0 / 0

قسَّم الوالدان مالهما بين أولادهما وحرما البنات بحجة أنهما جهزاهن في الزواج

السؤال: 220248

إذا قام الأب والأم بتقسيم ممتلكاتهم أثناء حياتهم بين الأبناء من الذكور فقط ، مع العلم أنهم أنفقوا الكثير على زواج بناتهم ، وتكفلوا بجهاز زواجهن ، لكن دون أن يعطوهن أية نقود .
فهل تجوز هذه القسمة باعتبار هذه الظروف حتى لو لم تكن القسمة بين الأبناء الذكور بالتساوي فيما بينهم ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
أوجبت الشريعة المباركة العدل بين الأولاد , فقد أخرج البخاري (2586) ، ومسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه : ” أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا ، فَقَالَ : ( أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ ؟ ) ، قَالَ لَا ، قَالَ : ( فَارْجِعْهُ ( ، ومعنى (نحلت ابني غلاما) أي أعطيته غلاما . ورواه البخاري (2587) عَنْ عَامِرٍ قَالَ : ” سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ : أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ ( يعني : أمه ) لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً ، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : ( أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا ؟ ) ، قَالَ : لَا ، قَالَ : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ ) قَالَ : فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ .” وفي رواية للبخاري أيضا (2650) : ( لا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ ) .
ثانيا :
إذا جرى العرف في بلادكم بأن الأب ملزم بأن يشارك مع الزوج في تجهيز ابنته – كما هو الحال في كثير من البلدان – فإن ما يدفعه الأب حينئذ يكون من قبيل النفقة وليس من قبيل الهبة , فلا يكون ملزما بالعدل في ذلك بين أولاده , فقد سئل علماء اللجنة الدائمة , س : رزقني الله بعدد من الأولاد أصلحهم الله وبارك فيهم ، منهم من تخرج وتزوج وتوظف ، ومنهم من لم يتزوج بعد ، فهل إذا قمت بمساعدة الذين لم يتزوجوا على الزواج دون من تم زواجهم يكون في ذلك حرج ؟ أفتوني جزاكم الله خيرا وضاعف مثوبتكم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ج : ” يجب عليك أن تزوج من احتاج إلى الزواج من أبنائك إذا كان لا يقدر على الزواج من ماله ، وأنت قادر على ذلك ، وتقوم بتكاليف زواجه ، ولا تدفع للأبناء المتزوجين والذين يقدرون على الزواج بأموالهم مثل ما دفعت في تزويج هذا الابن المحتاج ؛ لأن هذا يعتبر من الإنفاق الواجب ، وليس هو من العطية التي تجب فيها التسوية بين الأولاد ” .
انتهى من ” فتاوى اللجنة الدائمة – 1 ” (16 / 226).
فإن كان العرف في بلادكم أن الأب ملزم بتجهيز ابنته , ولم يكن للبنات مال مملوك لهن يتجهزن به , فإن ما دفعه ذلك الأب في تجهيز بناته يعتبر من النفقة الواجبة التي لا يجب العدل فيها بين الأولاد , فيعطي باقي أولاده مثل هذه النفقة ، لكن الواجب عليه : أن يزوج من احتاج منهم للزواج ، كما زوج هذه ، وعلى ذلك فالواجب عليه أن يعيد تقسيم ماله بين الجميع على وفق التقسيم الشرعي .
ثالثا :
يجب على الأم أن تعدل بين أولادها في الهبة شانها في ذلك شأن الأب , وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (67652)
وما تدفعه الأم في تجهيز بناتها فإنه على كل حال يكون من قبيل الهبة ؛ سواء كان الزوج هو الملزم بتجهيز مسكن الزوجية أو ألزم العرف مشاركة أهل الزوجة في التجهيز ؛ لأن الأم لا تجب عليها النفقة وإنما يطالب بها الأب .
وعلى ذلك فالواجب على الأم أن تعدل بين أولادها جميعا ؛ فإن كانت تهب بعضهم هبة مطلقة ، وجب عليها أن تسوي بين الجميع في ذلك . وإن كانت تهب بعضهم لأجل ظروف تقتضي إعطاءه ، كفقر أو مرض ونحو ذلك , فإنها حينئذ لا تكون ملزمة بإعطاء الباقين الذين لا يحتاجون , وإنما العدل أن تعطي من احتاج منهم ، بعد ذلك ، كما أعطت هذا .
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (36872).
ومن ذلك ما إذا كان الأب غير قادر على المشاركة في تجهيز ابنته , فاضطرت الأم إلى المشاركة في تجهيز ابنتها لكون العرف يلزم أهل البنت بهذه المشاركة فإنها حينئذ لا تكون ملزمة بالهبة للباقين الذين لا يحتاجون.
رابعا :
سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم : (164375) , أنه يجوز للإنسان أن يقسم ماله بين ورثته في حياته وصحته ، بشرط ألا يقصد الإضرار ببعض الورثة ، فيمنع بعضهم ، أو يعطيهم دون حقهم إضراراً بهم . ويعتبر هذا هبة منه لأولاده ، ويلزمه العدل بينهم ، فيعطي الذكر ضعف الأنثى .
والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android