0 / 0

حكم التعامل مع عائلة مسلمة زوجت ابنتها برجل كافر

السؤال: 217782

تزوجت أختي برجل من عائلة سنية ، وقد زوّجت هذه العائلة ابنتهم لرجل من عائلة أحمدية ، فهل أحافظ على العلاقة مع عائلة زوج أختي ؟ أم أقطعها لكونهم صاهروا أناسا من الجماعة الأحمدية ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
الأحمدية – القاديانية – : هي فرقة خارجة عن دين الإسلام .
فقد جاء ” فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء – المجموعة الأولى ” ( 2/220) :
” السؤال: ما حكم الدين الجديد وأتباعه ، يعني دينا يقال له : ” الأحمدية ” ، يحذرون دواعيه الناس بالاحتفاظ سواء بشيء من آيات قرآنية أو من أسماء الله ويحرمون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وأين منشأ هذا الدين ومتى ؟ وما الحكم فيمن يرغبون عنه ؟

الجواب : لقد صدر الحكم من حكومة الباكستان على هذه الفرقة بأنها خارجة عن الإسلام ، وكذلك صدر من رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة الحكم عليها بذلك ، ومن مؤتمر المنظمات الإسلامية المنعقد في الرابطة في عام 1394ه ، وقد نشر رسالة توضح مبدأ هذه الطائفة ، وكيف نشأت ، ومتى ، إلى غير ذلك مما يوضح حقيقتها .

والخلاصة : أنها طائفة تدَّعي أن : ” مرزا غلام أحمد الهندي ” نبي يوحى إليه ، وأنه لا يصح إسلام أحد حتى يؤمن به ، وهو من مواليد القرن الثالث عشر ، وقد أخبر الله سبحانه في كتابه الكريم أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين ، وأجمع علماء المسلمين على ذلك ، فمن ادعى أنه يوجد بعده نبي يوحى إليه من الله عز وجل فهو كافر ، لكونه مكذباً بكتاب الله عز وجل ، ومكذباً للأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الدالة على أنه خاتم النبيين ، ومخالفاً لإجماع الأمة ” انتهى .

فعلى هذا ؛ لا يجوز للمسلمة أن تتزوج رجلا من هذه الفرقة ؛ لأنه لا يحل للمسلمة أن تتزوج كافرا ؛ قال الله تعالى : ( وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا ) البقرة / 221 .

قال الطبري رحمه الله : ” يعني تعالى ذكره بذلك ، أن الله قد حرَّم على المؤمنات أن ينكحن مشركا كائنا من كان المشرك ، ومن أي أصناف الشرك كان ، قلا تنكحوهنَّ أيها المؤمنون منهم ، فإن ذلك حرام عليكم ” انتهى من ” تفسير الطبري ” (4/370) .

وقال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ) الممتحنة /10 .

قال ابن كثير رحمه الله : ” وقوله تعالى : ( لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) : هذه الآية هي الّتي حرّمت المسلمات على المشركين ” انتهى من ” تفسير القرآن العظيم ” (13/521) .

فهذه العائلة التي زوجت ابنتها رجلا أحمديا ، قد خالفت حكم الله تعالى ، وأنكحت ابنتها نكاحا باطلا بإجماع أهل العلم ، ثم عَرَّضتها لأن تنتقل إلى ملة زوجها الكافرة ، كما هو مشاهد معلوم .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (144765) .

ثانيا :
ما هو الواجب عليك تجاه هذه العائلة ؟
إن كانت هذه العائلة تجهل حكم الشرع في هذه الفرقة ” الأحمدية ” ، أو تجهل حرمة زواج الكافر بالمسلمة ؛ فالواجب عليك في هذه الحالة أن تعلميهم وتنبهيهم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ ) رواه مسلم (78) .

ولك أجر عظيم على تعليمهم ما جهلوه من الأحكام الشرعية ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ ) ‏رواه الترمذي (2685) ، وصححه الألباني في ” صحيح سنن الترمذي ” .

فإذا علمت هذه العائلة حكم الشرع في فرقة ” الأحمدية ” ؛ أنها فرقة كافرة خارجة عن دين الإسلام ، وعلمت أنّ زواج الكافر بالمسلمة محرّم ؛ لكنها لم تستجب ، فلا حرج على من هجرهم في الله ، تغليظا عليهم ، وإنكارا لمنكرهم ، وإظهارا للبراءة من فعلهم ، وزجرا لهم عن حالهم .

قال البخاري رحمه الله : ” باب مَا يَجُوزُ مِنَ الْهِجْرَانِ لِمَنْ عَصَى .
وَقَالَ كَعْبٌ حِينَ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم – أي عن غزوة تبوك- وَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلاَمِنَا‏ .‏ وَذَكَرَ خَمْسِينَ لَيْلَةً‏ ” انتهى من ” فتح الباري ” ‏(10/ 497) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ” أراد بهذه الترجمة بيان الهجران الجائز ؛ لأن عموم النهي – يعني : عن هجر المسلم – مخصوص بمن لم يكن لهجره سبب مشروع ، فتبين هنا السبب المسوغ للهجر ، وهو لمن صدرت منه معصية ، فيسوغ لمن اطلع عليها منه هجره عليها ، ليكف عنها‏ ” انتهى من ” فتح الباري ” (10/497) .

ثم تزداد الرخصة في هجر مثل هؤلاء ، من أصحاب الجرائم والمعاصي ، إذا كان المسلم يخشى على نفسه من مخالطتهم : أن يتأثر بمعصيتهم ، أو يشاركهم فيها ، أو تصيبه قالة السوء ، أو يناله ضرر في دينه أو دنياه .
قال ابن عبد البر رحمه الله :
‏”‏ والّذي عندي أنّ من خُشِيَ من مجالسته ومكالمته الضّرر في الدّين أو في الدّنيا ، والزّيادة في العداوة والبغضاء ، فهجرانه والبعد عنه خير من قربه ؛ لأنّه يحفظ عليك زَلَّاتِك ، ويُمَارِيك في صوابك ، ولا تسلم من سوء عاقبة خُلْطَته ، ورُبَّ صَرْم – أي هجران – جميل ، خير من مخالطة مؤذية ” انتهى من ” الاستذكار ” (26/149 – 150) .

والواقع أن علاقتك ، وإنكارك ، أو هجرك لهذه العائلة ، أمر يرجع فيه إلى طبيعة العلاقة بينكما ، وما يمكن أن يؤدي إليه هذا الهجر ، من مصلحة شرعية ، أو مفسدة راجحة ، مع أننا نظن أن المعتاد في مثل ذلك : أن علاقتك أنت بهم ليست بالقوية ، ولا هناك رابط مباشر لك بمثل هذه العائلة ، وإنما الشأن في مثل ذلك : لأختك التي تزوجت عندهم ، لا فيك أنت .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” وهذا الهجر يختلف باختلاف الهاجرين في قوّتهم وضعفهم وقلّتهم وكثرتهم ، فإنّ المقصود به زجر المهجور وتأديبه ورجوع العامّة عن مثل حاله . فإن كانت المصلحة في ذلك راجحة بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشّرّ وخِفْيَتِه كان مشروعا . وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك ، بل يزيد الشّرّ ، والهاجر ضعيف ، بحيث يكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته ، لم يشرع الهجر؛ بل يكون التّأليف لبعض النّاس أنفع من الهجر ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (28/ 206) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android