تنزيل
0 / 0
62,70210/08/2014

معنى وقوف المصلي بين يدي الله عز وجل

السؤال: 218924

هل صحيح أننا نقف بين يدي الله تعالى عندما نصلي؟ ما الدليل على ذلك ، وما المقصود به؟
لقد تفكرت كثيراً في كيف كان السلف والصالحون يطيلون الصلاة ، وكيف تمكنوا من ذلك ، فهل يستطيع من لا يحفظ كثيراً من القرآن أن يطيل صلاته ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
إذا العبد قام إلى الصلاة قام بين يدي الله عز وجل . ومعنى (بين يديه) أنه يكون
أمام ربه ، والله جل جلاله تلقاء وجهه ؛ وليس المراد باليد هنا اليد التي هي صفة
الله تعالى .
قال الإمام أبو منصور الأزهري ، رحمه الله :
” وَيُقَال : بيْن يَديْك كَذَا ، لكلّ شَيْء أمامك. قَالَ الله : (مِّن بَيْنِ
أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) الْأَعْرَاف/ 17 ” انتهى من ” تهذيب اللغة ”
(14/169) .

وقال الراغب الأصفهاني رحمه
الله :
” ويقال: هذا الشيء بين يديك ، أي : متقدما لك ، ويقال : هو بين يديك أي :
قريب منك ، وعلى هذا قوله : ( ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ )
الأعراف/ 17 ، (ولَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا) مريم/ 64 ” انتهى من ”
المفردات ” (156) .

ثانيا :

قال ابن القيم رحمه الله :

” للْعَبد بَين يَدي الله موقفان : موقف بَين يَدَيْهِ فِي الصَّلَاة ، وموقف بَين
يَدَيْهِ يَوْم لِقَائِه ، فَمن قَامَ بِحَق الْموقف الأول هوّن عَلَيْهِ الْموقف
الآخر ، وَمن استهان بِهَذَا الْموقف وَلم يوفّه حقّه شدّد عَلَيْهِ ذَلِك الْموقف
” انتهى من ” الفوائد ” (ص 200) .
وروى البخاري (406) ومسلم (547) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ” أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى بُصَاقًا فِي جِدَارِ الْقِبْلَةِ
، فَحَكَّهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ : ( إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ
يُصَلِّي فَلَا يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا
صَلَّى ) ” .
فهو سبحانه وتعالى مستوٍ على عرشه ، وهو قِبل وجه المصلي حقيقة ، على وجه يليق
بجلاله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” الْعَبْدُ إذَا قَامَ إلَى الصَّلاةِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ رَبَّهُ وَهُوَ
فَوْقَهُ ، فَيَدْعُوهُ مِنْ تِلْقَائِهِ ، لا مِنْ يَمِينِهِ وَلا مِنْ شِمَالِهِ
، وَيَدْعُوهُ مِنْ الْعُلُوِّ لا مِنْ السُّفْلِ ” انتهى من ” الرسالة العرشية ”
(ص: 32) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” يمكن الجمع بين ما ثبت من علو الله بذاته ، وكونه قِبَل المصلي من وجوه :
الأول : أن النصوص جمعت بينهما ، والنصوص لا تأتي بالمحال .
الثاني : أنه لا منافاة بين معنى العلو والمقابلة ، فقد يكون الشيء عاليا وهو مقابل
، لأن المقابلة لا تستلزم المحاذاة ، ألا ترى أن الرجل ينظر إلى الشمس حال بزوغها
فيقول : إنها قبل وجهي . مع أنها في السماء، ولا يعد ذلك تناقضا في اللفظ ولا في
المعنى، فإذا جاز هذا في حق المخلوق ففي حق الخالق أولى.
الثالث: أنه لو فرض أن بين معنى العلو والمقابلة تناقضا وتعارضا في حق المخلوق ،
فإن ذلك لا يلزم في حق الخالق، لأن الله تعالى ليس كمثله شيء في جميع صفاته، فلا
يقتضي كونه قبل وجه المصلي ، أن يكون في المكان أو الحائط الذي يصلي إليه، لوجوب
علوه بذاته، ولأنه لا يحيط به شيء من المخلوقات، بل هو بكل شيء محيط ” انتهى “مجموع
فتاوى ورسائل العثيمين” (4/ 51) . وانظر جواب السؤال رقم : (40865)
.

ثالثا :

كان السلف الصالح يطيلون
الصلاة ، ويكثرون منها لأنها كانت قرة أعينهم ، وكان أحدهم لا يكاد يخرج من صلاته
إلا وهو يشتاق إليها .
قال ابن القيم رحمه الله :
” الصلاة قرة عيون المحبين ، وسرور أرواحهم، ولذة قلوبهم، وبهجة نفوسهم، يحملون
هَمّ الفراغ منها إذا دخلوا فيها كما يحمل الفارغ البطال همها حتى يقضيها بسرعة …

وبالجملة: فمن كان قرة عينه في الصلاة ، فلا شيء أحب إليه ، ولا أنعم عنده منها،
ويودّ أَن لو قطع عمره بها ، غير مشتغل بغيرها ، وإنما يسلي نفسه إذا فارقها ، بأنه
سيعود إليها عن قرب، فهو دائماً يثوب إليها ، ولا يقضى منها وطراً .
فلا يزنُ العبد إيمانه ومحبته لله بمثل ميزان الصلاة، فإنها الميزان العادل” انتهى
من ” طريق الهجرتين ” (ص 307) .

ويستطيع من لا يحفظ كثيرا من
القرآن أن يطيل صلاته ، وذلك بعدة طرق ، منها :
1- أن يقرأ عدة سور من قصار السور التي يحفظها في الركعة الواحدة .
2- أن يكرر ما يقرأه ، فيقرأ سورة قصيرة ، أو عدة آيات ، ويكررها كثرا ، فلا حرج
على المصلي أن يكرر ما يقرأه ، أو أن يقرأ أكثر من سورة في الركعة الواحدة ، وكل
ذلك قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله .
3- أن يقرأ من المصحف إذا كان ذلك في صلاة النافلة .

وينبغي أن يُعلم : أن الأفضل
في الصلاة أن تكون متناسبة ، فإذا أطال القيام أطال سائر الأركان ، كما كان النبي
صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك .
وليهتم المصلي بالخشوع في الصلاة ، واستحضار القلب فيها ، واستحضار عظمة الله عز
وجل ومراقبته ، فأفضل الصلاة صلاة الخاشعين المخبتين ، ولو كانت صلاة خفيفة .

والله تعالى أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android