تنزيل
0 / 0

حكم تصدق المغتاب عمن اغتابهم بصدقة عامة؟

السؤال: 218351

ما من البشر إلا من رحم الله من اغتاب أو نم على بشر ، و كنت أفكر في نفسي لو أن المرء تصدق صدقة عامة على كل من اغتابه و نمه على نية أن يأتي المغتاب ليأخذ من حسنات تلك الصدقة بدل أن يأخذ من حسنات الذي اغتابه … هل يصح ذلك ؟ وهل يصح أن يتصدق الولد عن والديه بنفس تلك النية ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
كفارة الغيبة : الاستغفار لمن اغتبته ، والدعاء له ، والثناء عليه في غيبته ، هذا مع التوبة الصادقة ، والندم على تلك الفعلة الذميمة ، وينظر لبيان ذلك وتوضيحه أجوبة الأسئلة أرقام : (6308) ، (23328) ، (99554) .

ثانيا :
الغيبة ليست من الحقوق المالية ، ولكنها من الحقوق الأدبية ، فيكفي في التوبة منها ما تقدم ، ولا يحتاج المغتاب أن يتصدق بصدقة عمن اغتابه .

قال ابن القيم رحمه الله :
" هل يكفي في التوبة من الغيبة الاستغفار للمغتاب ، أم لا بد من إعلامه وتحليله ؟ الصحيح أنه لا يحتاج إلى إعلامه ، بل يكفيه الاستغفار وذكره بمحاسن ما فيه في المواطن التي اغتابه فيها . وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره .
والذين قالوا لا بد من إعلامه جعلوا الغيبة كالحقوق المالية ، والفرق بينهما ظاهر ، فإن الحقوق المالية ينتفع المظلوم بعود نظير مظلمته إليه ، فإن شاء أخذها وإن شاء تصدق بها . وأما في الغيبة فلا يمكن ذلك ولا يحصل له بإعلامه إلا عكس مقصود الشارع صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه يوغر صدره ويؤذيه إذا سمع ما رمى به " انتهى من " الوابل الصيب " (ص 141-142) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
إذا اغتاب شخص ما بعض الناس وذمهم وقام بعمل صدقة لهم جارية عمّا تحدث عنهم من ذكر سيئ هل يكفي هذا ؟ وهل يوفي هذا من حقوقهم ؟

فأجاب :
" الحقوق التي تجب على الإنسان لغيره نوعان : حقوق مالية وحقوق عرضية ، أما الحقوق المالية ، فلا بد أن نردها إلى أصحابها مهما كان الأمر ، فلو أن شخصاً جحد حقاً لآخر وليس به بينة للمدعي ثم تاب إلى الله وجب عليه أن يرد الحق إلى صاحبه على أي حال كان .

وأما الحقوق العرضية من سب وقدح ونحوه ، فلابد أيضا من استحلال صاحبها إذا علم أن هذا صدر منه ؛ لأنه إن لم يفعل بقي في نفس صاحبه شيء ، فلابد أن يستحله ويتخذ واسطة بينه وبينه إذا خاف أنه إذا ذهب إليه يستحله لم يفعل ، وتكون الواسطة واسطة خير . وأما إذا كان لم يعلم بما انتهكه من عرضه – يعني لم يعلم أنه اغتابه أو أنه ذمه في شيء – فإنه لا يحتاج إلى أن يخبره ، ولكن يثني عليه في المجالس التي كان اغتابه فيها ويستغفر الله له ، وهذا يكفي إن شاء الله " انتهى من " فتاوى نور على الدرب " لابن عثيمين .

وسئل الشيخ رحمه الله أيضا :
ما رأيكم يا فضيلة الشيخ بالشخص الذي تصدق عن كل من اغتابه بعد أن تاب إلى الله من ذلك ؟

فأجاب :
" إذا تاب الإنسان من الغيبة توبة نصوحاً ، فإن من تمام توبته أن يستحل الشخص الذي وقعت منه الغيبة عليه إن كان يعلم أنه قد بلغه أنه قد اغتابه ، أما إذا كان لم يعلم فيكفي أن يستغفر له وأن يذكر محاسنه في المكان الذي كان يغتابه فيه ؛ لأن الرجل إذا أحسن إلى من اغتابه بالثناء عليه بما هو أهله فالحسنات يذهبن السيئات " انتهى من " فتاوى نور على الدرب " لابن عثيمين .

وعلى هذا ، فهذه الصدقة المالية لا حاجة إليها ، وتكفي التوب الصادقة كما سبق .

وقول السائل : " ليأخذ المغتاب من حسنات تلك الصدقة بدلا من أن يأخذ من حسنات الذي اغتابه " فيقال : وما حسنات تلك الصدقة إلا حسنات الذي اغتابه .
ثم إن التوبة الصادقة تمحو الذنب كأنه لم يكن ، فلا يأخذ المظلوم من حسنات من ظلمه .

ثالثا :
إذا تصدق الولد عن أبيه أو أمه بعد وفاتهما فإن ثوابها يصل إليهما ، ويعد هذا من البر بهما بعد موتهما ، وينظر للفائدة إلى جواب السؤال رقم : (147802) .

فإذا اغتابهما أو أحدهما أو ذكرهما بسوء : فتلك كبيرة من كبائر الذنوب ، يلزمها التوبة النصوح ، وطلب العفو والمسامحة منهما ، والاجتهاد في برهما .
ولا يحتاج الولد مع ذلك أن يتصدق عنهما بنية الكفارة عن الغيبة .

وأخيرا : تصدق الإنسان بمالٍ عن نفسه أمر حسن ، ومن أسباب تكفير الذنوب ، وهو من مكملات التوبة ، فينبغي لمن أذنب أن يتوب إلى الله ، ومع التوبة يتصدق بشيء من ماله .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android