0 / 0

هل في الإبل المتخذة للسباق زكاة ؟

السؤال: 220191

هل الإبل التي تتخذ للسباق فيها زكاة ، علما أنها معلوفة وليست سائمة ، لكنها باهظة الثمن جدا ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
ثبت بالسنة النبوية الصحيحة وجوب الزكاة في بهيمة الأنعام وهي : الإبل والبقر والغنم ، إلا أن هذا الوجوب مقيد بشرطين :
الأول :
أن تكون سائمة ، بمعنى أنها تَعلف وحدها من الحشائش والنباتات الموجودة بالمراعي ، وأما إذا كان صاحبها يتكلف عليها العلف أكثر السنة ، فلا زكاة فيها ، وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال : (40156) ، (49041) .
الثاني :
أن يكون القصد من اتخاذها الدَّر والنسل ، أما لو اتخذها للعمل عليها في الحرث أو السقي أو الركوب أو أي وجه من وجوه الاستعمال : فلا زكاة فيها .
وهذا ما قرره جمهور أهل العلم من أن ” العوامل ” لا زكاة فيها .
قال الإمام الشافعي : ” وَقَدْ كَانَتْ النَّوَاضِحُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ خُلَفَائِهِ ، فَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا يَرْوِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ مِنْهَا صَدَقَةً ، وَلَا أَحَدًا مِنْ خُلَفَائِهِ” انتهى من ” الأم ” (2/ 25) .
النواضح : هي الإبل التي يستخرج بها الماء من الآبار .
وقال ابن قدامة : ” وَالْعَوَامِلِ … لَا زَكَاةَ فِيهَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ ” انتهى من ” المغني” (4/12).
وقال النووي : ” ولأن العوامل والمعلوفة لا تُقتنى للنماء ، فلم تجب فيها الزكاة ، كثياب البدن وأثاث الدار ” انتهى من ” المجموع شرح المهذب ” (5/355).
قال أبو عبيد : ” وَمَعَ أَنَّكَ إِذَا صِرْتَ إِلَى النَّظَرِ وَجَدْتَ الْأَمْرَ عَلَى مَا قَالُوا ، أَنَّهُ لَا صَدَقَةَ فِي الْعَوَامِلِ مِنْ جِهَتَيْنِ :
إِحْدَاهُمَا : أَنَّهَا إِذَا اعْتُمِلَتْ ، وَاسْتَمْتَعَ بِهَا النَّاسُ صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الدَّوَابِّ الْمَرْكُوبَةِ ، وَالَّتِي تَحْمِلُ الْأَثْقَالَ مِنَ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ ، أَشْبَهَتِ الْمَمَالِيكَ وَالْأَمْتِعَةَ ، فَفَارَقَ حُكْمُهَا حُكْمَ السَّائِمَةِ لِهَذَا.
وَأَمَّا الْجِهَةُ الْأُخْرَى : أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ تَسْنُو وَتَحْرُثُ [ تسنو: أي تسقي ] ، فَإِنَّ الْحَبَّ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ إِنَّمَا يَكُونُ حَرْثُهُ وَسَقْيُهُ وَدِيَاسُهُ بِهَا، فَإِذَا صُدِّقَتْ هِيَ أَيْضًا مَعَ الْحَبِّ ، صَارَتِ الصَّدَقَةُ مُضَاعَفَةً عَلَى النَّاسِ” انتهى من كتاب ” الأموال ” (ص: 472) .
وروى أبو داود في سننه (1572) عن علي بن أبي طالب مرفوعاً: ( لَيْسَ عَلَى الْعَوَامِلِ شَيْءٌ).
قال ابن حجر: ” وَالرَّاجِحُ وَقْفُهُ ” انتهى من ” بلوغ المرام” (ص: 175)، أي : أنه من قول علي رضي الله عنه وليس من قول الرسول صلى الله عليه وسلم .
” والمعنى ليس في التي يُسقى عليها ويُحرث عليها وتُستعمل في الأثقال زكاة ، وظاهر الحديث سواء كانت سائمة أو معلوفة ” انتهى من ” فتاوى اللجنة الدائمة” (9/173).
وعَنْ جَابِرٍ , قَالَ : ” لَا يُؤْخَذُ مِنَ الْبَقَرِ الَّتِي يُحْرَثُ عَلَيْهَا مِنَ الزَّكَاةِ شَيْءٌ “، رواه الدارقطني (2/493) ، وصحح إسناده البيهقي في ” السنن الكبرى ” (4/196).
وعند ابن أبي شيبة (3/131) في ” المصنف” بلفظ : ( لاَ صَدَقَةَ فِي الْمُثِيرَةِ ).
أي التي تثير الأرض بالحرث ، كما قال تعالى: ( إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ).
قال ابن عبد البر: ” وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ ، وَمُعَاذٍ ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ ” انتهى من ” التمهيد” (20/142).
وفي ” المدونة ” (1/357): ” وَقَالَ مَالِكٌ : مَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ أَوْ بَقَرٌ أَوْ إبِلٌ يَعْمَلُ عَلَيْهَا وَيَعْلِفُهَا ، فَفِيهَا الصَّدَقَةُ إنْ بَلَغَتْ مَا تَجِبُ فِيهَا الصَّدَقَةُ ، وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ : الْعَوَامِلُ وَغَيْرُ الْعَوَامِلِ سَوَاءٌ ” انتهى .
قال ابن قدامة : ” وقَالَ أَحْمَدُ : لَيْسَ فِي الْعَوَامِلِ زَكَاةٌ ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَرَوْنَ فِيهَا الزَّكَاةَ ، وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ فِي هَذَا أَصْلٌ ” انتهى من ” المغني ” (4/12).

