تنزيل
0 / 0
54,75020/03/2015

كيف يمكن أن يصيب المني الثياب دون المذي ؟

السؤال: 215181

خروج المذي حتمي قبل خروج المني . والقاعدة معلومة أن المذي نجس ، أما المني فطاهر ، فكيف إذاً نفهم حديث عائشة رضي الله عنها في ” صحيح مسلم ” عندما قالت : ( إنها كانت تفرك المني من ملابس رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يصلي فيها ) أي بعبارة أخرى : كيف يمكن أن تُصاب الملابس بالمني قبل أن يقع عليها المذي ؟ أرجو توضيح هذا الإشكال .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
الحكم بطهارة شيء أو نجاسته هو حكم شرعي ، أي : يجب أن يُتَلَقَّى من الشرع ، ويؤخذ
من الأدلة الشرعية .
فإذا أردنا معرفة حكم المني من حيث الطهارة أو النجاسة ، فإننا ننظر إلى الأدلة
الشرعية ( الكتاب والسنة النبوية والإجماع والقياس … وسائر الأدلة ) لاستخلاص هذا
الحكم ، وسنجد أن الأدلة الشرعية تدل على طهارة المني ، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى
رقم  : (170012) .

ثم إذا ورد إشكال على هذا الحكم الشرعي المستفاد من
الأدلة الشرعية : فالواجب البحث له عن جواب سليم مقنع تجتمع به الأدلة الشرعية مع
واقع الأمر ، أو مع ما يظنه السائل واقعاً .

والإشكال الذي ذكره السائل هنا إشكال وارد بلا شك ،
وهو ليس جديداً ، فقد تحدث العلماء عنه قديماً ، وأجابوا عنه أيضا !!

والجواب على هذا الإشكال من عدة أوجه :
الأول : أن القول بأن “خروج المذي قبل المني هو أمر حتمي” : قول غير صحيح ؛ وأنه لا
تلازم بين خروج المني ، وخروج المذي قبله .
قال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله في “المغني” (2/499) ” وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي
الْمَنِيِّ مِنْ الْجِمَاعِ أَنَّهُ نَجِسٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنْ
الْمَذْيِ .
وَقَدْ ذَكَرْنَا فَسَادَ هَذَا .
فَإِنَّ مَنِيَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا كَانَ مِنْ
جِمَاعٍ [ لأن الأنبياء لا يحتلمون ] ، وَهُوَ الَّذِي وَرَدَتْ الْأَخْبَارُ
بِفَرْكِهِ ” انتهى .
وانظر : ” الشرح الكبير ” (1/309) .
والإشارة بقوله : ” وقد ذكرنا فساد هذا ” ، إلى ما ذكره قبل ذلك بعدة صفحات (2/492)
وهو يرد على كلام القاضي قال : ” وَلَا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ ، فَإِنَّ الشَّهْوَةَ
إذَا اشْتَدَّتْ خَرَجَ الْمَنِيُّ دُونَ الْمَذْيِ ، كَحَالِ الِاحْتِلَامِ ”
انتهى .
وانظر : ” المبدع ” (1/218) .
وقد نقل الحافظ ابن حجر في ” فتح الباري ” (1/398) جواب ابن قدامة رحمه الله ووافقه
عليه .
وعلى هذا ؛ فالمقدمة التي بُني عليها هذا الإشكال غير صحيحة .

الوجه الثاني :
على فرض أن هذه المقدمة صحيحة – وهي ليست كذلك – فإن هذا المذي هو شيء يسير : خالط
المني ، واستُهلِك فيه ؛ فلم يبق له أثر ، ولم ينجس المحل .
وإذا كان يعفى عن يسير المذي المنفرد ، كما هو الأصل في النجاسات التي يُعفى عن
يسيرها ؛ فمن باب أولى يُعفى عن يسيره المختلط بالمني الطاهر .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” النجاسات على قسمين :
ما يبطل الصلاة قليلها وكثيرها .
وما يعفى عن يسيرها .
أما المذي فيُعفى عنه في أقوى الروايتين ؛ لأن البلوى تعم به ، ويشق التحرز منه ،
فهو كالدم ، بل أولى ؛ للاختلاف في نجاسته ، والاجتزاء عنه بنضحه ” انتهى من ” شرح
عمدة الفقه لابن تيمية – من كتاب الطهارة والحج ” (1/ 104) .
ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” يُعفى عن النجاسات فيما يأتي :
أولا : يسير الدم وما تولد منه ، إلا دم الحيض .
ثانيا : يسير المذي وسلس البول مع كمال التحفظ … إلخ ” انتهى من ” تعليقات الشيخ
ابن عثيمين على الكافي لابن قدامة ” (1/ 56 ، بترقيم الشاملة آلياً )

وقد ذهب بعض العلماء إلى نجاسة المني لأنه يخرج من
مخرج البول ، فيتنجس بآثار البول ، وأُجيب بجوابين :
1- أن هذا مما عَفَى الشرع عنه .
2- أن ملاقاة النجاسة في الباطن لا تؤثر، وإنما تؤثر ملاقاتها في الظاهر .
انظر : ” المجموع ” للنووي (1/301) ، (2/574) .
وللمزيد يرجى مراجعة الفتوى رقم : (97942)
، (194692) .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android