0 / 0

أجّر طابقا من عمارته لمركز إسلامي فأقاموا فيه صلاة الجمعة وتسببوا في الإضرار به

السؤال: 218803

أملك عمارة تجارية مكونة من أربعة طوابق ، وقد قمت مؤخراً بتأجير الطوابق الأولى كمكاتب لأشخاص غير مسلمين ، وبعد ذلك بفترة طلب مني أحد الأشخاص المعروفين هنا تأجيره الطابق الثالث ليكون مركزاً إسلامياً ، وقد أخبرني أنه سيستخدم المكان لصلاة الظهر والعصر والمغرب من قبل الموظفين في المركز مما جعلني سعيداً ، ولذلك قمت بتأجيره المكان ، وبعد مدة أقنعني بالسماح له بإقامة صلاة التراويح في المكان ، فوافقت وأنا سعيدٌ بذلك ، وبعد مدة من الزمن طلب مني السماح له بإقامة صلاة الجمعة في المركز ووافقت بعد أن أقنعني على مضض ؛ لعلمي بأنّ ازدحام المكان سيزعج المستأجرين الآخرين ، وهو ما حصل لاحقاً حيث أصبح المكان مزدحماً لدرجة أنه أصبحت تقام صلاة الجمعة مرتين ، بالإضافة إلى أنّ الأحذية أصبحت تملأ المكان والدرج والطريق ، بالإضافة إلى الأشخاص الذين يقفون في الخارج ، وقد أدى ذلك إلى عدم تأجير الطابق الرابع وإلى تضايق المستأجرين الآخرين ، وبالرغم من طلبي المتكرر لصاحب المركز أن يعمل على تنظيم المكان ، والحرص على عدم إزعاج الآخرين ، لكنه لم يتخذ أي إجراءات بهذا الخصوص فالمكان صغير ، وأنا أريد أن أطلب منهم إخلاء المكان ، ولكنني أخشى الله ؛ لأن المكان يستخدم كمركز إسلامي ، لذا أرجو منكم النصح والتوجيه حول كيفية التعامل مع هذه المسألة ، وكيف يمكن للمركز أن يستمر بالعمل دون أن يؤثر ذلك على المستأجرين الآخرين فهذا العقار هو مصدر دخلي الوحيد .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا : نهنئك على هذا الشعور الإيماني الذي تمتلكه .
وهنا نصيحتان :
الأولى : للإخوة الكرام القائمين على هذا المركز الإسلامي .
هذا التصرف منهم لا يصح ويجب عليهم أن ينصفوا مالك العمارة للآتي :
1- من القواعد العظيمة في شريعتنا الإسلامية : أن الضرر يزال .
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ ) رواه الحاكم ، وقال صحيح الإسناد على شرط مسلم ، ورواه ابن ماجه (2340) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه .
ومعنى الحديث : ” أي : لا يضرّ الرجل أخاه ابتداء ولا جزاء ” انتهى من ” المغرب في ترتيب المعرب ” (2/8) .

ومن الضرر الذي يجب إزالته ، إلحاق مفسدة بالغير من غير حق .
وإقامة صلاة الجمعة بالطريقة التي ذكرها السائل قد تؤدي إلى تعطيل مكاتبه المؤجرة وإلحاق الضرر بمعيشته وبمن يعول .

2- عن أبي حُرَّةَ الرَّقَاشِيِّ ، عن عمه رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّهُ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ ) رواه الإمام أحمد في مسنده (20172) ، وصححه الألباني في ” إرواء الغليل ” (5/279) .
وقد اعتبر أهل العلم أن أخذ مال الإنسان بسيف الحياء ، هو أكل لماله بغير طيب نفس منه ، ويعتبر نوعا من الغصب .
جاء في ” الموسوعة الفقهية الكويتية ” ( 18 / 263 ) :
” صرّح الشّافعيّة والحنابلة أنّه‏ :‏ إذا أخذ مال غيره بالحياء ، كأن يسأل غيره مالاً في ملأ فدفعه إليه بباعث الحياء فقط ، أو أهدي إليه حياءً هديّةً يعلم المهدى له ‏:‏ أنّ المهدي أهدى إليه حياءً لم يملكه ، ولا يحلّ له التّصرّف فيه … فللمأخوذ بالحياء حكم المغصوب ، وعلى الآخذ ردّه ، أو التّعويض عنه‏ ” انتهى . ‏

وصاحب العقار ليس راضياً ولا موافقا على تعطيلهم الممرات والمداخل المعدة لمرور الناس واستعمالها كمكان للأحذية ، ويمنعه من منعهم الحياء ، واستشعار الحرج من أجل المركز الإسلامي والصلاة .
فعلى الإخوة المسؤولين عن ذلك المركز أن يتنبهوا إلى هذا ، وأن يتقوا الله في صاحب العقار .

ثانيا :
أما النصيحة لصاحب العقار .
فعليك أن تفي بالالتزام الذي بينك وبينهم بالنسبة لعمل المركز الذي تم التعاقد عليه إلى انتهاء المدة المتفق عليها .

وأما صلاة الجمعة فهي لم تكن ضمن محتوى عقد الإيجار فليس واجبا عليك أن تأذن بها ، لكننا لا ننصحك أبدا بإلغائها ، بل ننصحك بالتفاهم معهم حتى يتم تجنب المشكلات التي ذكرتها ، وعليكم جميعا أن تراعوا أنكم في بلاد غير إسلامية ، فاحرصوا على عدم أذية الناس وإزعاجهم حتى تعطوا صورة حسنة للأخلاق الإسلامية ، مما ييسر لكم دعوة الناس إلى الله ، فعليكم بالتعاون على البر والتقوى بدلا من أن يؤدي هذا التصرف إلى صد الناس عن الاستفادة من هذا المركز الإسلامي أو يقع ضرر على صاحب العقار وسائر المستأجرين .

نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالكم وأن يوفقكم لكل خير .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android