تنزيل
0 / 0

هل الذي يردد الأذان خلف المؤذن يكون له مثل أجره ، سواء بسواء ؟

السؤال: 220102

سمعت أحد المشايخ يقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن المؤذن : ( وله أجر من صلى معه ) ، وأنه قال رجل للنبي عليه الصلاة والسلام : إن المؤذنين يفضلوننا ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( قل كما يقولون ) ، فقال الشيخ : ” فإذا رددت الأذان خلف مؤذن الحرم مثلا كان لك مثل أجر من صلى معه في الحرم ” ؛ فهل استنباطه هذا صحيح ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
روى النسائي (646) من طريق قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْكُوفِيِّ ، عَنِ
الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ ،
وَالْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ بِمَدِّ صَوْتِهِ وَيُصَدِّقُهُ مَنْ سَمِعَهُ مِنْ
رَطْبٍ وَيَابِسٍ ، وَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ صَلَّى مَعَهُ ) .

قال ابن الملقن في ” البدر
المنير ” (3/ 385): ” إسناده جيد ” ، وصححه الألباني في ” صحيح النسائي ” .
لكن الحديث أعلَّه ابن رجب بقوله : ” وأبو إسحاق هذا ، قال أحمد : ما أظنه السبيعي
. وذكر الترمذي في ” العلل ” أنه لا يعرف لقتادة سماعاً من أبي إسحاق الكوفي ”
انتهى ، من ” فتح الباري ” – لابن رجب (5/ 226) .
وأعلّه – أيضا – من المعاصرين : الشيخ مُقِبل الوادعي ، رحمه الله في كتابه : ”
أحاديث معلة ظاهرها الصحة ” برقم (56) .
وقال محققو مسند الإمام أحمد ، ط الرسالة : ” حديث صحيح دون قوله : ” وله مثل أجر
من صلى معه ” انتهى من ”
حاشية المسند ” (30/446) .

قال السندي رحمه الله :
” قَوْله : ( مَنْ صَلَّى مَعَهُ ) أَيْ : إِنْ كَانَ إِمَامًا ، أَوْ مَعَ إِمَامه
إِنْ كَانَ مُقْتَدِيًا بِإِمَامٍ آخَر، لِحُكْمِ الدَّلَالَة ، لَكِنَّ هَذَا
يَقْتَضِي أَنْ يُخَصّ بِمَنْ حَضَرَ بِأَذَانِهِ ، وَالْأَقْرَب الْعُمُوم ،
َخْصِيصًا لِلْمُؤَذِّنِ بِهَذَا الْفَضْل ، وَفَضْل اللَّه أَوْسَع ، وَاَللَّه
تَعَالَى أَعْلَم ” انتهى من ” حاشية السندي على سنن النسائي ” (2/ 13) .

ثانيا :
روى أبو داود (524) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّ رَجُلًا ، قَالَ :
يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْمُؤَذِّنِينَ يَفْضُلُونَنَا ، فَقَالَ : رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قُلْ كَمَا يَقُولُونَ فَإِذَا
انْتَهَيْتَ فَسَلْ تُعْطَهْ ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وروى الطبراني في ” الكبير” (802) عن مُعَاوِيَةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَنْ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ فَقَالَ
مِثْلَ مَا يَقُولُ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ) .
قال المنذري رحمه الله :
” رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن
الْحِجَازِيِّينَ ، لَكِن مَتنه حسن ، وشواهده كَثِيرَة ” انتهى من ” الترغيب
والترهيب ” (1/ 115) .
وضعفه الألباني في ” ضعيف الترغيب والترهيب ” (168) .

وعلى فرض ثبوت هذا اللفظ ،
والحديث الذي قبله : فليس معناه : أن له مثل أجره سواء بسواء ، ولكن : من حيث أصل
الأجر ، فالمِثْلية لا تقتضي المساواة من كل وجه .
قال المناوي رحمه الله :
” (فله مثل أجره) أي فله أجر كما للمؤذن أجر ، ولا يلزم منه تساويهما في الكم
والكيف ” انتهى من ” فيض القدير ” (6/ 155) .

وهذا مثل قوله صلى الله عليه
وسلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : ( صُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ
، فَإِنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ )
رواه البخاري (1976)،  ومسلم (1159) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” قَوْله : ( مِثْل صِيَام الدَّهْر ) : يَقْتَضِي أَنَّ الْمِثْلِيَّةَ لَا
تَسْتَلْزِمُ التَّسَاوِي مِنْ كُلّ جِهَة لِأَنَّ الْمُرَاد بِهِ هُنَا : أَصْلُ
التَّضْعِيفِ ، دُونَ التَّضْعِيفِ الْحَاصِلِ مِنْ الْفِعْل , وَلَكِنْ يَصْدُقُ
عَلَى فَاعِل ذَلِكَ أَنَّهُ صَامَ الدَّهْر مَجَازًا ” انتهى من ” فتح الباري ”
(4/ 220) .

وروى الترمذي (2325) وصححه ،
عن أبي كَبْشَةَ الأَنَّمَارِيُّ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ ، عَبْدٍ
رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ ، وَيَصِلُ فِيهِ
رَحِمَهُ ، وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا ، فَهَذَا بِأَفْضَلِ المَنَازِلِ ،
وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ
النِّيَّةِ يَقُولُ : لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ
بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ … ) الحديث .
قال ابن القيم رحمه الله في ” عدة الصابرين ” (ص 255) : 
” قوله (وأجرهما سواء) فإن كلا منهما نوى خيرا وعمل ما يقدر عليه ، فالغنى
نواه ونفذه بعلمه ، والفقير العالم نواه ونفذه بلسانه ، فاستويا في الأجر من هذه
الجهة ، ولا يلزم من استوائهما في أصل الأجر، استواؤهما في كيفيته وتفاصيله ، فإن
الأجر على العمل والنية ، له مزية على الأجر على مجرد النية التي قارنها القول ،
ومن نوى الحج ولم يكن له مال يحج به ، وإن أثيب على ذلك ؛ فإن ثواب من باشر أعمال
الحج مع النيه : له مزية عليه ” انتهى .

وعلى ذلك : فلا يقال : ” من
ردد الأذان خلف مؤذن الحرم كان له مثل أجر من صلى معه في الحرم ” ، وإنما له مثل
أجر المؤذن من حيث أصل الأجر ، لا من حيث تضعيفه .
وهذا التخريج على فرض ثبوت الحديث ، وإلا فقد سبق الكلام في كلا اللفظين .

راجع للفائدة إجابة السؤال
رقم : (149053) .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android