0 / 0

يستحب افتتاح الرسائل والمكاتبات بذكر الله تعالى

السؤال: 218164

هل افتتاح الرسائل عند كتابتها بالثناء على الله تبارك وتعالى ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أمر ضروري في كل الرسائل حتى لو لم تكن رسائل إسلامية ؛ كالرسائل التي توجه إلى المدراء ، أو المسئولين..الخ ؟
لعل في افتتاح الرسائل بمثل هذه الديباجة نوع من أنواع الدعوة الغير مباشرة ، لكن لا أدري مدى ملائمتها لشتى الظروف .
وماذا عن بدء الخطابات بتلك الديباجة ، هل هو أمر واجب عند الحديث في أي موضوع ، أم أنه خاص فقط بالخطابات الإسلامية ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
يستحب البداءة في الكتب والرسائل والمكاتبات المهمة ، بذكر الله تعالى .
جاء في ” الموسوعة الفقهية ” (18/128-129) :
” ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الاِبْتِدَاءَ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الأْمُورِ الْمُهِمَّةِ مَنْدُوبٌ ؛ اقْتِدَاءً بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَعَمَلاً بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: ( كُل أَمْرٍ ذِي بَالٍ لاَ يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ أَقْطَعُ ) [ والحديث ضعفه الألباني في ” ضعيف الجامع ” برقم 4216] فَيُسْتَحَبُّ الْبُدَاءَةُ بِالْحَمْدِ لِكُل مُصَنِّفٍ ، وَدَارِسٍ ، وَمُدَرِّسٍ ، وَخَطِيبٍ ، وَخَاطِبٍ ، وَبَيْنَ يَدَيْ سَائِرِ الأْمُورِ الْمُهِمَّةِ ، قَال الشَّافِعِيُّ: أُحِبُّ أَنْ يُقَدِّمَ الْمَرْءُ بَيْنَ يَدَيْ خُطْبَتِهِ وَكُل أَمْرٍ طَلَبَهُ حَمْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءَ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَالصَّلاَةَ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ……
وَفِي فَتْحِ الْبَارِي : أَنَّ الْبَسْمَلَةَ لِلْكُتُبِ وَالْوَثَائِقِ وَالرَّسَائِل ، كَمَا فِي كُتُبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُلُوكِ وَمَا كَتَبَهُ فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ ، وَأَنَّ الْحَمْدَ لِلْخُطَبِ ” انتهى .
وقال القرطبي رحمه الله :
” اتَّفَقُوا عَلَى كَتْبِ ” بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ” فِي أَوَّلِ الْكُتُبِ وَالرَّسَائِلِ ” .
انتهى من ” تفسير القرطبي ” (13/ 193) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
” يشرع كتابة البسملة في البطاقات وغيرها من الرسائل ؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر ) ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يبدأ رسائله بالتسمية ، ولا يجوز لمن يتسلم البطاقة التي فيها ذكر الله أو آية من القرآن أن يلقيها في المزابل أو القمامات أو يجعلها في محل يرغب عنه ، وهكذا الجرائد وأشباهها ، لا يجوز امتهانها ولا إلقاؤها في القمامات ، ولا جعلها سفرة للطعام ، ولا ملفا للحاجات ؛ لما يكون فيها من ذكر الله عز وجل ، والإثم على من فعل ذلك ، أما الكاتب فليس عليه إثم ” .
انتهى من ” مجموع فتاوى ابن باز ” (5/ 427) .
ثانيا :
يشمل ذلك الحكم جميع الرسائل ذات الأمور المهمة ، سواء كانت دينية أو دنيوية ، ما لم تكن محرمة أو مكروهة .
جاء في ” الموسوعة الفقهية ” (8/ 92):
” اتَّفَقَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ مَشْرُوعَةٌ لِكُل أَمْرٍ ذِي بَالٍ ، عِبَادَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ” انتهى .
وهذا كله على سبيل الندب والاستحباب لا الوجوب .
وانظر جواب السؤال رقم : (146079) .
ثالثا :
إذا ذكر في الرسالة أو غيرها مع البسملة الحمد والثناء على الله ، والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم ، فلا حرج عليه ، وقد سبق كلام الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في ذلك ، وقد تكون هناك مناسبة أو حاجة إلى الثناء على الله تعالى ببعض الأسماء الحسنى التي يفهم من كتبت إليه الرسالة المقصود منها .
روى ابن أبي حاتم في ” تفسيره ” (10/ 3263) عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ قَالَ: ” كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ ذُو بَأْسٍ ، وَكَانَ يَفِدُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَفَقَدَهُ عُمَرُ فَقَالَ : مَا فَعَلَ فَلَانُ بن فلان ؟ فقالوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يُتَابِعُ فِي هَذَا الشَّرَابِ [يعني : يشرب الخمر] قَالَ: فَدَعَا عُمَرُ كَاتِبَهُ فَقَالَ : اكْتُبْ ” مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَى فُلانِ بْنِ فُلانٍ : سَلامُ عَلَيْكَ ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلا هُوَ غَافِرُ الذَّنْبِ وَقَابِلُ التَّوْبِ شَدِيدُ الْعِقَابِ ذِي الطّوْلِ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِير ” ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: ” ادْعُوا اللَّهَ لِأَخِيكُمْ أَنْ يُقْبِلَ بِقَلْبِهِ ، وَأَنْ يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ ” فَلَمَّا بَلَغَ الرَّجُلَ كِتَابُ عمر جعل يقرؤه ويردده ويقول : غَافِرُ الذَّنْبِ وَقَابِلُ التَّوْبِ شَدِيدُ الْعِقَابِ ، قَدْ حَذَّرَنِي عُقُوبَتَهُ وَوَعَدَنِي أَنْ يَغْفِرَ لِي ” .
وانظر : ” تفسير ابن كثير” (7/116) .
وروى الطبراني في ” الكبير” (4860) عن أَبِي الزِّنَادِ : ” أَنَّهُ أَخَذَ هَذِهِ الرِّسَالَةَ مِنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ : ” بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، لِعَبْدِ اللهِ مُعَاوِيَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ : سَلَامٌ عَلَيْكَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللهِ ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَمَا بَعْدُ ” فذكر الحديث .
وروى الخطيب في ” الكفاية ” (ص 340) عن عُبَيْد اللَّهِ بْن مُعَاذٍ , قَالَ : ” كَتَبَ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ , وَهُوَ قَاضِي الْكُوفَةِ إِلَى أَبِي وَهُوَ قَاضِي الْبَصْرَةِ : مِنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ إِلَى مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ , سَلَامٌ عَلَيْكَ , فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ , وَأَسْأَلُهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ , أَمَّا بَعْدُ : أَصْلَحَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ , بِمَا أَصْلَحَ بِهِ الصَّالِحِينَ فَإِنَّهُ هُوَ أَصْلَحَهُمْ “
وعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ : ” أَنَّ مُكَاتَبَةَ الْمُسْلِمِينَ كَانَتْ : ” مِنْ فُلَانٍ إلَى فُلَانٍ سَلَامٌ عَلَيْكَ ، أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَحْمَدُ إلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ ، وَأَسْأَلُهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ ” .
انتهى من ” الآداب الشرعية ” (1/ 388) .
والخلاصة :
أن افتتاح الرسائل بذكر الله تعالى والبسملة أمر مستحب مشروع ، فإن زاد على البسملة الثناء على الله ومدحه والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم فلا بأس بذلك ، وخاصة مع المصلحة والحاجة ، سواء في الأمور الدينية أو الدنيوية .
وانظر للفائدة جواب السؤال رقم : (198038) ، (146079) .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android