0 / 0

هل دعا النبي صلى الله عليه وسلم ليلة بدر ربه وحده ، أم دعا وأمّن أصحابه ؟

السؤال: 217012

كيف كان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر ؟
هل دعا مع أصحابه أم وحده ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الذي يظهر من النصوص الشرعية الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أكثر ليلة بدر من الصلاة والدعاء والتضرع إلى الله ؛ طلبا لنصره على أهل الكفر ، الذين اجتمعوا على عداوته ومحاربته ومحاربة أصحابه ، وإيذائهم وتشريدهم .

وظاهر الحال ـ أيضا ـ أن دعاءه ذلك كان بمفرده ، ولم يكن جماعيا مع أصحابه .
روى البخاري (2915) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ فِي قُبَّةٍ يَوْمَ بَدْرٍ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ اليَوْمِ ) فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ ، فَقَالَ: حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّه ِ، فَقَدْ أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ – وَهُوَ فِي الدِّرْعِ – فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ : ( سَيُهْزَمُ الجَمْعُ ، وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ * بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ، وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ) القمر/45- 46 .

ورواه مسلم (1763) ولفظه : عن ابن عَبَّاسٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْف ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا ، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ : ( اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي ، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي ، اللهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ ، لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ ) ، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ ، مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْه ِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ ، وَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللهِ ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلّ َ: ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ) الأنفال/ 9 ، فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ .

قال النووي رحمه الله :
” قَالَ الْعُلَمَاء : هَذِهِ الْمُنَاشَدَة إِنَّمَا فَعَلَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَرَاهُ أَصْحَابه بِتِلْكَ الْحَال ، فَتَقْوَى قُلُوبهمْ بِدُعَائِهِ وَتَضَرُّعه ” انتهى .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” وَعند سَعِيد بْن مَنْصُور مِنْ طَرِيق عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عُتْبَة قَالَ : ” لَمَّا كَانَ يَوْم بَدْر نَظَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَتَكَاثُرهمْ ، وَإِلَى الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَقَلَّهُمْ ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ وَقَامَ أَبُو بَكْر عَنْ يَمِينه ، فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي صَلَاته : ( اللَّهُمَّ لَا تُودِع مِنِّي ، اللَّهُمَّ لَا تَخْذُلنِي ، اللَّهُمَّ لَا تَتِرنِي ، اللَّهُمَّ أَنْشُدك مَا وَعَدَّتْنِي ) وَعِنْد اِبْن إِسْحَاق أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( اللَّهُمَّ هَذِهِ قُرَيْش قَدْ أَتَتْ بِخُيَلَائِهَا وَفَخْرهَا ، تُجَادِل وَتُكَذِّب رَسُولك , اللَّهُمَّ فَنَصْرك الَّذِي وَعَدَّتْنِي ) . وَعِنْد الطَّبَرَانِيِّ بِإِسْنَادٍ حَسَن عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : ” مَا سَمِعْنَا مُنَاشِدًا يَنْشُد ضَالَّة ، أَشَدّ مُنَاشَدَة مِنْ مُحَمَّد لِرَبِّهِ يَوْم بَدْر : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدك مَا وَعَدَّتْنِي ) .
قَوْله : ( فَأَخَذَ أَبُو بَكْر بِيَدِهِ فَقَالَ : حَسْبك ، قَدْ أَلْحَحْت عَلَى رَبّك ) . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : لَا يَجُوز أَنْ يَتَوَهَّم أَحَد أَنَّ أَبَا بَكْر كَانَ أَوْثَق بِرَبِّهِ مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ الْحَال : بَلْ الْحَامِل لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ شَفَقَته عَلَى أَصْحَابه وَتَقْوِيَة قُلُوبهمْ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّل مَشْهَد شَهِدَهُ ، فَبَالَغَ فِي التَّوَجُّه وَالدُّعَاء وَالِابْتِهَال لِتَسْكُنَ نُفُوسهمْ عِنْد ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ وَسِيلَته مُسْتَجَابَة ” انتهى ملخصا .

وهذه الروايات التي فيها الدعاء بصيغة المفرد كقوله : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ ) ( اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي ) (اللَّهُمَّ لَا تَخْذُلنِي ) (اللَّهُمَّ نَصْرك الَّذِي وَعَدَّتْنِي ) ، هذه الروايات وغيرها : تدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو الله وحده .
ويدل على ذلك أيضا ما رواه أحمد (1161) والنسائي في “السنن الكبرى” (825) عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : ( لَقَدْ رَأَيْتُنَا لَيْلَةَ بَدْرٍ وَمَا فِينَا إِنْسَانٌ إِلَّا نَائِمٌ ، إِلَّا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي إِلَى شَجَرَةٍ، وَيَدْعُو حَتَّى أَصْبَحَ ) . وصححه محققو المسند .

ولكن ذلك لا يعني أن الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا يدعون الله ، فقد كانوا يستغيثون ربهم ، ويستنزلون نصره بالدعاء والتضرع أيضا ، قال الله تعالى : ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِين ) الأنفال/ 9
قال ابن جرير رحمه الله :
” ومعنى قوله: ( تستغيثون ربكم ) : تستجيرون به من عدوكم ، وتدعونه للنصر عليهم ” انتهى من “تفسير الطبري” (13/ 409) .
وإنما المراد بذلك : اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بمقام معين ، أو بدعاء معين .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android