تنزيل
0 / 0
43,07128/10/2014

لم تصح المناظرة المزعومة بين الإمامين الشافعي وأحمد في كفر تارك الصلاة

السؤال: 220335

ما صحة المناظرة التي جرت بين الإمام الشافعي والإمام أحمد في حكم تارك الصلاة ؟
فقد أخبرني أحد بهذه القصة واحتج بها على أنّ قول الإمام أحمد في هذه المسألة هو قول مرجوح ، فكيف الرد على ذلك ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

جاء في “طبقات الشافعية الكبرى” للسبكي (2 / 61): ” حُكيَ أَن أَحْمَد نَاظر
الشَّافِعِي فِي تَارِك الصَّلَاة فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِي : يَا أَحْمَد أَتَقول
إِنَّه يكفر ؟، قَالَ: نعم ، قَالَ : إِذا كَانَ كَافِرًا فَبِمَ يسلم ؟ قَالَ:
يَقُول لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ،
قَالَ الشَّافِعِي: فالرجل مستديم لهَذَا القَوْل لم يتْركهُ ، قَالَ : يسلم بِأَن
يُصَلِّي ، قَالَ : صَلَاة الْكَافِر لَا تصح ، وَلَا يحكم بِالْإِسْلَامِ بهَا
فَانْقَطع أَحْمَد وَسكت ، حكى هَذِهِ المناظرة أَبُو عَلِيّ الْحَسَن بْن عمار من
أَصْحَابنَا ، وَهُوَ رجل موصلي من تلامذة فَخر الْإِسْلَام الشَّاشِي” انتهى.
وهذه المناظرة لا تصح سندا ولا متنا :
أما من ناحية السند فقد قال الألباني : ” أن الحكاية لا تثبت ، وقد أشار إلى ذلك
السبكي – رحمه الله – بتصديره إياها بقوله: (حُكِي) ، فهي منقطعة ” انتهى من “سلسلة
الصحيحة ” (7 / 148).
وأما من حيث المتن ، فلأن الشافعي أعظم قدرا وعلما وفقها من أن يورد هذا الإيراد
الضعيف ؛ لأنه من المعلوم أن من خرج من الإسلام بسبب ، لا يدخل إليه إلا بإزالة هذا
السبب ، مثاله: من كفر بإنكار وجوب الزكاة لا يصح إسلامه إلا بالإقرار بوجوب الزكاة
، ومن كفر بإنكار حرمة الزنا لا يصح إسلامه إلا بالإقرار بحرمة الزنا ، وهذا مقرر
في المذهبين الشافعي والحنبلي معا :
جاء في ” أسنى المطالب في شرح روض الطالب ” (4 / 124): ” (فَإِنْ كَانَ كُفْرُهُ
بِإِنْكَارِ شَيْءٍ آخَرَ) ، مِمَّا لَا يُنَافِي الْإِقْرَارَ بِهِمَا أَوْ
بِإِحْدَاهُمَا بِبَادِئِ الرَّأْيِ ، (كَمَنْ خَصَّصَ رِسَالَةَ مُحَمَّدٍ
بِالْعَرَبِ ، أَوْ جَحَدَ فَرْضًا ، أَوْ تَحْرِيمًا ؛ فَيَلْزَمُهُ مَعَ
الشَّهَادَتَيْنِ : الْإِقْرَارُ بِمَا أَنْكَرَ )” انتهى.
وفي ” الكافي في فقه الإمام أحمد ” (4 / 62): ” وإن ارتد بجحد فرض ، أو استحلال
محرم ، لم يصح إسلامه حتى يرجع عما اعتقده ، ويعيد الشهادتين ” انتهى.
وفي ” المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ” (2 / 168): ” وتوبة المرتد
وكل كافر : إسلامه ، بأن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، إلا من كان
كفره بجحد فرض ، أو تحريم ، أو تحليل ، أو نبي ، أو كتاب ، أو رسالة محمد صلى الله
عليه وسلم إلى غير العرب ، فتوبته مع الشهادتين : إقراره بالمجحود به ” انتهى.
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله معلقا على هذه المناظرة :” نقول في هذه المناظرة:

أولاً: أنه يحتاج إلى إثباتها ، أي إلى أن يثبت بأنها وقعت بين الإمام الشافعي
والإمام أحمد رحمه الله ، فلابد من أن تكون ثابتة عنهما بسند صحيح يكون مقبولاً على
حسب شرائط المحدثين .
وأيضاً : مجرد نقل السبكي لها ، وبينه وبين الإمام الشافعي والإمام أحمد مئات
السنين : لا يكون ذلك حجة في ثبوتها عنهما .
ثم إن التعبيرات التي وقعت ، فيها تعبيرات جافة ؛ تعبيرات يبعد جداً أن تصدر من
الإمام الشافعي إلى الإمام أحمد ، مع أنه قد عرف عنه التعظيم الكامل الذي يليق
بمقام الإمام أحمد وبمقام الشافعي ، رحمهم الله جميعاً .
ثم إن هذه المناظرة تخالف المعروف في مذهب الإمام أحمد ؛ فإن المعروف في مذهب
الإمام أحمد أن من كفر بترك الصلاة فإنه لا يكون مسلماً إلا بفعلها ، وأنه إذا
فعلها وصلى : حُكم بإسلامه . هذا هو المعروف من مذهب الإمام أحمد رحمه الله .
وهكذا ينبغي أن يعرف السامع ويعرف السائل : أن من كفر بشيء من الأشياء ، فإنه لا
يسلم بمجرد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، حتى يصحح ما كفر به ،
فمثلاً إذا قدر أنه يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وهو ينكر
فرضية الزكاة أو الصيام أو الحج ؛ فإنه لا يكون مسلماً بقوله أشهد أن لا إله إلا
الله وأن محمداً رسول الله ، حتى يقر بفرضية ما أنكر فرضيته من هذه الأصول .
والمهم أن القاعدة في الكافر المرتد أنه إذا ارتدّ بشيء معين من الكفر : فإنه لا
يغنيه أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، حتى يصحح ما حكمنا بكفره
من أجله .
وعلى هذا نقول : تارك الصلاة كافر ولو شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله
، ولا يكون مسلماً إلا إذا صلى ؛ لأننا كفرناه بسبب ، فلابد أن يزول هذا السبب الذي
من أجله كفرناه ؛ فإذا زال السبب الذي من أجله كفرناه حكمنا بأنه مسلم .
وعلى هذا فيفرق بين الكافر الأصلي الذي يدخل في الإسلام بشهادة أن لا إله إلا الله
وأن محمداً رسول الله ، وبين المرتد بشيء من أنواع الردة ؛ فإنه لا يحكم بإسلامه
حتى ينتفي عنه ذلك الشيء الذي كفرناه به، هذا هو سر المسألة …” انتهى من ” فتاوى
نور على الدرب للعثيمين ” .

هذا ، مع التنبيه على أن من ترك الصلاة متعمدا وهو مقر بوجوبها فقد اختلف أهل
العلم في تكفيره ، وقد سبق حكاية هذا الخلاف في الفتوى رقم : (194309). وسبق بيان
القول الراجح في الفتوى رقم : (5208) .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android