تنزيل
0 / 0
13,81303/09/2014

ضابط المشقة الجالبة للتخفيف في الشريعة ، وكيف يعرف الشخص أن ما نزل به يوجب التخفيف

السؤال: 217579

ما هو ضابط المشقة والحرج الجالب للتخفيف في الشريعة ؟
يعني كيف نعرف أن هذه المشقة معتبرة لكي نأخذ بالرخصة .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:
المشقة التي تجلب التخفيف في الشريعة على قسمين :
1- الضرورة :
وهي بلوغ الشخص حدا إن لم يتناول المحظور هلك أو قارب الهلاك ، جاء في ” المنثور في
القواعد الفقهية ” (2 / 319) : ” فالضرورة: بلوغه حدا إن لم يتناول الممنوع هلك ،
أو قارب ، كالمضطر للأكل واللبس ؛ بحيث لو بقي جائعا أو عريانا لمات ، أو تلف منه
عضو ، وهذا يبيح تناول المحرم ” انتهى .
وفي ” كشف الأسرار شرح أصول البزدوي ” (4 / 398) : ” ومعنى الضرورة في المخمصة :
أنه لو امتنع عن التناول يخاف تلف النفس أو العضو ، فمتى أكره بالقتل أو بقطع العضو
على الأكل أو الشرب : فقد تحققت الضرورة المبيحة لتناول الميتة ؛ لأنه خاف على نفسه
أو عضو من أعضائه ، فدخل تحت النص” انتهى.
وعرف المالكية الضرورة بقولهم : ” هِيَ الْخَوْفُ عَلَى النَّفْسِ مِنْ الْهَلَاكِ
، عِلْمًا أَوْ ظَنًّا ” .
انتهى من ” الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي ” (2 / 115) .
وفي ” الموسوعة الفقهية الكويتية ” (22 / 161) : هي ” حَالَةٌ مِنَ الْخَطَرِ أَوِ
الْمَشَقَّةِ الشَّدِيدَةِ تطرأ على المكلف ، تَجْعَلُهُ يَخَافُ مِنْ حُدُوثِ
أَذًى بِالنَّفْسِ ، أَوْ بِالْعِرْضِ ، أَوْ بِالْعَقْل ، أَوْ بِالْمَال ، أَوْ
بِتَوَابِعِهَا فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ – عِنْدَئِذٍ – أَوْ يُبَاحُ لَهُ :
ارْتِكَابُ الْحَرَامِ ، أَوْ تَرْكُ الْوَاجِبِ ، أَوْ تَأْخِيرُهُ دَفْعًا
لِلضَّرَرِ عَنْهُ فِي غَالِبِ الظَّنِّ ، ضِمْنَ قُيُودِ الشرع ” انتهى بتصرف
يسير.
والضرورة تبيح الترخص وارتكاب المحظور لا مطلقا ، بل وفق قيود الشرع ، وبرهان ذلك
قوله تعالى : ( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ
إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) البقرة/ 173.
ومن أمثلة الضرورة التي تبيح الترخص ، المخمصة المؤدية إلى الهلاك ، فإنها تبيح
الأكل من المحرم ، والإكراه فإنه يبيح التلفظ بكلمة الكفر ، والغصة الشديدة التي
يخشى منها الهلاك فإنها تبيح إساغتها بالخمر ، وقد سبق بيان ذلك والكلام عن ضوابط
الضرورة في الفتوى رقم : (137035).
2- الحاجة :
وتطلق على الافتقار ، وهي حالة من المشقة تطرأ على المكلف بحيث لو لم يتناول
المحظور لم يهلك ، ولكنه يكون في ضيق وجهد ، جاء في ” الموسوعة الفقهية الكويتية ”
(16 / 247) : ” الْحَاجَةُ تُطْلَقُ عَلَى الاِفْتِقَارِ ، وَعَلَى مَا يُفْتَقَرُ
إِلَيْهِ ، وَاصْطِلاَحًا هِيَ – كَمَا عَرَّفَهَا الشَّاطِبِيُّ – مَا يُفْتَقَرُ
إِلَيْهَا مِنْ حَيْثُ التَّوْسِعَةُ ، وَرَفْعُ الضِّيقِ الْمُؤَدِّي فِي
الْغَالِبِ إِلَى الْحَرَجِ ، وَالْمَشَقَّةِ اللاَّحِقَةِ بِفَوْتِ الْمَصْلَحَةِ
، فَإِذَا لَمْ تُرَاعَ ، دَخَل عَلَى الْمُكَلَّفِينَ – عَلَى الْجُمْلَةِ –
الْحَرَجُ وَالْمَشَقَّةُ ، وَيَعْتَبِرُهَا الأْصُولِيُّونَ مَرْتَبَةً مِنْ
مَرَاتِبِ الْمَصْلَحَةِ ، وَهِيَ وَسَطٌ بَيْنَ الضَّرُورِيِّ وَالتَّحْسِينِيِّ ”
انتهى.

مما سبق يعلم أنه يوجد فرق
بين الضرورة والحاجة ، فالضرورة فوق الحاجة ، جاء في ” الموسوعة الفقهية الكويتية ”
(16 / 247) : ” وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ ، أَنَّ الْحَاجَةَ
وَإِنْ كَانَتْ حَالَةَ جَهْدٍ وَمَشَقَّةٍ ، فَهِيَ دُونَ الضَّرُورَةِ ،
وَمَرْتَبَتُهَا أَدْنَى مِنْهَا ، وَلاَ يَتَأَتَّى بِفَقْدِهَا الْهَلاَكُ ”
انتهى .
وكما أن الضرورة تبيح الترخص ، فكذلك الحاجة تبيح الترخص أيضا ؛ ولذا ذكر أهل العلم
أن الحاجة ، خاصة كانت أو عامة ، تنزل منزلة الضرورة ، جاء في ” الموسوعة الفقهية
الكويتية “(16 / 256) : ” الْحَاجَةَ الْعَامَّةَ أَوِ الْخَاصَّةَ : تُنَزَّل
مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ . وَمَعْنَى كَوْنِ الْحَاجَةِ عَامَّةً أَنَّ النَّاسَ
جَمِيعًا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهَا فِيمَا يَمَسُّ مَصَالِحَهُمُ الْعَامَّةَ مِنْ
تِجَارَةٍ وَزِرَاعَةٍ وَصِنَاعَةٍ وَسِيَاسَةٍ عَادِلَةٍ وَحُكْمٍ صَالِحٍ .
وَمَعْنَى كَوْنِ الْحَاجَةِ خَاصَّةً : أَنْ يَحْتَاجَ إِلَيْهَا فَرْدٌ أَوْ
أَفْرَادٌ مَحْصُورُونَ ، أَوْ طَائِفَةٌ خَاصَّةٌ ، كَأَرْبَابِ حِرْفَةٍ
مُعَيَّنَةٍ ، وَالْمُرَادُ بِتَنْزِيلِهَا مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ : أَنَّهَا
تُؤَثِّرُ فِي الأْحْكَامِ ، فَتُبِيحُ الْمَحْظُورَ ، وَتُجِيزُ تَرْكَ الْوَاجِبِ
، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُسْتَثْنَى مِنَ الْقَوَاعِدِ الأْصْلِيَّة ” انتهى.

ثانيا:
مواطن الرخصة في الشريعة : منه ما هو معلوم محدد ، كالمخمصة فإنها تبيح تناول
المحرم ، وكالسفر ، فإنه يبيح القصر في الصلاة والفطر في الصيام وترك الجمعة ،
وكالمرض فإنه يبيح الفطر في الصيام ، وترك القيام في الصلاة المفروضة ، وكالإكراه
فإنه يبيح التلفظ بكلمة الكفر ، ونحو ذلك .

ومنه ما هو غير محدد ، بل
يختلف باختلاف حاجة كل شخص ، وحاله وظروفه ، وحينئذ فالواجب على الشخص الذي نزلت به
النازلة ، إن لم يكن من أهل العلم : أن يقصد عالما ورعا ، فيستفتيه ، ثم يعمل بما
أفتاه به .

والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android