0 / 0

دعا فتاة للإسلام وأبدت رغبتها الشديدة للدخول في الإسلام ، ويريد الزواج منها كزوجة ثانية ويريد المشورة

السؤال: 218713

أنا شخص متزوج ولدي طفل ، وحياتي مع زوجتي مستقرة ، وقد سافرت إلى دولة إسلامية للدراسة ، وخلال دراستي تعرفت على أصدقاء أجانب ، وكان من ضمنهم فتاة كنت أرسلت لها موقعًا للتعريف بالإسلام ، وكنت أحادثها أحيانًا عن الإسلام ، وحدثت بيننا علاقة حب لا علاقة جنسية ، أعلم أنها لا تجوز ، فالمرأة الآن على استعداد للدخول في الإسلام ، وقد طلبت منها مرارًا أن تقرأ ؛ لأني أشعر أنها دخلت في الإسلام عندما عرفت مني أني لا أستطيع أن أرتبط إلا بمسلمة ، وهي أخبرتني أنني السبب الأول ، فقلت لها: هذا لا يجوز، بل يجب أن تقتنعي قناعة من داخلك ، ودعوتها لتقر أ، وحاولت أن أشرح لها ما استطعت ، فقالت: إنها بدأت تحب الإسلام .
وأسئلتي هي :
1- كيف أتزوجها زواجًا شرعيًا ، علمًا أنه ليس من أهلها من هو مسلم إطلاقًا ؟
وهي أيضا تدرس في ماليزيا على نفقة والديها وتخاف أن تخبرهم بأنها تريد الزواج فيقطعوا عنها المساعدة فلا تستطيع إكمال الدراسة ، فهل يجوز الزواج منها بدون علم أهلها ؟
2- بالنسبة لمسألة التعدد : لي سنتين وأنا أراود نفسي ، واقرأ الكثير من المواقع وآراء العلماء ، ولكني رأيت ولاحظت أن جميعهم لا يحبذ فكرة أن يتزوج الرجل بزوجة ثانية ، ولا أعلم سبب هذه الهجمة ، فمنهم يقول : إذا كنت مرتاحا مع أسرتك فلا داعي ، فهل أبيح التعدد فقط إذا كان هناك مشاكل ، حيث وإني أحب زوجتي ، ولكني أيضا أصبحت أحب هذه المرأة ايضاً
فهل أيضا يجب أن أكره زوجتي لكي أفكر في الزواج مرة أخرى ، أصبحت أشعر من كلامهم أن التعدد شبه حرام ، من كثر ما يخوفونا منه ، فهل أنا آثم إذا تزوجت الثانية ؟ وهل إذا صارت هناك مشاكل من الزواج الثاني فهل أنا آثم لأني أقدمت عليه ؟
أرجو النصح والمشورة حيث إني أصبحت أعاني من هذا .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:
الدعوة إلى الإسلام أشرف الوظائف ، قال تعالى : ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) سورة فصلت / 33 .
وهي وظيفة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، ويجب على الداعي أن يكون على بصيرة في دعوته إلى الله تعالى ، وأن يجاهد نفسه في سبيلها .
وما ذكره السائل من وقوعه في علاقة مع فتاة لا تحل له : أمر منكر ، يجب عليه أن يجاهد نفسه على التخلص منه ، وعدم الاستمرار فيه .
وليس يفهم من هذا أن تُترَك هذه الفتاة دون دعوة إلى الإسلام ، بل ينبغي له أن يستمر في ذلك بواسطة غيره من النساء الداعيات ، أو بواسطة دعاة رجال تؤمن عليهم الفتنة ، و( لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم ) .
واللائق بالمسلم الداعي إلى الله أولا : أن يقف وقفة حازمة ، وينتهي عن الخوض في أمر يعلم حرمته ، ويخشى من عواقبه الوخيمة على دينه ودنياه ، ثم يبدأ ثانيا بالتماس السبل المباحة للوصول إلى مراده .
فإن تيسر السبيل الحلال بعد ذلك : فالحمد لله ، وإن لم يتيسر له مراده ، أو حال دون ذلك عقبات ، فيكون قد قطع علائقه من هذه الفتاة ، وأَمِن من خطوات الشيطان التي قد تقوده إلى الموبقات ، بعد أن كان من الداعين إلى دين الله العظيم ، وكم من الناس من استدرجهم الشيطان بمثل تلك الخيوط ، حتى أوقعهم في مهاوي المنكر والفحشاء .
وتأمل قوله تعالى :( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) النازعات / 40-41 ؛ ألسنا نخاف من القيام بين يديه تعالى للجزاء ؟
قال ابن تيمية : ” وَيَحْتَاجُ الْمُسْلِمُ فِي ذَلِكَ إلَى أَنْ يَخَافَ اللَّهَ وَيَنْهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى ، وَنَفْسُ الْهَوَى وَالشَّهْوَةِ : لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ ، بَلْ عَلَى اتِّبَاعِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ ، فَإِذَا كَانَتْ النَّفْسُ تَهْوَى ، وَهُوَ يَنْهَاهَا ، كَانَ نَهْيُهُ عِبَادَةً لِلَّهِ وَعَمَلًا صَالِحًا ” انتهى من “مجموع الفتاوى ” (10/635) .
ليس الشجاع الذي يحمي مطيته * يوم النزال ونار الحرب تشتعل
لكن من غض طرفا أو ثنى قدما * عن الحرام فذاك الفارس البطل
