ذكرتم في إجابتكم على السؤال رقم 111522 أنه “إذا طهرت المرأة من الحيض أو النفاس قبل خروج وقت الصلاة الضروري لزمتها تلك الصلاة وما يجمع إليها قبلها ” ، ولكنني قرأت في رسالة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الدماء الطبيعية عند النساء ، التي نشرتها دار البخاري ما يلي : “وإذا أدركت ركعة من وقت صلاة العصر فهل تجب عليها صلاة الظهر مع العصر ؟ أو أدركت ركعة من وقت صلاة العشاء الآخرة فهل تجب عليها صلاة المغرب مع العشاء ؟ في هذا خلاف بين العلماء ، والصواب أنه لا يجب عليها إلا ما أدركت وقته ، وهي صلاة العصر والعشاء الآخرة فقط لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من أدرك ركعة من العصر من قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ) متفق عليه ، لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم : فقد أدرك الظهر والعصر ، ولم يذكر وجوب الظهر عليه ، والأصل براءة الذمة ، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك حكاه عنهما في شرح المهذب ” . سؤالي هو ما هو الدليل الذي استندت عليه فتواكم ؟ ولماذا فتواكم مختلفة عن فتوى الشيخ ابن عثيمين بالرغم من أنكم عادة ما تنقلون فتواه في إجاباتكم ؟ وما هي الفتوى التي ينبغي علينا اتباعها ؟
لماذا لا تفتون بالاقتصار على وجوب العصر فقط لمن طهرت قبل غروب الشمس ؟
السؤال: 220218
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
القول المختار –عندنا في الموقع- فيما إذا طهرت المرأة قبل انقضاء وقت العصر أوقبل انقضاء وقت العشاء : أنه يجب عليها الصلاة التي أدركتها ، وما يجمع إليها قبلها .
والقول الذي رجحناه هو قول جمهور العلماء ، وقال به من الصحابة عبد الرحمن بن عوف ، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، وهو قول عامة التابعين إلا الحسن ، وقول الشافعية والحنابلة وغيرهم ، واختاره الشيخ ابن باز ، وعلماء اللجنة الدائمة من المعاصرين ، رحم الله الجميع .
وأما الحسن والثوري وأبو حنيفة ، وهو اختيار الشيخ ابن عثيمين رحمهم الله ، فقالوا : لا تجب إلا الصلاة التي طهرت في وقتها وحدها ؛ لأن وقت الأولى خرج في حال عذرها ، فلم تجب ، كما لو لم تدرك من وقت الثانية شيئا .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (82106) .
وقد استند الجمهور في قولهم هذا ، لما روي عن الصحابيين الجليلين عبد الرحمن بن عوف ، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنهما قالا في الحائض تطهر قبل طلوع الفجر بركعة : ” تصلي المغرب والعشاء , فإذا طهرت قبل أن تغرب الشمس , صلت الظهر والعصر جميعا ” رواهما البيهقي .
قال في ” المبدع ” (1/312) ” ولم يعرف لهما في الصحابة مخالف ” انتهى .
وقال أبو بكر بن إسحاق : ” لا أعلم أحدا من الصحابة خالفهما ” .
انتهى من ” التلخيص الحبير ” (1/344) .
وأما الدليل الذي استدل به أصحاب القول الثاني فغير صريح في مسألتنا ، وإنما تكون دلالته أوضح ، فيمن أدرك أقل من ركعة ، آخر وقت العصر ، قبل أن تغرب الشمس ، هل يعتبر مدركا للصلاة في وقتها ، فتعد صلاته أداء ؟ أم لا يعتبر مدركا لها في وقتها فتعد صلاته قضاء؟
فلعل هذا هو السبب في أن الجمهور لم يروا أن هذا الحديث ، يقوى على دفع قول الصحابيين ابن عوف وابن عباس رضي الله عنهما ، لا سيما وأنه لم يعرف لهما مخالف كما سبق .
وبما أنه لا دليل صريح في هذه المسألة ، من كتاب الله أو كلام نبيه صلى الله عليه وسلم ، فإن الخلاف في أمثال هذه المسائل معتبر ، ولا ينبغي التثريب فيها على أحد .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ” والمسألة إذا رأيت اختلاف العلماء رحمهم الله فيها بدون أن يذكروا نصا فاصلا ، فإننا نقول : الأمر في هذا واسع ” انتهى من ” الشرح الممتع ” (5/165).
وقال أيضا رحمه الله ” من الناس من يجعل الاختلاف في الرأي الذي يسوغ فيه الاجتهاد سببا للفرقة والشتات ، حتى إنه ليضلل أخاه بأمر قد يكون فيه هو الضال ، وهذا من المحنة التي انتشرت في هذا العصر ، على ما في هذا العصر من التفاؤل الطيب في هذه اليقظة من الشباب خاصة ، فإنه ربما تفسد هذه اليقظة ، وتعود إلى سبات عميق بسبب هذا التفرق ” .
انتهى من ” الشرح الممتع ” (5/137) .
والذي ظهر لنا أن قول الجمهور أحوط وقد قال به ابن عوف وابن عباس من الصحابة ، وعامة التابعين إلا الحسن ، وهو كذلك اختيار الشيخ ابن باز وعلماء اللجنة الدائمة .
وإذا أخذت المرأة بمذهب من قال بالقول الآخر ، وتدينت بذلك ، أو أفتاها به من تثق في علمه : فلا حرج عليها في ذلك إن شاء الله ، فالمسألة ، كما سبق ، من مسائل الخلاف السائغ المعتبر ، الذي لا إنكار فيه .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة