثْمَ وَالْعُقُوبَةَ عَلَى مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ إِزَالَةِ الْمُنْكَرِ لَا يأثم بمجرد السكوت ، بل إنما يأثم بالرضى به أو بأن لا يَكْرَهَهُ بِقَلْبِهِ أَوْ بِالْمُتَابَعَةِ عَلَيْهِ ” انتهى من ” شرح النووي على صحيح مسلم ” (12/243) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android