ثانياً :
الإبل المتخذة للسباق لا زكاة فيها ، سواء أكان صاحبها يعلفها أم لا ، وذلك لأنها تعد من العوامل ، ولأن صاحبها لا يتخذها للدَّر والنسل ، بل للجري والركوب والمسابقة ، ولا يقصد من ورائها لحماً ولا لبناً .
قال الماوردي: ” وَالْعَوَامِلُ مَفْقُودَةُ النَّمَاءِ فِي الدَّرِّ وَالنَّسْلِ ، وَإِنَّمَا يُنْتَفَعُ بِهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ النَّمَاءِ ، كَمَا يُنْتَفَعُ بِالْعَقَارِ عَلَى جهة السُّكْنَى ، فَوَجَبَ أَنْ تَسْقُطَ عَنْهَا الزَّكَاةُ كَسُقُوطِهَا عن العقار”.
انتهى من ” الحاوي الكبير” (3/189) .
وقال ابن القيم : ” فَإِنَّ مَا كَانَ مِنْ الْمَالِ مُعَدًّا لِنَفْعِ صَاحِبِهِ بِهِ كَثِيَابِ بِذْلَتِهِ وَعَبِيدِ خِدْمَتِهِ وَدَارِهِ الَّتِي يَسْكُنُهَا وَدَابَّتِهِ الَّتِي يَرْكَبُهَا وَكُتُبِهِ الَّتِي يَنْتَفِعُ بِهَا وَيَنْفَعُ غَيْرَهُ : فَلَيْسَ فِيهَا زَكَاةٌ ؛ … فَطَرْدُ هَذَا أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي بَقَرِ حَرْثِهِ وَإِبِلِهِ الَّتِي يَعْمَلُ فِيهَا بِالدُّولَابِ وَغَيْرِهِ ؛ فَهَذَا مَحْضُ الْقِيَاسِ ، كَمَا أَنَّهُ مُوجِبُ النُّصُوصِ ؛ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّائِمَةِ ظَاهِرٌ ؛ فَإِنَّ هَذِهِ مَصْرُوفَةٌ عَنْ جِهَةِ النَّمَاءِ إلَى الْعَمَلِ ؛ فَهِيَ كَالثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ وَالدَّارِ ” انتهى من ” إعلام الموقعين ” (2/62) .
وفي ” فتاوى اللجنة الدائمة ” (8/16) : ” الإبل المعدة للسباق المشروع لا زكاة فيها ؛ لأنها معدة للاستعمال ، وأيضا هي معلوفة غير سائمة ، لكن إذا حصل على نقود من جوائز السباق على هذه الإبل وبلغت نصابا وحال عليها الحول من حين تملكها وجبت فيها الزكاة ” انتهى .
وقالوا : ” إذا كانت هذه الإبل معدة للسباق بقصد الحصول على الجائزة التي تمنح لصاحب السابق منها ولم تعد للبيع – فلا زكاة فيها بنفسها ، وإنما تجب الزكاة فيما يحصل عليه من نقود بسبقها إذا تم الحول على حصوله عليها ، وبلغت هذه النقود نصابا ، بأن يخرج ربع العشر منها ، أي: ريالان ونصف في المائة ” انتهى من ” فتاوى اللجنة الدائمة” (8/28) .

ثالثاً :
إذا قصد من اتخاذ ” إبل السباق ” المتاجرة بها ، وجعلها رأس مال يتجر به ، ففي هذه الحال تزكى زكاة عروض التجارة لا زكاة السائمة .
فيتم تقييمها بحسب سعرها في السوق يوم وجوب الزكاة ويخرج عن قيمتها (2.5%) .
وينظر جواب السؤال : (130487) ، (78842) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android