0 / 0
24,55224/04/2015

هل يقوم التقييد المصرفي مقام القبض الحقيقي في شراء الذهب من البنك ؟

السؤال: 217380

البنك الذي أتعامل معه يتيح شراء ذهب (من البنك) من حسابي بالعملة المحلية أو من حسابي الدولاري ، إلى حساب الذهب الخاص بي . وفي نفس الوقت يمكنني بيع الذهب للبنك من حساب الذهب إلى حساب الدولار أو العملة المحلية .
وتكون المعاملة آنية ، أي سحب قيمة الشراء ، سواء بالدولار أو العملة المحلية من حسابي ، وفي نفس الوقت يضع كمية الذهب المشتراة في حساب الذهب ، وليس هناك أي شروط لسحب الذهب من البنك في أي وقت ، وبأي كمية ، بل علي موقع البنك يضع صور الذهب ، ومختومة بخاتم البنك الكويتي التركي ، أي يمتلك الذهب حقيقة وليس وسيط.
فهل هذا التعامل الآن جائز بيعا وشراءً ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لشراء الذهب من البنك ثلاث صور فيما يبدو :
الأولى :
أن يكون الذهب غير متوفر لدى البنك ولا مملوكٍ له ، وإنما يتم – فقط – تقييده في حساب العميل بالمصرف .
ففي هذه الحال لا يجوز شراء الذهب من البنك ؛ لأن شرط بيع الذهب وشرائه : أن يتم قبضه، وقبض ثمنه بالعملة المتفق عليها ، في مجلس العقد .

وفي هذه الصورة لا يوجد قبض للذهب ، بل هو غير مملوك للبنك أصلاً .
فكل ما في الأمر أنه يشتري ذهباً ويدفع ثمنه ، ثم يتم تسجيله في حسابه ، وإذا أراد البيع : يبيع ما قُيِّد في حسابه من ذهب ، وهكذا ، دون وجود حقيقي لمعدن الذهب ، فالعملية تتم على رصيد رقمي من الذهب في حساب العميل .

وفي الحديث : ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ ….. مِثْلا بِمِثْلٍ ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ ، يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ) رواه مسلم (2970).
فقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا كان يدا بيد ) يدل على أنه إذا بيع الذهب بالنقود ، فإنه يشترط التقابض من البائع والمشتري ، قبل أن يتفرقا في مجلس العقد .
قال ابن المنذر : ” أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المتصارفين إذا افترقا قبل أن يتقابضا : أن الصرف فاسد ” انتهى من “الأوسط” (10/197) .

وهذه الصورة ، للأسف ، هي حال أغلب البنوك التي تتعامل بالذهب بيعا وشراءً ، ولذلك ينبغي لمن أراد التعامل بتجارة الذهب مع أي من البنوك التأكد ـ بنفسه ـ من وجود حقيقي للذهب لدى البنك ، يوازي ما يقوم ببيعه على الناس .

الثانية :
أن يكون الذهب مملوكاً للبنك وموجوداً لديه ، وإذا قام العميل بشرائه يقوم البنك بفرزه ، وتسجيله باسم العميل الخاص ، سواء عن طريق رقم السبيكة ، أو غير ذلك من الطرق التي يتم من خلالها تعيين وتمييز ذهب هذا العميل عن غيره .
ففي هذه الحال لا حرج من شراء الذهب من البنك ، ويكون هذا التقييد والفرز بمثابة القبض الحقيقي.
الثالثة :
أن يكون الذهب مملوكاً للبنك وموجوداً لديه ، ولكن عند شراء العميل له : لا يتم فرزه باسم العميل ، وإنما يتم تقييده باسمه في حسابه فقط ، دون تعيين القطعة الذهبية المشتراة .
فهذه الصورة محل احتمال وتردد :
فقد يقال : إن التقييد المصرفي كافٍ عن القبض الحقيقي ؛ لأن القبض راجع إلى العرف ، فما عده الناس قبضاً فهو قبض ، والعرف المصرفي يَعُدُّ هذا قبضاً .
وكما كان القيد المصرفي قبضاً في تبادلات العملات الورقية ، فهو قبض في شراء الذهب والفضة ، فكلاهما معاملة صرفية ، يشترط فيها التقابض في مجلس العقد .
وقد جاء في قرار “المجمع الفقهي” برئاسة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى :
” يعتبر القيد في دفاتر المصرف : في حكم القبض لمن يريد استبدال عملة بعملة أخرى ، سواء كان الصرف بعملة يعطيها الشخص للمصرف ، أو بعملة مودعة فيه “.
انتهى من ” قرارات المجمع الفقهي الإسلامي ” صــ 264.

وقد يقال : إن الذهب والفضة لا ينطبق عليهما ما قيل من الاكتفاء بالقيد المصرفي للعملات الورقية ، لسببين :
1- لأنها أعيان مقصودة لذاتها ، وقيمتها في ذاتها ، ولا تَحْصُل آثار القبض إلا بقبض أعيانها ، بخلاف النقود الورقية ، فإن قيمتها اعتبارية ، والمعول عليه هو القيمة الاسمية لها ، ولذا فهي لا تختلف باختلاف ذواتها ، ولا فئاتها ، إذا كانت من عملة واحدة .
2- ولأن آثار القبض الحكمي تظهر في الأوراق النقدية ، من حيث تمكُّن العميل من التصرف فيها مطلقاً ، لتوافرها في مكائن الصرافة ، وفروع البنوك كافة ، بخلاف الذهب الذي لا يتوافر كثيراً في المصارف ، ولا يتاح له مطلق التصرف فيه بأي وقت شاء ، وقد لا يتمكن من سحبه متى أراد ، مما يُضعف حكم القبض الحكمي هنا .

وهذا القول أوفق بالأصول ، وأحوط ، وأبرأ للذمة ؛ لما في ذلك من البعد عن الشبهات ، ومن توقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، لاسيما ونحن لسنا على يقين من أن البنوك تمتلك الذهب الذي تبيعه للعميل حقيقة .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android