0 / 0
8,33530/05/2014

الإعسار بالسداد

السؤال: 216282

أعسر المشتري بالثمن ، فتصالحا على فسخ البيع بعد مدة .
فهل يجوز أن يأخذ البائع عوضا عن مدة بقاء السلعة عند المشتري ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

تصالح البائع والمشتري على الفسخ هو ما يسميه الفقهاء رحمهم الله بـ ” الإقالة ” ؛ حيث إن البائع تنازل عن حقه في إمضاء البيع مع المطالبة بالثمن الذي صار دينا في ذمة المشتري عن طريق القضاء ، إلى قبول الفسخ ، ويعرف الفقهاء الإقالة بأنها:
” رفع العقد ، وإلغاء حكمه وآثاره بتراضي الطرفين ” .
انتهى من ” الموسوعة الفقهية الكويتية ” (5/ 324) .
ولكن الإقالة في السؤال ليست مقابل التنازل عن الثمن فقط – كما هي في الأصل – بل مع تعويض عن مدة بقاء السلعة لدى المشتري ؛ فتكون من الإقالة مع الزيادة عن الثمن الأول .
وللعلماء رحمهم الله خلاف في هذه المسألة :
قال ابن قدامة رحمه الله في ” المغني ” (4/ 93) :
” ولا يجوز إلا بمثل الثمن ، سواء قلنا: هي فسخ أو بيع ؛ لأنها خصت بمثل الثمن ، كالتولية. وفيه وجه آخر ، أنها تجوز بأكثر من الثمن الأول ، وأقل منه إذا قلنا: إنها بيع كسائر البياعات ” .
وفي ” الاختيار لتعليل المختار ” (2/ 11) : ” وعند أبي يوسف الإقالة جائزة بما سميا كالبيع الجديد ” .
وفي ” شرح مختصر خليل ” للخرشي المالكي (5/ 104) :
“إذَا بِيعَ الْحِمَارُ عَلَى التَّعْجِيلِ بِذَهَبٍ ، أَوْ فِضَّةٍ وَلَمْ يُقْبَضْ حَتَّى وَقَعَ التَّقَايُلُ بِزِيَادَةٍ مِنْ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ كَانَ الْمَزِيدُ عَيْنًا ، أَوْ غَيْرَهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ ، إنْ عَجَّلَ الْمَزِيدَ مَعَ الْحِمَارِ” .
وقد حكى ابن رجب رحمه الله روايتين عن الإمام أحمد في كون الإقالة فسخا أم بيعا ثم قال عن مسألة الإقالة بغير الثمن الأول :
” وَإِنْ قُلْنَا : هِيَ بَيْعٌ فَوَجْهَانِ ، حَكَاهُمَا أَبُو الْخَطَّابِ وَمَنْ بَعْدَهُ :
أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ كَسَائِرِ الْبُيُوعِ.
وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ ، وَصَحَّحَهُ السَّامِرِيُّ ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْإِقَالَةِ : رَدُّ الْأَمْرِ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ ، وَرُجُوعُ كُلِّ وَاحِدٍ إلَى مَالِهِ ؛ فَلَمْ يَجُزْ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ ، وَإِنْ كَانَتْ بَيْعًا : فَبَيْعُ التَّوْلِيَةِ ” انتهى من ” القواعد ” لابن رجب (ص: 380) .
وقال ابن حزم رحمه الله في ” المحلى” (7/ 487):
“وأما من رآها بيعا فإنه يجيزها بأكثر مما وقع به البيع أولا ، وبأقل ، وبغير ما وقع به البيع ، وحالا ، وفي الذمة ، وإلى أجل فيما يجوز فيه الأجل ، وبهذا نأخذ ” .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
“القول الراجح أنها – أي الإقالة – تجوز بأقل وأكثر إذا كان من جنس الثمن؛ لأن محذور الربا في هذا بعيد ، فليست كمسألة العينة ؛ لأن مسألة العينة محذور الربا فيها قريب ، أما هذه فبعيد ، ..
وهذا هو القول الراجح ، وهو الذي عليه عمل الناس ، وهو من مصلحة الجميع ؛ وذلك لأن البائع إذا أقال المشتري ، فإن الناس سوف يتكلمون ويقولون : لولا أن السلعة فيها عيب ما ردها المشتري ، فيأخذ البائع عوضاً زائداً على الثمن من أجل جبر هذا النقص ” .
انتهى من ” الشرح الممتع ” (8/ 389) .

وعلى هذا : فلا بأس بالإقالة بثمن مغاير للثمن الأول ، سواء كان أقل أو أكثر .
مع الانتباه إلى أنه إذا قدر أن السلعة قد حدث فيها عيب أو نقص أو تغير السوق ، وهي في يد المشتري ، وردها إلى البائع : فلا بأس ببذل العوض المقابل لما حدث من نقص ، حتى عند بعض القائلين بالمنع من الزيادة .
قال في “مجمع الأنهر ” (2/ 73) :
” (وإن تعيب) المبيع عند المشتري ، وشرط [ أي : البائع] أقل من الثمن الأول ، بناء على العيب : ( صح الشرط اتفاقا ) ؛ فيجوز الإقالة بأقل من الثمن الأول ؛ فيجعل الحط بإزاء ما فات بالعيب ” .
وقال ابن رجب رحمه الله :
“إذَا تَسَعَّرَتْ السُّوقُ : جَازَتْ الْإِقَالَةُ بِنَقْصٍ فِي مُقَابَلَةِ نَقْصِ السِّعْرِ، وَكَذَا لَوْ تَغَيَّرَتْ صِفَةُ السِّلْعَةِ، وَأَوْلَى ” انتهى من “القواعد” (ص: 380) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android