0 / 0

كيف تكون الشكوى إلى الله تعالى وحده ؟

السؤال: 219681

هل يمكنكم شرح كيف تكون الشكوى لله سبحانه وتعالى وحده ؟ ففي سورة يوسف يقول الله تعالى على لسان يعقوب عليه السلام : ( إنما أشكو بثي وحزني إلى الله، وأعلم من الله ما لا تعلمون ) ، وفي سورة المجادلة : ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إنّ الله سميع بصير ) .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

ينبغي أن تكون الشكوى إلى الله تعالى وحده ، فإن ذلك من تمام عبودية العبد وتوكله وفقره وحاجته إلى ربه ، ومن تمام استغنائه به سبحانه عن الناس .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الشَّكْوَى إِنَّمَا تَكُونُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ : (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ) " انتهى من "منهاج السنة النبوية" (4/ 244) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ بِالصَّبْرِ الْجَمِيلِ ، وَالصَّفْحِ الْجَمِيلِ ، وَالْهَجْرِ الْجَمِيلِ ، فَسَمِعْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ – قَدَّسَ اللَّهُ رَوْحَهُ – يَقُولُ: الصَّبْرُ الْجَمِيلُ هُوَ الَّذِي لَا شَكْوَى فِيهِ ، وَلَا مَعَهُ ، وَالصَّفْحُ الْجَمِيلُ هُوَ الَّذِي لَا عِتَابَ مَعَهُ. وَالْهَجْرُ الْجَمِيلُ هُوَ الَّذِي لَا أَذَى مَعَهُ ،
وَالشَّكْوَى إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا تُنَافِي الصَّبْرَ. فَإِنَّ يَعْقُوبَ – عَلَيْهِ السَّلَامُ – وَعَدَ بِالصَّبْرِ الْجَمِيلِ ، وَالنَّبِيُّ إِذَا وَعَدَ لَا يُخْلِفُ. ثُمَّ قَالَ: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ) يوسف/ 86، وَكَذَلِكَ أَيُّوبُ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ وَجَدَهُ صَابِرًا مَعَ قَوْلِهِ: (مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) الأنبياء/ 83 .
وَإِنَّمَا يُنَافِي الصَّبْرَ شَكْوَى اللَّهِ ، لَا الشَّكْوَى إِلَى اللَّهِ ، كَمَا رَأَى بَعْضُهُمْ رَجُلًا يَشْكُو إِلَى آخَرَ فَاقَةً وَضَرُورَةً ، فَقَالَ: يَا هَذَا، تَشْكُو مَنْ يَرْحَمُكَ إِلَى مَنْ لَا يَرْحَمُكَ؟ ثُمَّ أَنْشَدَ:
وَإِذَا عَرَتْكَ بَلِيَّةٌ فَاصْبِرْ لَهَا ** صَبْرَ الْكَرِيمِ فَإِنَّهُ بِكَ أَعْلَمُ
وَإِذَا شَكَوْتَ إِلَى ابْنِ آدَمَ إِنَّمَا ** تَشْكُو الرَّحِيمَ إِلَى الَّذِي لَا يَرْحَمُ ؟.
انتهى من "مدارج السالكين" (2/ 160) .
وقال أيضا :
" الشكوى نوعان : أحدهما: الشكوى إلى الله فهذا لا ينافي الصبر، كما قال يعقوب: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ) مع قوله: (فصبر جميل) وقال أيوب: (مسني الضر) مع وصف الله له بالصبر، وقال سيد الصابرين صلوات الله وسلامه عليه (اللهم أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتى … ).
والنوع الثاني : شكوى المبتلى بلسان الحال والمقال ، فهذه لا تجامع الصبر ، بل تضاده وتبطله ، ففرق بين شكواه والشكوى إليه " انتهى من "عدة الصابرين" (ص 17) .
وقال السعدي رحمه الله :
" الشكوى إلى الله لا تنافي الصبر، وإنما الذي ينافيه، الشكوى إلى المخلوقين ".
انتهى "تفسير السعدي" (ص 411) .

فالشكوى إلى الله : أن يكون العبد بحيث إذا أصابه شيء ، أو نزل به أمر ، أو افتقر إلى حاجة : اشتكى إلى الله وحده ، ورفع حاجته إليه ، وأنزلها به – كما هو حال الأنبياء عليهم السلام في حاجاتهم وشكاياتهم -، فذكر ربه ودعا وتضرع ، وتاب وأناب ، وتقرب إليه بأنواع العبادات ؛ لأن ذلك من تمام عبوديته وتوكله على الله .
انظر جواب السؤال رقم : (5952) ، (148943) .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android