0 / 0

هل يجوز أن يقال : ” قبل أن توجد الديانات خلق الله الإنسان ” ؟

السؤال: 217612

شخص ما كتب هذه الجملة : ” قــبــل أن تــوجــد الــديــانــات ، خـــلـــق الله الإنــســان ” وطلب الرد عليه بالبراهين لنفيها ، فما مدى صحة هذا الكلام ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

هذه العبارة باطلة ، وبيان بطلانها بما يلي :
– أن الله تعالى خلق كل إنسان على الفطرة ، وهي الإيمان بخالقه والإسلام له ، قال تعالى : ( فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ ) الروم/ 30 .
وقال الله تعالى في الحديث القدسي : ( إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ (أي أخرجتهم عن دينهم) وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا ) رواه مسلم (2865) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ) رواه البخاري (1296) ، ومسلم (4803) ، وفي رواية لمسلم (4805) : ( مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا عَلَى هَذِهِ الْمِلَّةِ ) .
فكل إنسان خلقه الله إنما خلقه مسلما ، حتى يؤثر فيه والداه ، أو يبلغ ذلك الإنسان ويختار لنفسه ما يدين به .
– أن الإسلام وهو دين الله الحق موجود قبل خلق الإنسان ، فإن الملائكة مخلوقة قبل الإنسان ، وهم مسلمون ، لأن حقيقة الإسلام : الإذعان والانقياد لله تعالى مع المحبة والتعظيم ، وقد قال الله تعالى : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ )البقرة/30 .
وقال تعالى : ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) آل عمران/18 .
وقال تعالى : ( لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ)النساء/172 .
– أن آدم عليه السلام ، أبو البشر وأول إنسان خلقه الله إنما خلقه الله مسلما موحدا ، وكلمه وجعله نبيا ، فلم يخلقه الله إنسانا بلا دين ، ثم تعلم الدين ، بل استمرت البشرية كلها من ذرية آدم إلى عهد نوح عليهما السلام على توحيد الله تعالى وطاعته ومحبته وتعظيم أمره ، لم يتنازعوا ولم يختلفوا في ذلك ، حتى ظهر ذلك الاختلاف والتنازع وبداية الانحراف عن التوحيد في عهد نوح عليه السلام ، قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : ” كَانَ بَيْنَ نُوحٍ ، وَآدَمَ ، عَشْرَةُ قُرُونٍ ، كُلُّهُمْ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْحَقِّ ( وفي رواية : كُلُّهُمْ عَلَى الإِسْلاَم ِ) فَاخْتَلَفُوا ، (فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) ” .
انظر : ” تفسير الطبري ” (3/621) ، ” تفسير ابن كثير ” (3/431) .
– أن هذه المقالة صحيحة بالنسبة لجميع الأديان إلا الإسلام ، فإنها كلها ديانات حادثة اخترعها الإنسان ، فهي من صنع الإنسان ، هو الذي رتبها ورتب طقوسها وأعيادها .. إلخ .
أما الإسلام والتوحيد ، فتوحيد الله تعالى سابق على كل شيء ، ( اللَّهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ) هكذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يثني على الله تعالى فيما رواه البخاري (4888( ، ومسلم (2713) .
– أن الرسالة النبوية إنما جاءت لهداية الناس وتعليمهم أمر ربهم ، ولولا هذه الرسالات السماوية ، واتباع كثير من الناس لها ، لنزل العذاب بالإنسان ، ولما كان له وجود في هذه الحياة ، ولعم الأرض الخراب ، ولفسدت السموات والأرض ومن فيهن ، قال تعالى : ( وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ)المؤمنون/ 71 .
فلولا الإيمان والدين لكان وجود الحيوانات والجمادات والنباتات أكرم من وجود الإنسان ، فالإنسان بغير دين الإسلام شر مخلوق على وجه الأرض .
– ثم أخيرا .. ماذا يريد قائل هذه العبارة بكون الإنسان وجد قبل الدين ؟ فلا يعنينا من وجد أولا! الذي يعنينا هو : هل الدين (الإسلام) أمر الله به أم لا ؟
وهل طاعة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أمر الله بها أم لا ؟
وهل هناك دين على وجه الأرض الآن هو الحق وكل ما عداه باطل إلا الإسلام أم لا ؟
وهل يدخل كل من أعرض عن التوحيد وعن طاعة الله تعالى وعن الإسلام النار ويخلد فيها أم لا ؟
هل أمرنا الله تعالى أن نعيش حياتنا كلها على وفق شرعه أم لا ؟
هذا هو الذي يعنينا سواء وجد الإنسان قبل الدين أم وجد بعده .
نسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ، وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android