0 / 0

ما حكم دعاء الله بقول ( سيدي ) أو ( يا سيدي) ؟

السؤال: 218910

هل يجوز نداء الله بقول : سيدي أو يا سيدي ؟

ملخص الجواب

والحاصل : أن مناجاة الله جل جلاله ، ودعاءه بـ"يا سيدي" : جائز لا حرج فيه ، وإن كان الأحسن من ذلك مراعاة هدي القرآن ، وطريقة السلف وجادتهم المسلوكة في هذا الباب ، فيبدأ دعاءه بـ "رب ، ربنا " ، أو "اللهم" ، أو يتوسل إلى ربه بما يناسب حاجته من أسمائه الحسنى وصفاته العليا ، فيقول ـ مثلا ـ : يا رحمن ، ارحمني ؛ يا تواب ، تب علي .. ، ونحو ذلك . والله أعلم .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
” السيد” من أسماء الله الحسنى ، كما ثبت في السنة النبوية الصحيحة ، عن عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ قال: ” انطلقتُ في وفدِ بني عامرٍ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، فقلنا: أنتَ سيّدُنا.
فقال: ( السَّيدُ الله )” .
رواه الإمام أحمد في “مسنده” (16307)، والبخاري في “الأدب المفرد” (211)، وأبو داود في “سننه” (4806) ، وقال ابن مفلح في “الآداب الشرعية” (3/ 464): ” إسناده جَيِّد” ، وقال الحافظ في “الفتح” (5/179): ” رجاله ثقات وقد صحَّحه غير واحد” ، وصحَّحه صاحب “عون المعبود” (4/ 402)، وصحَّحه الشيخ الألبانيُّ في “صحيح الجامع” (3594).
قال الدكتور محمد خليفة التميمي ” ورد ذكر هذا الاسم في جمع : ابن منده ، والحليميِّ ، والبيهقيِّ ، وابنِ حزم ، والأصبهانيِّ ، وابن العربىِّ ، والقُرطبيِّ ، وابن القيِّم ، والعثيمين ، والقحطانيِّ ، ونور الحسن خان ” انتهى من “معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله الحسنى” (ص: 155).
قال البيهقي : ” وَمِنْهَا ( السَّيِّدُ) وَهَذَا اسْمٌ لَمْ يَأْتِ بِهِ الْكِتَابُ ، وَلَكِنَّهُ مَاثُورٌ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ”. انتهى من “الأسماء والصفات” (1/ 67) .
وينظر: ” التوحيد ومعرفة أسماء الله عز وجل ” لابن منده (2/ 132) ، “المنهاج في شعب الأيمان” للحليمي (1/192) ، “أحكام القرآن” لابن العربي(2/343)، “القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى” لابن عثيمين (ص: 16)

قال ابن القيم: ” وَأما وصف الرب تَعَالَى بِأَنَّهُ السَّيِّد ، فَذَلِك وصف لرَبه على الْإِطْلَاق ، فَإِن سيد الْخلق هُوَ مَالك أَمرهم الَّذِي إِلَيْهِ يرجعُونَ ، وبأمره يعلمُونَ ، وَعَن قَوْله يصدرون ، فَإِذا كَانَت الْمَلَائِكَة وَالْإِنْس وَالْجِنّ خلقا لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وملكا لَهُ ، لَيْسَ لَهُم غنى عَنهُ طرفَة عين ، وكل رغباتهم إِلَيْهِ ، وكل حوائجهم اليه : كَانَ هُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى السَّيِّد على الْحَقِيقَة .
قَالَ عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي تَفْسِير قَول الله (الصَّمد) قَالَ: السَّيِّد الَّذِي كمل سؤدده ” انتهى من “تحفة المودود ” (ص: 126)
وقال: ” فإن السيد إذا أطلق عليه تعالى فهو بمعنى : المالك ، والمولى ، والرب”.
انتهى من “بدائع الفوائد” (3/1176).
وينظر جواب السؤال : (11388) ، (149820) .

ثانياً :
إذا ثبت أن السيد من أسماء الله ، فالدعاء به : جائز ، لا حرج فيه ، لقول الله تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا )الأعراف/ 180.
قال السعدي : ” وهذا شامل لدعاء العبادة ، ودعاء المسألة ، فيدعى في كل مطلوب بما يناسب ذلك المطلوب ، فيقول الداعي مثلا : اللّهم اغفر لي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ، وتب عَلَيَّ يا تواب ، وارزقني يا رزاق ، والطف بي يا لطيف ، ونحو ذلك”.
انتهى من “تفسير السعدي” (ص: 309) .
وقد كره بعض أهل العلم – كالإمام مالك – دعاء الله بقول : يا سيدي ، أو سيدي ، وذلك – والله أعلم – لأن هذا الاسم لم يثبت عنده أنه من أسماء الله الحسنى .

ثالثا :
كره بعض أهل العلم الدعاء بـ”سيدي” ، كما نقل عن الإمام مالك وغيره .
قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ: ” وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ وَابْنُ أَبِي عِمْرَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمَا أَنْ يَقُولَ الدَّاعِي: يَا سَيِّدِي يَا سَيِّدِي ، وَقَالُوا: قُلْ كَمَا قَالَتْ الْأَنْبِيَاءُ: رَبِّ ، رَبِّ”.
انتهى من “مجموع الفتاوى” (1/ 207) ، وينظر “جامع العلوم والحكم” (1/292).
وسياق الرواية بتمامها عن الإمام مالك ذكره ابن رشد في “البيان والتحصيل” فقال:
” سئل هل كان أحد بالمدينة يكره أن يقول العبد لسيده: يا سيدي؟
فقال: لا، ولم يُكره ذلك، وقال الله تعالى: ( وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ) ، وقال تبارك وتعالى: (وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) ، فلم يُكره ذلك.
قيل : يقولون إن السيد هو الله .
قال: فأين في كتاب الله أن الله هو السيد؟ هو الرب، قال: ( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ) ، وقال: ( وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) .
قيل: أفتكره أن يدعو الرجل فيقول يا سيدي؟
فقال: غير ذلك أحب إليَّ ؛ أن يدعو بما في القرآن ، وما دعت به الأنبياء.
قيل: ذلك أحب إليك من أن يقول يا سيدي؟
فقال نعم، لا أحب أن يقول يا سيدي ، وغير ذلك أحب إلي”.
انتهى من “البيان والتحصيل” (18/430).
قال ابن رشد : ” وإنما كره مالك الدعاء بـ (يا سيدي ، ويا حنان) ، وبما أشبه ذلك من الأسماء؛ لاختلاف أهل العلم في جواز تسميته بها ، إذ لم ترد في القرآن ، ولا في السنن المتواترة ، ولا أجمعت الأمة على جواز تسميته بها” انتهى من “البيان والتحصيل” (17/423).

قال الداودي عن الحديث الوارد في هذا الباب: ” فيه أيضًا جواز الدعاء بـ (يا سيدي) ، ومالك يكرهه وقال: يُدعى بما في القرآن ، ولعله لم يبلغه الحديث”.
نقله عنه في “التوضيح لشرح الجامع الصحيح” (29/102) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android