تعمد بعض النساء الثريات أو ذوات القدرة المالية إلى الإعلان عن مبلغ مالي لمن يتقدم للزواج منها ، ثم تختار هي من ترغبه !.
فما هي النظرة الشرعية لهذا الموضوع ؟
ما حكم بذل الفتاة المال لترغيب الشباب بالزواج منها ؟
السؤال: 216957
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الأصل في الزواج أن الرجل هو الذي يطلب المرأة ويبذل لها المال ، إما على سبيل المهر أو الهدية إظهاراً للرغبة فيها ، واستمالةً لقلبها ، وتطييباً لنفسها.
وهذا هو الذي يتفق مع الفطرة والطبيعة البشرية ، فالمرأة مطلوبة وليست طالبة ، وهو المناسب لحياء المرأة وفطرتها ، فمن حقها أن تكون في موطن الرعاية والعناية ، وأن تكون كرامتها مصونة ، وبعيدة عن كل ما يهدرها أو يبتذلها.
أما أن تعرِض المرأة نفسها على الناس ، خاصتهم وعامتهم عبر وسائل الإعلام ، باذلةً نفسها ومالها ليرضى بها أي رجل زوجةً : فلا شك أن مثل هذا مما تنفر منه النفوس ، وتأباه الفطرة السليمة المستقيمة ، ويأباه كل مسلم غيور على نسائه ، وبالأحرى تأباه المسلمة لنفسها .
وإذا كانت المرأة تعطي المال ، فماذا بقي على الرجل ؟؟
كيف ستكون له القوامة على المرأة وهي التي دفعت وبذلت المال ؟!
واللهُ تعالى جعل إنفاق المال من الزوج من أسباب قوامة الرجل على المرأة ، فقال سبحانه وتعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) النساء/ 34.
وهذه الطريقة لن تجلب للمرأة الزوج الصالح ، بل ستكون فرصة لأصحاب النفوس الضعيفة لاستغلالها واتخاذها مطية سهلةً للثراء ، فما يدريها لعله يأتيها من يظهر لها في صورة الديّن ذي الخلق الكريم والأصل الحسيب ، وهو في الحقيقة طامع فيها وفيما بذلته من مال .
ومع ذلك لا بد من التنبيه على أمور :
1- عرض المرأة نفسها على الرجل لا حرج فيه شرعاً ، إذا كان الرجل صالحاً يقدِّر المرأة ويعرف لها حقها .
فقد عرض الرجل الصالح ابنته على موسى عليه السلام ، وعرض عمر بن الخطاب ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان ، وعرضت الموهوبة نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن الحَسن عرض الرجل وليته ، والمرأة نفسها على الرجل الصالح اقتداء بالسلف الصالح .
2- إذا وجدت المرأة شاباً صالحاً وغير قادر على تكاليف الزواج ، فدفعت له شيئاً من المال على سبيل المساعدة والمعاونة فهذا مما لا حرج فيه ، بل هو أمر تُشكر عليه ، ويدل على دينٍ متين ، وعقل راجح ، ومروءة بالغة .
خاصة إذا ابتليت المرأة بالعنوسة أو بعض الأمور التي تعرقل زواجها وخافت على نفسها الحرام ، وعلمت بشاب صالح يمكنه أن يتزوجها ولا يمنعه من ذلك إلا قلة المال ، فقدمت له من مالها ما يجمع بينهما في الحلال .
شريطة أن لا يصل الأمر لدرجة ” الابتذال ” بإعلانه في وسائل الإعلام ليتجمهر الخطاب على بابها ثم تنتقي منهم من يلائمها ويتناسب معها .
والأولى بوليها إن كان ذا مال أن يفعل ذلك ، ولا غضاضة عليه في بذل بعض المال للرجل الصالح للزواج من ابنته .
3- ليس للمرأة أن تغري رجلاً متزوجاً بالمال ليطلق زوجته ويتزوج بها ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لَا تَسْأَلْ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا ) رواه البخاري (6601) ، ومسلم (1413).
4- دفع الرجل مهرا للمرأة واجب شرعي على الرجل لا يسقط عنه في حال من الأحوال كما ، قال تعالى : ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ) سورة النساء/4 ، فلا يجوز أن يتم عقد النكاح وقد تم الاتفاق على إسقاط المهر من على الرجل ، بل المرأة هي التي تدفع له المهر .
والأمر المذكور في السؤال لا يعدو بحمد الله أن يكون حالات نادرة وقعت هنا وهناك ، لعل وراءها بعض الظروف الخاصة التي دفعت لها ، ولا يشكل ظاهرة اجتماعية يخشى منها .
وليست المشكلة في عرض المرأة المال على الرجل للزواج ، بل في إهدار كرامتها في سبيل ذلك ، فتعلن عن نفسها ومالها في الصحف كأنها سلعة رخيصة ، أو إعلاناً دعائياً ، وفي هذا تمزيق لحجاب الحياء الذي هو زينتها وجمالها .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب