تنزيل
0 / 0

هل كان صلى الله عليه وسلم يعلم العلوم الكونية التجريبية ؟

السؤال: 219812

هل كان صلى الله عليه وسلم يعلَم الحقائق العلمية . مثلا ، هل كان عليه الصلاة والسلام يعلم بأن الأرض كروية ، عندما كانت تنزل الآيات التي تذكر سطحية الأرض – أعلم أن السطحية لا تناقض الكروية – أم يقال : بأنه حمل الآيات على ظاهرها !؟
ملاحظة : أنا أسأل إن كان يعلم أم لا ، ولا أسأل لماذا لم يبين ذلك ؛ لأن لذلك حكما يعلمها الله – قد يكون منها عدم تقبل عقول الناس للأمر في ذلك الزمان فينفرهم ذلك – ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

نبينا الكريم محمد عليه أفضل الصلاة والسلام كان عالما بتعليم الله عز وجل ، وعِلمه
الذي اختصه الله به دون سائر البشر هو علم الوحي والهداية والتشريع ، فهو النور
المبين الذي ابتعثه الله عز وجل للعالمين ، بما يصلح أحوالهم ، وبما يهمهم في
معاشهم ومعادهم ، وبما يعرفهم إلى ربهم جل وعلا .
يقول الله سبحانه وتعالى : ( وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ
وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا )
النساء/113 .
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :
” ( وعلمك ما لم تكن تعلم ) أي : من قبل نزول ذلك عليك ” انتهى من ” تفسير القرآن
العظيم ” (2/410) .
ويقول عز وجل : ( إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى )
النجم/4-5 .
يقول العلامة السعدي رحمه الله :
” ثم ذكر المعلِّم للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو جبريل عليه السلام ، أفضل
الملائكة الكرام وأقواهم وأكملهم ، فقال : ( عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ) أي : نزل
بالوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام ” انتهى من ” تيسير الكريم
الرحمن ” (818) .
وقال سبحانه وتعالى : ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا
كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا
نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ
مُسْتَقِيمٍ ) الشورى/52 .
كل هذه الآيات الكريمات ، تدل على أن ما اختص الله عز وجل به نبيه صلى الله عليه
وسلم هو العلم الذي نزل بالوحي من السماء ، وفيه الهداية للبشرية جمعاء ، وهو
الكتاب الكريم ، والسنة المطهرة . وما عدا ذلك من تجارب الدنيا وخبرتها وعلوم أهل
الأرض فليست المقصودة بالوحي ، ولم ينزل بها العلم الخاص من الرب سبحانه لنبيه
الكريم عليه الصلاة والسلام .
يقول القاضي عياض رحمه الله :
” أما ما يتعلق من [ معارف الأنبياء ] بأمر الدنيا ، فلا يشترط في حق الأنبياء
العصمة من عدم معرفة الأنبياء ببعضها ، أو اعتقادها على خلاف ما هي عليه ، ولا
وَصْم عليهم فيه.. إذ هممهم متعلقة بالآخرة وأنبائها.. وأمر الشريعة وقوانينها..
وأمور الدنيا تضادها . بخلاف غيرهم من أهل الدنيا الذين ( يعلمون ظاهرا من الحياة
الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون )
ولكنه.. لا يقال إنهم لا يعلمون شيئا من أمر الدنيا !! فإن ذلك يؤدي إلى الغفلة
والبله ، وهم المنزهون عنه .
بل قد أرسلوا إلى أهل الدنيا ، وقُلِّدوا سياسَتَهم وهدايتَهم ، والنظرَ في مصالح
دينهم ودنياهم ، وهذا لا يكون مع عدم العلم بأمور الدنيا بالكلية ، وأحوال الأنبياء
وسيرهم في هذا الباب معلومة ، ومعرفتهم بذلك كله مشهورة..
– وأما إن كان هذا العَقْد [أي: المعرفة والاعتقاد] ، مما يتعلق بالدين : فلا يصح
من النبي صلى الله عليه وسلم إلا العلم به ، ولا يجوز عليه جهله جملة ” انتهى من ”
الشفا بتعريف حقوق المصطفى ” (2/ 269) .
بل ثبت عنه صلى الله عليه وسلم نفي علمه بتفاصيل ما في الدنيا من تجارب وعلوم ، كما
ثبت عن أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَرَّ بِقَوْمٍ يُلَقِّحُونَ ، فَقَالَ : ( لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلُحَ ) قَالَ
: فَخَرَجَ شِيصًا . فَمَرَّ بِهِمْ فَقَالَ : مَا لِنَخْلِكُمْ ؟ قَالُوا : قُلْتَ
كَذَا وَكَذَا . قَالَ : أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ ) رواه مسلم
(2363) .
قال ابن حزم رحمه الله :
” فهذه عائشة وأنس لم يدعا في روايتها إشكالا ، وأخبرا أنه صلى الله عليه وسلم
أعلمنا أننا أعلم بما يصلحنا في دنيانا منه . ففي هذا كان يشاور أصحابه ، وأخبرا
أنه صلى الله عليه وسلم جعل أمر آخرتنا إليه ، لا إلى غيره ، وأمر الآخرة هو الدين
والشريعة فقط ، فلم يجعل ذلك صلى الله عليه وسلم إلى أحد سواه ، وبطل بذلك رأي كل
أحد ” انتهى من ” الإحكام ” (2/38) .

ولم يرد عن أحد من المفسرين أو العلماء ، فيما نعلم ، إثبات نسبة العلوم
الطبيعية أو التجريبية ، إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، خاصة ما يستجد منها بعده ،
فلا يجوز أن يبلغ بنا الغلو بالنبي عليه الصلاة والسلام مقاما لم يثبت في الكتاب
ولا في السنة ، وليس في عدمه منقصة في حقه عليه الصلاة والسلام .
يقول العلامة محمد رشيد رضا رحمه الله :
” ( وعلمك ما لم تكن تعلم ) هو في معنى قوله تعالى : ( ما كنت تدري ما الكتاب ولا
الإيمان )، ولا دليل فيه على أن المراد به تعليمه الغيب مطلقا ، بل هو الكتاب
والشريعة ، وخصوصا ما تضمنته هذه الآيات من العلم بحقيقة الواقعة التي تخاصم فيها
بعض المسلمين مع اليهودي ” انتهى من ” تفسير المنار ” (5/329) .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android