فالقوي من يتغلب على دواعي الشهوة ويستعلي على من يزينها له من الشياطين .
قال طاووس : ” في قوله تعالى : ( وخلق الإنسان ضعيفا ) : ليس يكون الإنسان في شيء أضعف منه في أمر النساء ” انتهى من ” المحرر الوجيز ” (2/40) .
وقال ابن القيم ” لقد ركب الله سبحانه الطباع على شهوة الصور المستحسنة ، وامتحن العباد بمجاهدة أنفسهم على الصبر وإيثار ما عنده ، وشرع لهم من الأوراد والعبادات ، في ليلهم ونهارهم ما ، يستعينون به على محاربة داعي النفس والشيطان ، من الصلوات الخمس وتوابعها ، ومن الصيام والحج والجهاد الظاهر والباطن ” .
انتهى من ” كشف الغطاء ” لابن القيم (ص/93) .
ثانيا:
إذا كانت هذه الفتاة قد أسلمت حقا : جاز للمسلم الزواج منها ، ويزوجها قريبها المسلم إن وجد ، وإلا فيزوجها القاضي المسلم ، إذ لا ولاية لكافر على مسلمة ، وينظر جواب السؤال رقم : (143511) .
وأما إذا كانت هذه الفتاة لم تسلم بعدُ ، فإن كانت كتابية عفيفة ، ” نصرانية أو يهودية ” ، فيجوز للمسلم أن يتزوجها ، ويكون وليها أباها ، بل لا يصح عقد النكاح إلا إذا عقده وليها ، فإن رفض أبوها تزويجك ؛ بغضا لدين الإسلام ، أو خوفا من إسلامها أو نحو ذلك ، من الأسباب التي لا ترجع لمصلحة ابنته : جاز أن يزوجها الأقرب فالأقرب من عصباتها ، فإن امتنعوا ، انتقلت الولاية إلى الحاكم المسلم . وينظر تفصيل ذلك في جواب السؤال رقم : (111844) .
وبناء على ذلك فإن كانت هذه الفتاة قد أسلمت ، جاز لك الزواج منها دون علم أهلها ، وإن كانت كتابية لم تسلم بعد ، فلابد من إخبار أهلها ؛ لأن ولايتهم عليها لا زالت قائمة .
فإن لم تكن الفتاة مسلمة ولا كتابية : فلا يجوز لك الزواج منها مطلقا ؛ لقوله تعالى : ( وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ) البقرة / 221 ، وينظر جواب السؤال رقم : (26885) .
ثالثا:
الزواج بأكثر من زوجة واحدة أمر مشروع ، بشرط : القدرة المالية ، والقدرة البدنية ، والقدرة على العدل بين الزواجات ، ولا يتشرط له بغض زوجته الأولى ، أو شيء مما ذكره السائل في سؤاله؛ ولم يقل أحد من أهل العلم : إن الزواج إنما أبيح عند وجود المشاكل ، ولعل ما سمعته أو قرأته من تحذيرٍ من التعدد إنما كان في قضايا عينية يكون فيها حال المستفتي لا يسمح بالتعدد ، سواء لخوف عدم العدل ، أو لضعفٍ في قدرته البدنية ، أو المالية ، أو غير ذلك من الأسباب التي لا ترجع إلى أصل حكم التعدد ، بل لما يحف تلك القضية العينية من ملابسات ، حتى لقد ذهب بعض العلماء إلى أنه ، من حيث الأصل ، أفضل من الاقتصار على زوجة واحدة ، وينظر جواب السؤال رقم : (49044) .
فإن كنت تقدّر حصول مشاكل بسبب زواجك الثاني ، فأنت طبيب نفسك ، وعليك أن توازن بين المصالح المترتبة على زواجك الثاني ، والمفاسد أيضا المترتبة على ذلك ، على أن يكون ميزانك صحيحا عند التقدير ، فإن كان الميزان مختلا بسبب ما داخل قلبك من حب الفتاة الأخرى ، أو طول غربة عن الزوجة الأولى ، فلا تقدم حتى تمهد لقدمك موطئها ، وإلا كنت كمن جنى على نفسه ، لا غيرك الذي جنى ، والعاقل : لا يبني قصرا ، ويهدم مصرا ، بل يرى أين يضع قدمه أولا ، ثم يخطو .
والناس في هذا الشأن يختلفون اختلافا بيّنا ، بحسب قبائلهم ومناطقهم ، فمن المناطق ما يشيع فيها التعدد ويكون الخطب فيه هينا ، ومنها ما يكون فيها التعدد سببا لتفرق الأسرة والأولاد ، وحدوث المشاكل العظيمة .
ثم هذا كله أمر في جانب ، وكون هذه الفتاة ، بالظروف التي ذكرتها : أمر آخر ، يدعوك إلى أن تتريث في الأمر ، وتفكر جيدا في عواقب زواجك بها ، بالصورة الممكنة لك ، وما يمكن أن يترتب على ذلك .
ولو استشرتنا ، لقلنا لك ، بعد ذلك كله : السلامة لا يعدلها شيء ؛ والنساء سواها كثير ، متى احتجت إلى زوجة أخرى .
لم نحرم عليك شيئا ، وإن رأيته كذلك ، لأنه مخالف لهواك ؛ فقط : أشرنا عليك بما يبدو أنه الأسلم لك ، والأنسب لظروفك .
فإن شق عليك وعليها ذلك ، أو خفتما العنت ، فلا حرج عليك ، ولا إثم في الزواج بها ، ثم أنت أبصر بأمرك ، وأدرى بشأنك ، وحجيج نفسك ، وقد قال الله تعالى : ( بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) القيامة/14-15 .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android