تنزيل
0 / 0
90,09425/08/2014

هل في قوله تعالى : ( حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) إشارة إلى حث المؤمنات على المكث في بيوتهن ؟

السؤال: 220101

قال جل وعلا عن الحور العين : ( حورٌ مقصورات في الخيام ) .
هل في الآية دلالة على أفضلية عدم كثرة الخروج للنساء في الدنيا ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
وصف الله تعالى نساء أهل الجنة بأنهن قاصرات أطرافهن عن غير أزواجهن ، فقال : (
فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ ) الرحمن/56 ، وقال : ( حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي
الْخِيَامِ ) الرحمن/72 .
قال ابن القيم رحمه الله :
” ووصفهن بأنهن ( مقصورات في الخيام ) أي : ممنوعات من التبرج والتبذل لغير أزواجهن
، بل قد قُصِرْن على أزواجهن ، لا يخرجن من منازلهم ، وقَصَرْنَ عليهم فلا يردن
سواهم ، ووصفهن سبحانه بأنهن ( قاصرات الطرف ) وهذه الصفة أكمل من الأولى ، فالمرأة
منهن قد قصرت طرفها على زوجها ، من محبتها له ورضاها به ، فلا يتجاوز طرفها عنه إلى
غيره ” انتهى من ” روضة المحبين ” ( ص 244 ) .
وانظر إجابة السؤال رقم : (60188) ،
وإجابة السؤال رقم : (96619) .

ثانيا :
في هاتين الآيتين إشارة لطيفة إلى حث نساء المؤمنين وحضهن على التزام بيوتهن
والقرار فيها ، وعدم الخروج منها إلا للحاجة .
ولاشك أن الله تعالى منّ على الحور العين بأحسن الأوصاف الخَلقية والخُلقية وأكملها
، ومن ذلك : كونهن مقصورات في خيامهن لا يخرجن منها ، وهذا من تمام كونهن مقصورات
على أزواجهن ، لا حظ لأحد فيهن إلا أزواجهن ، فقصرت الواحدة منهن طرفها على زوجها ،
وامتنعت الأعين أن تراها .
وهذا لو تم لنساء أهل الدنيا لما وقعت فتنة ، فكلما استقرت المرأة في بيتها ولم
تخرج ؛ انحسرت الفتنة وقل وجودها ، فإن فتنة النساء من أعظم ما ابتلي به الرجال .
وقد روى الترمذي (1173) وصححه عن ابن مسعود عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، قَالَ : ( المَرْأَةُ عَوْرَةٌ ، فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا
الشَّيْطَانُ ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
قال الشنقيطي رحمه الله :
” اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ أَثْنَى عَلَيْهِنَّ – يعني الحور العين – بِنَوْعَيْنِ
مِنْ أَنْوَاعِ الْقَصْرِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ ، وَالطَّرْفُ الْعَيْنُ ،
وَمَعْنَى كَوْنِهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ هُوَ مَا قَدَّمْنَا ، مِنْ أَنَّهُنَّ
لَا يَنْظُرْنَ إِلَى غَيْرِ أَزْوَاجِهِنَّ ، بِخِلَافِ نِسَاءِ الدُّنْيَا .
وَالثَّانِي مِنْ نَوْعَيِ الْقَصْرِ: كَوْنُهُنَّ مَقْصُورَاتٍ فِي خِيَامِهِنَّ ،
لَا يَخْرُجْنَ مِنْهَا ; كَمَا قَالَ تَعَالَى لِأَزْوَاجِ نَبِيِّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ
تَعَالَى : (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ) ، وَكَوْنُ الْمَرْأَةِ
مَقْصُورَةٌ فِي بَيْتِهَا لَا تَخْرُجُ مِنْهُ مِنْ صِفَاتِهَا الْجَمِيلَةِ ،
وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ; وَمِنْهُ قَوْلُهُ :
مَنْ كَانَ حَرْبًا لِلنِّسَاءِ ** فَإِنَّنِي سِلْمٌ لَهُنَّهْ
فَإِذَا عَثَرْنَ دَعَوْنَنِي ** وَإِذَا عَثَرْتُ دَعُوتُهُنَّهْ
وَإِذَا بَرَزْنَ لِمَحْفِلٍ ** فَقِصَارُهُنَّ مِلَاحُهُنَّهْ
فَقَوْلُهُ : قِصَارُهُنَّ ، يَعْنِي : الْمَقْصُورَاتِ مِنْهُنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ
اللَّاتِي لَا يَخْرُجْنَ إِلَّا نَادِرًا ، كَمَا أَوْضَحَ ذَلِكَ كُثَيِّرُ
عَزَّةَ فِي قَوْلِهِ :
وَأَنْتِ الَّتِي حَبَّبْتِ كُلَّ قَصِيرَةٍ ** إِلَيَّ وَمَا تَدْرِي بِذَاكَ
الْقَصَائِرُ
عَنَيْتُ قَصِيرَاتِ الْحِجَالِ وَلَمْ أُرِدْ ** قِصَارَ الْخُطَا ، شَرُّ
النِّسَاءِ الْبَحَاتِرُ
وَالْحِجَالُ : جَمْعُ حَجْلَةٍ ، وَهِيَ الْبَيْتُ الَّذِي يُزَيَّنُ لِلْعَرُوسِ
، فَمَعْنَى قَصِيرَاتِ الْحِجَالِ : الْمَقْصُورَاتِ فِي حِجَالِهِنَّ ” انتهى من
” أضواء البيان ” (6/ 313-314) .
وينظر : ” غذاء الألباب ” للسفاريني (2/ 422-423) .

وقال الشيخ عبد الله آل
محمود رحمه الله :
” وقد وصف الله نساء الجنة بما تتصف به الحرائر العفائف في الدنيا ، فوصفهن بالبيض
المكنون ، ووصفهن بالمقصورات في الخيام ” انتهى من ” الأخلاق الحميدة للمرأة
المسلمة ” (ص4) .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android