عندما يقال في الشرع : ” حُكم عليه بالموت ” فكيف يُطبق حكم الموت هذا، هل بالشنق أم بالذبح ؟
ما طرق تنفيذ القتل على المحكوم عليه بالقتل ؟
السؤال: 218360
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
طريقة تنفيذ الحكم بالقتل الصادر في حق شخص ما من طرف محكمة شرعية ؛ تختلف بحسب نوع الحكم أو سببه وتفصيل ذلك كالآتي :
أولا : الرجم :
1- رجم الزاني المُحصَن :
قال ابن قدامة :
” … وجوب الرّجم على الزّاني المحصن ، رجلا كان أو امرأة . وهذا قول عامّة أهل العلم من الصّحابة ، والتّابعين ، ومن بعدهم من علماء الأمصار في جميع الأعصار … وقد ثبت الرّجم عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بقوله وفعله ، في أخبار تشبه التّواتر ، وأجمع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم … وقد أنزله الله تعالى في كتابه ، وإنّما نسخ رسمه دون حكمه ” انتهى من ” المغني ” ( 12 / 309 ) .
2- جريمة اللواط :
في ” الموسوعة الفقهية الكويتية ” ( 35 / 340 – 341 ) :
” ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ عقوبة اللاّئط هي عقوبة الزّاني ، فيرجم المحصن ويجلد غيره وَيُغَرَّب لأنّه زنا بدليل قوله تعالى: ( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً ) وقال تعالى: ( وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ ) …
هذا في الجملة ، ولجمهور الفقهاء ولمخالفيهم في هذا الحكم تفصيل …
وذهب المالكيّة إلى أنّ من فعل فعل قوم لوط رُجِم الفاعل والمفعول به ، سواء كانا مُحْصَنَيْنِ أو غير مُحْصَنَيْن ، وإنّما يشترط التّكليف فيهما ، ولا يُشْتَرط الإسلام ولا الحُرِّيَّة …
والمذهب عند الشّافعيّة أنّه يجب باللّواط حدّ الزّنا، وفي قول يقتل الفاعل محصنا كان أو غيره لحديث ابن عبّاس رضي اللّه عنهما: ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ) … ” انتهى.
ثانيا : القتل قصاصا :
اختلف أهل العلم فبعضهم ذهب إلى أن تنفيذ حكم القصاص على القاتل يكون بالسيف ، وذهب بعضهم إلى أن الحكم ينفذ بمثل الطريقة التي نفذ بها القاتل جريمته ، فإن قَتَل بالسيف يُقتَل بالسيف ، وإن نفَّذ جريمتَه بالخنق ينفذ عليه القصاص بالخنق … الخ ، إلا إذا كانت طريقة الجريمة محرمة في ذاتها ، كمن قتل امرأة بالاغتصاب ، أو قتل شخصا بالسحر ، ففي هذه الحالة لا يقتل بمثل طريقة جريمته .
في ” الموسوعة الفقهية الكويتية ” ( 33 / 272 – 273 ) :
” طريقة استيفاء القصاص في النّفس ؛ ذهب المالكيّة والشّافعيّة وهو رواية للحنابلة إلى أنّ القاتل يقتصّ منه بمثل الطّريقة والآلة الّتي قتل بها ، لقوله تعالى: ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ ) ، إلاّ أن تكون الطّريقة محرّمة ، كأن يثبت القتل بخمر فيقتصّ بالسّيف عندهم ، وإن ثبت القتل بلواط أو بسحر ، فيقتصّ بالسّيف عند المالكيّة والحنابلة، وكذا في الأصحّ عن الشّافعيّة …
وذهب الحنفيّة وهو المذهب عند الحنابلة إلى أنّ القصاص لا يكون إلاّ بالسّيف ، ونصّ الحنابلة على أن يكون في العنق ، مهما كانت الآلة والطّريقة الّتي قتل بها ” انتهى.
ثالثا : القتل بالسيف .
1- حدّا :
قتل المرتد .
عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ : أُتِيَ عَلِيٌّ رضى الله عنه بِزَنَادِقَةٍ فَأَحْرَقَهُمْ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ : ” لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ لِنَهْىِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ الله ) ، وَلَقَتَلْتُهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ) رواه البخاري ( 6922 ) “.
قال ابن رجب رحمه الله تعالى :
” القتلُ للكفر ، إما لكفر أصلي ، أو لردّة عن الإسلام ، فأكثر العلماء على كراهة المُثلة فيه أيضاً ، وأنَّه يُقتل فيه بالسيف ” انتهى من ” جامع العلوم والحكم ” ( 1 / 366 ) .
2- تعزيرا :
والتعزير هو : ” التأديب في كل معصية لا حدّ فيها ولا كفارة ” انتهى من ” الحدود والتعزيرات عند ابن القيم ” للشيخ بكر أبو زيد ( ص 462 ) .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
” هل يجوز أن يبلغ بالتّعزير القتل ؟ فيه قولان : أحدهما: يجوز ، كقتل الجاسوس المسلم ، إذا اقتضت المصلحة قتله ، وهذا قول مالك وبعض أصحاب أحمد ، واختاره ابن عقيل . وقد ذكر بعض أصحاب الشّافعيّ وأحمد نحو ذلك في قتل الداعية إلى البدعة ، كالتّجهّم والرّفض ، وإنكار القدر ، وقد قتل عمر بن عبد العزيز غيلان القدريّ ، لأنّه كان داعية إلى بدعته. وهذا مذهب مالك – رحمه اللّه – وكذلك قتل من لا يزول فساده إلَا بالقتل … ” انتهى من ” الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ” ( ص 283 – 285 ) .
وسبب استعمال السيف في تنفيذ عقوبة القتل في أغلب الحالات – باستثناء عقوبة الرجم والقصاص عند من يقول بالمماثلة في الآلة – : أن الضرب بالسيف على العنق أسهل وجوه القتل ، فلا يتعذب المقتول ، وهذا من الإحسان في القتل .
عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ ، قَالَ ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ ) رواه مسلم ( 1955 ) .
قال ابن رجب رحمه الله تعالى :
” والقِتلة والذِّبحة بالكسر ، أي: الهيئة ، والمعنى: أحسنوا هيئة الذبح ، وهيئة القتل . وهذا يدلّ على وجوب الإسراع في إزهاق النفوس التي يُباح إزهاقها على أسهل الوجوه . وقد حكى ابنُ حَزمٍ الإجماع على وجوب الإحسان في الذبيحة .
وأسهل وجوه قتل الآدمي ضربه بالسيف على العنق ، قال الله تعالى في حقّ الكفار: ( فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ ) ، وقال تعالى: ( سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ ) .
وقد قيل: إنّه عيَّن الموضع الذي يكون الضرب فيه أسهل على المقتول وهو فوق العظام دون الدماغ ” انتهى من ” جامع العلوم والحكم ” ( 1 / 363 ) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب