0 / 0

الترهيب من تكفير المسلم بغير بينة ، وقبل قيام الحجة عليه .

السؤال: 218441

ما صحة الحديث التالي ؟ لأني رأيت جماعات ضالة في الهند تستخدمه ضدنا، خصوصاً عندما نحذرهم من عبادة القبور ونقول لهم : إن ذلك شرك. هذا هو نص الحديث: أن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه حدثه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : ( إن مما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن ، حتى إذا رؤيت بهجته عليه ، وكان رداؤه الإسلام اعتراه إلى ما شاء الله انسلخ منه ونبذه وراء ظهره وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك ) ، قال قلت يا نبي الله أيهما أولى بالشرك المرمي أو الرامي ؟ ، قال : ( بل الرامي ). رواه بن حبان في صحيحه، المجلد الأول، ص 282.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
يجب الحذر الشديد من تكفير المسلم ، فإن من الذنوب العظيمة أن يكفر المسلم أخاه المسلم وهو بريء من ذلك .
روى ابن حبان (81) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" (2907) ، والبزار (2793) عن حذيفة رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ قَرَأَ الْقُرْآنَ حَتَّى إِذَا رُئِيَتْ بَهْجَتُهُ عَلَيْهِ ، وَكَانَ رِدْئًا لِلْإِسْلَامِ ، غَيَّرَهُ إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ ، فَانْسَلَخَ مِنْهُ وَنَبَذَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ ، وَسَعَى عَلَى جَارِهِ بِالسَّيْفِ ، وَرَمَاهُ بِالشِّرْكِ ) ، قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَيُّهُمَا أَوْلَى بِالشِّرْكِ، الْمَرْمِيُّ أَمِ الرَّامِي؟ قَالَ: ( بَلِ الرَّامِي )" .
قال ابن كثير رحمه الله :
" إِسْنَادٌ جَيِّدٌ " انتهى ، وحسنه الألباني في "الصحيحة" (3201) .
ويشهد لهذا المعنى ما رواه البخاري (6104) ، ومسلم (60) – واللفظ له – عن ابْن عُمَرَ رضي الله عنهما ، قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لِأَخِيهِ : يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا، إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ ، وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ ) .
وانظر جواب السؤال رقم : (33769) .
ثانيا :
هذا التشديد إنما هو فيمن رمى مسلما بالكفر ، وهو بريء منه ، بل تجرأ على ذلك بغير سلطان شرعي .
أما إذا كان المرمي بالشرك أهلا لما رمي به : فلا شيء على الرامي ، لأنه قد وصفه بما يستحقه ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : ( فإن كان كما قال وإلا رميت عليه ) يعني إذا كان المرمي بالكفر : قد فعل ما يوجب تكفيره فعلا ، فلا حرج على من قال له يا كافر.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" ( إذا قال الرجل لأخيه : يا كافر فقد باء بها أحدهما ) فالمعنى : إذا كان ليس أهلا لذلك ، إذا قال له: يا كافر وليس أهلا لذلك ، أما إذا كان أهلا لذلك فإنه يبوء بها هو، المقول له " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (6/ 253) .
والظاهر من الحديث : أنه في حال الخوارج ، الذين ابتدعوا تكفير المسلمين ، فكفروا أهل الكبائر ، أو أهل المعاصي ، وسعوا عليهم بالسيف ، فتركوا أهل الأوثان ، وقاتلوا أهل الإسلام ، وهذا هو وصفهم الثابت في غير هذا من الأحاديث والآثار .
ثالثا:
لا يجوز تكفير المسلم حتى تقوم عليه الحجة الشرعية أن ما يفعله كفر.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" إذا لم تبلغه الحجة، فإنه لا يحكم بكفره؛ لقوله تعالى: (وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ) . وقوله تعالى: (وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون) . وقوله تعالى: (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده) إلى قوله: (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما) . وقوله تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (3/ 53)
وقال أيضا :
" لا يقال للشخص المعين : يا كافر حتى تقام عليه الحجة ، ويتبين له أن فعله كفر " .
انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (4/ 2) بترقيم الشاملة .
وانظر جواب السؤال رقم : (111362) .

وقد تقدم في جواب السؤال رقم : (85102) أنه يجب قبل الحكم على المسلم بكفر أو فسق أن ينظر في أمرين :
أحدهما : دلالة الكتاب أو السنة على أن هذا القول أو الفعل موجب للكفر أو الفسق .
الثاني : انطباق هذا الحكم على القائل المعين أو الفاعل المعين ، بحيث تتم شروط التكفير أو التفسيق في حقه ، وتنتفي الموانع .
ومن أهم الشروط :
1- أن يكون عالماً بمخالفته التي أوجبت أن يكون كافراً أو فاسقاً .
2- ومن الموانع أن يقع ما يوجب الكفر أو الفسق بغير إرادة منه .
3- ومن الموانع أن يكون متأولا تأويلا سائغا : يعني أن تكون عنده بعض الشبه التي يتمسك بها ويظنها أدلة حقيقية ، أو يكون لم يستطع فهم الحجة الشرعية على وجهها .

رابعا :
من الأهمية بمكان في هذه المسألة : أن نعلم أن الشخص المعين ، وإن كان معذورا بخطأ ، أو جهل ، أو تأويل سائغ ، أو نحو ذلك من الأعذار ؛ فإن ذلك لا يعني : أن الفعل في نفسه لا يوصف بكونه كفرا ، أو شركا ؛ بل هذا وصف ثابت للأفعال ، بحكم الله فيها ، وهذا المطلوب الأعظم ، والمقصود الأهم في هذا الباب ، لا سيما في أوقات الجهل والفترات ، وأزمنة الاستضعاف ، التي لا يكون فيها سلطان قائم للمسلمين ، فيصبح النظر في حال الفاعل في كثير من الأحوال : مسألة نظرية أكثر من أن يكون لها واقع عملي ، وإنما المهم في الدعوة ، أيا ما كان المكان والزمان : أن تتبين مخالفة الفعل المعين لشرع الله ، ويحكم عليه بما يستحق في الميزان الشرعي ، ليحذر فاعله من الإقدام عليه .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (118144) ، ورقم : (194157).
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android