0 / 0

فرَّقوا بين أختهم وزوجها وولدها بالإكراه تارة ، وبالسحر تارة ، حتى كرهت ولدها وهجرته إلى أن مات

السؤال: 217591

عندي عمة كانت متزوجة ولها ولد ، أجبرها أعمامي وأبي على أن تطلب الطلاق من زوجها ؛ لأن أخته تطلقت من عمي لأنه لا ينجب ، وعندما رفضت أخذوها بالقوة ولم يتركوها تأخذ ابنها ، وعملوا لها عملا لكي لا تطلب ابنها ، وبالفعل كرهت ولدها ، ولا تحب حتى أن تسمع باسمه وتدعو عليه بالموت وبأـبشع الادعية ، عندما كبر الولد كان يحاول مرات عديدة مقابلتها ولكنها ترمي عليه الأحذية ، وتتهرب وتدعي عليه ، وعندما تزوج ورزق بأولاد كان يحضرهم لها ، ولكنها أيضاً نفس الشي تدعو عليه وعلى أبنائه ، توفي ولدها امس بعمر ٣٣ فجأة ، أخبرناها فقالت : لما كان حيا لم أشعر به ، والآن مات ولا أشعر به ورفضت رؤيته قبل دفنه ، أبي ندم على ما فعلوه بها ، حاول أن يكفر عن ذنبه ولكنه فشل ، هو اليوم من يقوم برعايتها فهي تعيش وحيدة ، طلب ممن قام بالعمل أن يبطله ولكن الرجل رفض وهو من أهلنا .
ماذا يجب على أبي لكي يكفر عن ذنبه ؟ وهل تؤاخذ عمتي على ما تقوم به وهل تأثم ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

