0 / 0
123,92624/09/2014

يسأل عن المسائل التي اختلف فيها الأئمة الأربعة

السؤال: 219303

ما النقاط التي اختلف فيها الأئمة الأربعة ؟ وما الأدلة الصحيحة لكل منهم في ذلك ؟ لأن معرفة ذلك سيساعدني كثيراً في توضيح مسألة ضرورة التقليد الأعمى واتباع مذهب بعينه ، وهي مسألة كثيراً ما يثيرها المسلمون ويدعون إليها .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا : النقاط التي اختلف فيها الأئمة الأربعة المتبعون كثيرة ولا يمكن تتبعها في جميع أبواب الفقه في مثل هذا الجواب ، مع أن الوقوف عليها ممكن في كتب الخلاف ، مثل : :المغني” لابن قدامة ، و”بداية المجتهد” لابن رشد ، ونحوهما .

ولكن من الممكن هنا تسليط الضوء على بعض أسباب اختلاف الفقهاء بصفة عامة ، فمن أسباب اختلافهم على سبيل المثال :

1. تعارض الأدلة الشرعية في نظر المجتهد ، فتختلف طرائق الفقهاء في الترجيح أو الجمع بينها , قال علماء اللجنة الدائمة في بيان أسباب اختلاف العلماء : ” تعارض الأدلة: فيختلف نظر الفقهاء في الترجيح أو الجمع بينها ، مثل : حديث النهي عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ، وحديث نهي من دخل المسجد عن الجلوس حتى يصلي ركعتين تحية للمسجد ؛ فاختلف الفقهاء في تطبيق ذلك على من دخل المسجد في وقت نهي عن الصلاة فيه ، فمنهم من قدم أحاديث النهي عن الصلاة ، ومنهم من قدم حديث تحية المسجد ، ولكل أدلة في ترجيح ما اختاره”. انتهى من “فتاوى اللجنة الدائمة” – 1 (5 / 31).

2. اختلاف يرجع إلى اللغة العربية ، كاختلافهم في تفسير “المشترك” في اللغة ، وهو اللفظ الذي يدل في اللغة على معنيين أو أكثر ، مثل قوله تعالى ( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ ) البقرة/ 228 ، فلفظ “القرء” في اللغة العربية مشترك بين معنيين ، يطلق لغة على الطهر ، وعلى الحيض أيضا ، والنص دل على أن المطلقات يتربصن ثلاثة قروء ، فيحتمل أن يراد ثلاثة أطهار ، ويحتمل أن يراد ثلاث حيضات ، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم (170581) . يقول ابن القيم – رحمه الله – في الصواعق المرسلة (2 / 565):  ” ومن هذا : الخلافُ العارض من جهة كون اللفظ مشتركا أو مجملا أو مترددا بين حمله على معناه عند الإطلاق ، وهو المسمى بالحقيقة ، أو على معناه عند التقييد ، وهو المسمى بالمجاز ، كاختلافهم في المراد من القرء : هل هو الحيض ، أو الأطهار ، ففهمت طائفة منه الحيض ، وأخرى الطهر” انتهى.

3. اختلافهم في الأدلة الإجمالية من حيث الاعتبار وعدمه ، مثال ذلك : عمل أهل المدينة فيما كان طريقه النقل ، فقد كان الإمام مالك – رحمه الله – شديد الاعتناء بعمل أهل المدينة ، ويرى أنه حجة في دين الله تعالى ، وأنه لا يجوز مخالفة جماعتهم . وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم (179514).

4. اختلاف يرجع إلى التفاوت في الإحاطة بالعلم ، وقوة الفهم في النصوص الشرعية ، قال علماء اللجنة الدائمة: ” أما أسباب اختلاف العلماء فكثيرة ، منها : أن كل واحد منهم لا يحيط بالعلم كله ، فقد يخفى عليه ما علم غيره ، وقد يفهم من النصوص ما لا يفهمه غيره عندما يختفي عليه الدليل الواضح “. انتهى من فتاوى اللجنة الدائمة – 1 (2 / 178).

5. اختلاف يرجع إلى السنة المطهرة ؛ كاختلافهم في تصحيح الحديث أو تضعيفه ، يقول ابن القيم – رحمه الله – في الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (2 / 556) وهو يوضح أسباب الخلاف : ” السبب الثالث: اعتقاد ضعف الحديث باجتهاد قد خالفه فيه غيره , فقد يعتقد أحد المجتهدين ضعف رجل ويعتقد الآخر ثقته وقوته , وقد يكون الصواب مع المضعِّف ؛ لاطِّلاعه على سببٍ خَفِيَ على الموثق , وقد يكون الصواب مع الآخر لعلمه بأن ذلك السبب غير قادح في روايته وعدالته” انتهى. وكاشتراط بعضهم في خبر الواحد شروطاً لا يشترطها غيره , قال ابن القيم – رحمه الله – في الصواعق المرسلة (2 / 559) : “السبب الرابع : اشتراط بعضهم في خبر الواحد العدل شروطا يخالفه فيها غيره ، كاشتراط بعضهم أن يكون الراوي فقيها إذا خالف ما رواه القياس ، واشتراط بعضهم انتشار الحديث وظهوره إذا كان مما تعم به البلوى ، واشتراط بعضهم أن لا يكون الحديث قد تضمن زيادة على نص القرآن لئلا يلزم منه نسخ القرآن به ، وهذه مسائل معروفة” انتهى.

6. اختلافهم فيما يتعلق بالقواعد الأصولية ؛ كاختلافهم في المراد بنص معين هل هو باق على عمومه أم دخله التخصيص ؟ وهل باق على إطلاقه أم قُيِّد بنص آخر  ، وكاختلافهم في دلالة الأمر والنهي ، واختلافهم في المنطوق والمفهوم ، إلي غير ذلك .

وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (128658) .

ثانيا: بخصوص مسألة تقليد مذهب بعينه من مذاهب الأئمة الأربعة ، فقد سبق الكلام عنها بالتفصيل مع ذكر كلام أهل العلم في الفتوى رقم (21420) , والفتوى رقم (103339). ويراجع حكم التقليد في الفتوى رقم (148057) .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android