0 / 0

لا حرج في الاحتفال لتشجيع الأبناء وتعليمهم الصلاة عند بلوغ السابعة

السؤال: 219422

إحدى صديقاتي بلغت ابنتها سن السابعة ، فأرادت عمل حفلة لابنتها حتى تخبرها بأنها يجب أن تصلي ، وتوضح لها بأن الصلاة هي سبب هذه الفرحة ، وسبب هذه الحفلة . وقد أنكرتُ عليها بأن الاحتفالات واللقاءات ليست وسيلة لتعليم الصلاة ، فكيف نعلِّم أبناءنا الصلاة ويستشعرون أهميتها بالاجتماعات والتسلية ؟! وأنها لو كافأتها بالحفلة بعد تعلمها الصلاة تكريما لها يكون أقرب للصواب ، أما قبل تعلمها الصلاة فغير لائق . لكنها ترى أن الحفلة تشجيع للطفلة على أداء الصلاة ، ورمتني بالتشدد الزائد . فهل الحفلة قبل بدء التعليم تعتبر وسيلة لكي يحب الطفل الصلاة ؟ أفيدونا بالصواب مع الدليل .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لا حرج في إقامة الأم حفلا صغيرا بمناسبة بلوغ ابنتها سن السابعة ، تريد بذلك تشجيعها وحثها على الصلاة ، وذلك للأوجه التالية:
أولا :
أن هذا الحفل ليس حفلا دينيا ، ولا عيدا يتكرر ، فهو داخل في أبواب العادات في الفقه الإسلامي التي الأصل فيها الإباحة كما هي القاعدة في العادات .
يقول الإمام الشاطبي رحمه الله :
" العادات : الشارع قصد فيها اتباع المعاني ، لا الوقوف مع النصوص ، بخلاف باب العبادات، فإن المعلوم فيه خلاف ذلك " انتهى باختصار من " الموافقات " (2/ 523) .
وقد سبق في موقعنا تقرير قاعدة : " الأصل في العادات الإباحة " في أجوبة موسعة ، يمكنكم الاطلاع عليها في الأرقام الآتية : (135458)، (149278) .
ثانيا :
هذا النوع من الأساليب التربوية يندرج في " الوسائل " ذات الإطار الرحب الذي جاءت الشريعة بفتحه ، وتيسيره ، وتركه للناس وما يبدعون ، وما يناسب بيئتهم الثقافية والاجتماعية ، فالحث على الصلاة والتزام التكاليف مقصد شرعي ، والوسيلة إليها أيضا مشروعة ، سواء كانت من خلال الوعظ المباشر ، أو التسلية واللعب ، أو السلوك العملي ، أو الاحتفال مع الأهل والأصدقاء ، كلها وسائل مشروعة لمقصد مشروع ، والوسائل لها أحكام المقاصد .
ثالثا :
لا فرق بين التشجيع قبل تعلم الصلاة أو بعد تعلم الصلاة ، فإذا لم يستنكر الناس مكافأة الطفل لمحافظته على صلاته ، فلا ينبغي أن نستنكر – أيضا – إقامة تكريم صغير له تحفيزا وتشجيعا وإيذانا ببدء مرحلة جديدة في حياته .
رابعا :
ثبت عن الصحابة الكرام أنهم استعملوا الوسائل المتيسرة في زمانهم لغرض التثبيت على العبادة ، فعَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ رضي الله عنها قَالَتْ : ( كُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ [تعني عاشوراء] ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا ، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ ) رواه البخاري (1960)، ومسلم (1136) .
ففيه دليل على تنوع الوسائل التربوية ، وجواز الاجتهاد فيها ، وأنها ليست توقيفية ولا نصية ، وإنما الأمر متاح فيها بما يتناسب مع المقام .
وقد ذكر الفقهاء في أنواع " الولائم " ، و" طعام السرور " : طعام الحذاق ، وهو لأجل تجدد نعمة دينية ، وليس لفعله أصل في السنة .
قال البهوتي رحمه الله :
" .. (حِذَاقٌ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَتَخْفِيفِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَآخِرُهُ قَافٌ ( لِطَعَامٍ عِنْدَ حِذَاقِ صَبِيٍّ ) ، قَالَ فِي الْقَامُوسِ : يَوْمُ حِذَاقِ الصَّبِيِّ ، يَوْمُ خَتْمِهِ الْقُرْآنَ " انتهى من " كشاف القناع " (5/165) .

خامسا :
وأخيرا ، لا ينبغي التشديد في مثل هذه القضايا ، كي لا يجر ذلك نفورا من الدين ، أو تنطعا زائدا يشق على الناس ، فالشريعة السمحة لا تمنع من العادات إلا ما فيه مفسدة أو يؤدي إلى مفسدة ، وعندها ستجد أكثر الناس متفقين على وجاهة تحريم تلك العادة .
أما إذا لم يظهر وجه المفسدة ، فالكلام في التحريم حينئذ مجازفة تقتضي التوقف مرات ومرات ، كي لا يقع هذا المحرم فيما نعاه الله على المشركين ، وفيما نهى عنه في قوله عز وجل : ( قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ) الأنعام/150.

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android