ما فعله أعمامك ووالدك مع أختهم التي هي عمتك جرم كبير وإثم عظيم اشتمل على جملة من الفواحش والكبائر التي حرمها الله سبحانه ، ولعن فاعلها ، وغضب عليه ، وتوعده بالعذاب المهين في الدنيا والآخرة ، ومن هذه الفواحش :
أولا :
إفساد ما بينها وبين زوجها وإجبارها على فراقه ، وهذا فعل محرم ورد فيه الوعيد الشديد ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ [أي : أفسد] امرَأَةً عَلَى زَوجِهَا ) رواه أبو داود (2175) ، وصححه الألباني في ” صحيح أبي داود ” .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : – ” فسعي الرجل في التفريق بين المرأة وزوجها من الذنوب الشديدة ، وهو من فعل السحرة ، وهو من أعظم فعل الشياطين . ” انتهى من مجموع الفتاوى ” ( 23 / 363 ).
وقال الشيخ صالح الفوزان- وفقه الله : – ” وقد جاء الوعيد الشديد في حق من يفسد الزوجة على زوجها ، ويخببها عليه ؛ فقد جاء في الحديث : ( ملعون من خبَّب امرأة على زوجها ) ومعناه : أفسد أخلاقها عليه ، وتسبب في نشوزها عنه ، والواجب على أهل الزوجة أن يحرصوا على صلاح ما بينها وبين زوجها ؛ لأن ذلك من مصلحتها ومصلحتهم
. ” انتهى من ” المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان ” ( 3 / 248 ، 249 ) .
ثانيا :
التفريق بين أختهم وولدها ، وهذا من أعظم الذنوب التي تدل على شقاء فاعلها وقسوة قلبه ، وذلك لأن تعلق الأم بولدها ورحمتها به وحنانها عليه فطرة فطر الله عليها جميع المخلوقات من بشر وحيوان ووحش وطير ، وأشد شيء على الأم أن يحال بينها وبين ولدها الذي هو فلذة كبدها وثمرة فؤادها ، وهذا لا يخص البشر وحدهم بل يشاركهم في ذلك البهائم العجماوات، ففي مسند أحمد (3835) ، و” الأدب المفرد ” للبخاري (382) عَنْ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ: ” نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْزِلًا ، فَانْطَلَقَ إِنْسَانٌ إِلَى غَيْضَةٍ ، فَأَخْرَجَ مِنْهَا بَيْضَ حُمَّرَةٍ [طائر كالعصفور] ، فَجَاءَتِ اَلْحُمَّرَةُ تَرِفُّ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُءُوسِ أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ: ( أَيُّكُمْ فَجَعَ هَذِهِ؟ ) فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : أَنَا أَصَبْتُ لَهَا بَيْضًا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ارْدُدْهُ ) وفي رواية أخرى في المسند (3836) قَالَ: ( رُدَّهُ ، رَحْمَةً لَهَا ) صححه الألباني في ” الأدب المفرد ” للبخاري مخرجا برقم (382).
وقد توعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من يفرق بين أم وولدها أن يفرق الله سبحانه بينه وبين أحبته يوم القيامة ، والجزاء من جنس العمل ، فقد أخرج الترمذي في سننه (1283) عن أبي أيوب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من فرق بين الوالدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة) حسنه الألبانيفي ” مشكاة المصابيح”(3361) .
ثالثا:
لجوؤهم إلى السحر للتفريق بين أختهم وولدها ، وهو ما يسمى بسحر الصرف ، والسحر يفرق بين الأحبة ، قال الله تعالى في تأثير السحر : (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه) ، والسحر من كبائر الذنوب والموبقات حتى جرت عادة علماء الإسلام أن يدرجوه في كتب العقيدة ومسائل الإيمان ؛ لأنه كثيرا ما يستلزم الكفر بالله سبحانه والشرك به ، قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى : ” وجه إدخال السحر في أبواب التوحيد أن كثيرا من أقسامه لا يتأتى إلا بالشرك والتوسل بالأرواح الشيطانية ، إلى مقاصد الساحر ، فلا يتم للعبد توحيد حتى يدع السحر كله قليله وكثيره ، ولهذا قرنه الشارع بالشرك ، فالسحر يدخل في الشرك من جهتين : من جهة ما فيه من استخدام الشياطين ومن التعلق بهم وربما تقرب إليهم بما يحبون ليقوموا بخدمته ومطلوبه ، ومن جهة ما فيه من دعوى علم الغيب ودعوى مشاركة الله في علمه وسلوك الطرق المفضية إلى ذلك ، وذلك من شعب الشرك والكفر، وفيه أيضا من التصرفات المحرمة والأفعال القبيحة كالقتل والتفريق بين المتحابين والصرف والعطف والسعي في تغيير العقول ، وهذا من أفظع المحرمات ، وذلك من الشرك ووسائله ولذلك تعين قتل الساحر لشدة مضرته وإفساده ” انتهى من ” القول السديد شرح كتاب التوحيد ” (1 / 109).
فالواجب على والدك وأعمامك أن يسارعوا بالتوبة إلى الله سبحانه من هذه الذنوب والآثام وأن يصلحوا ما أفسدوه في علاقتهم بأختهم وزوجها وابنها ، وأن يطلبوا الطرق الشرعية لعلاج أختهم من هذا السحر وذلك يكون برقيتها رقية شرعية وإفساد هذه الأشياء التي يظن أن السحرة قد عقدوا عليها للتأثير على المسحور ، قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – : ” ومن العلاج أيضاً : إتلاف الشيء الذي يظن أنه عمل فيه السحر من صوف أو خيوط معقدة أو غير ذلك مما يظن أنه سبب السحر ، مع العناية من المسحور بالتعوذات الشرعية ومنها التعوذ ” بكلمات الله التامات من شر ما خلق ” ثلاث مرات صباحا ومساء ، وقراءة السور الثلاث– وهي ” الإخلاص ” و ” الفلق ” و ” الناس ” – بعد الصبح والمغرب ثلاث مرات ، وقراءة آية الكرسي بعد الصلاة ، وعند النوم . ويستحب أن يقول صباحاً ومساء : ” بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ” ثلاث مرات ؛ لصحة ذلك كله عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مع حسن الظن بالله والإيمان بأنه مسبب الأسباب وأنه هو الذي يشفي المريض إذا شاء” انتهى من ” فتاوى الشيخ ابن باز ” ( 7 / 80 ، 81 ) .
وأما ما كانت تفعله عمتك من نفورها من ولدها وهجرها له فإن كان هذا قد تم تحت تأثير السحر بدون اختيار وإرادة منها ، فإنها لا تؤاخذ على شيء من ذلك إن شاء الله ؛ لأنها لم تكن في وعيها وقت هذه التصرفات ، وإنما كانت مغلوبة عليها بتأثير السحر .
قال الشيخ الصادق الغرياني المفتي العام لدولة ليبيا : ” إذا بلغت درجة السحر أن جعلت الإنسان مسلوب الإرادة ، فإن الله سبحانه لا يحاسبه على ما بدر منه حينئذ من أقوال وأفعال ، بخلاف المسحور الذي لم تصل حالته إلى درجة سلب الإرادة ، وبخلاف العاقل المختار الذي لم يفقد الإدراك ، فهذان محاسبان على أقوالهما وأفعالهما” انتهى من ” موقع دار الإفتاء الليبية ، وتراجع الفتوى رقم : (210635).
نسأل الله تعالى أن يشفي عمتك وأن يتوب على والدك وأعمامك .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android