0 / 0

درجة حديث صلاة ست ركعات بعد المغرب والمقارنة بين أحكام السيوطي والألباني على الأحاديث

السؤال: 220342

تصاميم دعوية أكتب بها أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، السؤال هو : عندما أجد حديثا قال فيه المحدث الألباني ” ضعيف “. وقال فيه المحدث السيوطي ” صحيح ” ماذا أفعل . هل يجوز نشر هذا الحديث والعمل به .
فهل يجوز العمل بـالحديث التالي :
( مَن صلَّى بعدَ المغربِ ستَ رَكعاتٍ لم يتَكلَّم بينَهنَ بسوءٍ عَدَلنَ عبادةَ ثِنتي عشرةَ سنةً )
[الراوي: أبو هريرة المحدث: النووي – المصدر : الخلاصة – الصفحة أو الرقم: 1/542.
خلاصة حكم المحدث: ضعيف]
عندما أقوم بنشر حديث ما أكتب بعده هل أكتب اسم الراوي أم حكم المحدث ما هو الأفضل ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
الحديث الوارد في السؤال يروى عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( مَنْ صَلَّى بَعْدَ الْمَغْرِبِ سِتَّ رَكَعَاتٍ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيمَا بَيْنَهُنَّ بِسُوءٍ عُدِلْنَ لَهُ بِعِبَادَةِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً )
رواه الترمذي في ” جامعه ” (435) ، وابن ماجه في ” السنن ” (1167) ، ومحمد بن نصر المروزي في ” قيام الليل ” (87) ، وأبو يعلى في ” المسند ” (10/413) ، وابن خزيمة في ” الصحيح ” (2/207) ، والطبراني في ” المعجم الأوسط ” (1/250) ، وابن شاهين في ” الترغيب في فضائل الأعمال ” (32) وغيرها من الكتب والأجزاء .
جميعهم من طريق : زيد بن الحباب ، قال : حدثنا عمر بن أبي خثعم ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة به مرفوعًا .
قال الطبراني : ” لم يَروِ هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير إلا عمر بن عبد الله ، تفرد به زيد بن الحباب ” انتهى .
وهذا حديث ضعيف جدا ، بسبب عمر بن عبد الله بن أبي خثعم :
لذلك قال الإمام الترمذي – عقب روايته الحديث -: ” حديث أبي هريرة حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث زيد بن الحباب ، عن عمر بن أبي خثعم . وسمعت محمد بن إسماعيل – يعني الإمام البخاري – يقول : عمر بن عبد الله بن أبي خثعم منكر الحديث ، وضعفه جدا ” انتهى.
وقال أبو زرعة الرازي :
” واهي الحديث ، حدث عن يحيى بن أبي كثير ثلاثة أحاديث ، لو كانت في خمسمائة حديث لأفسدتها ” انتهى من ” الضعفاء لأبي زرعة في أجوبته على أسئلة البرذعي ” (2/543) .
وقال ابن حبان :
” كان ممن يروي الأشياء الموضوعات عن ثقات أئمة ، لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه ، ولا كتابة حديثه إلا على جهة التعجب ” انتهى من ” المجروحين ” (2/83).
وقال ابن عدي :
” منكر الحديث ” انتهى من ” الكامل ” (6/126) ، وانظر ” تهذيب التهذيب ” (7/468).
ثانيا :
لذلك اتفق أئمة الحديث على تضعيف هذا الحديث ورده ، فأورده أكثر من ترجم لعمر بن عبد الله بن أبي خثعم ضمن أمثلة أحاديثه المنكرة ، وضعفه الإمام الترمذي كما سبق في قوله : ” غريب ” . وقال ابن العربي : ” منكر لا يلتفت إليه ” كما في ” عارضة الأحوذي ” (1/432)، وضعفه النووي في ” الخلاصة ” (1/542) ، وحكم عليه ابن القيم في “المنار المنيف” (40) بأنه ” موضوع “، وضعفه العراقي في ” تخريج الإحياء ” (1/233) ، وقال الشيخ الألباني : ” ضعيف جدا “
إذن فالحديث حكمه النكارة والضعف الشديد ، ومثله لا يستدل به حتى في فضائل الأعمال .
ثالثا :
الضعف الشديد لهذا الحديث لا يعني المنع من التطوع بالصلاة بين المغرب والعشاء ، بل الصواب استحباب التنفل المطلق بين العشاءين ( المغرب والعشاء ) وذلك لأدلة عديدة :
الدليل الأول :
حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ، وفيه : ( فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الْمَغْرِبَ، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْعِشَاءِ ) رواه أحمد في ” المسند ” (38/353) ، والترمذي (3781) وقال : حسن غريب من هذا الوجه . وصححه المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة . والشيخ الألباني في ” صحيح الترمذي “.
الدليل الثاني :
عمل الصحابة والتابعين ، وحرصهم على التنفل في هذا الوقت ، حتى عقد ابن أبي شيبة رحمه الله في ” المصنف ” (2/14) بابا بعنوان : ” في الصلاة بين المغرب والعشاء “، روى فيه عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن عمه ، قال : ساعة ، ما أتيت عبد الله بن مسعود فيها إلا وجدته يصلي ، ما بين المغرب والعشاء ، وكان يقول : هي ساعة غفلة .
وروى عن عبد الله بن عمر ، قال : صلاة الأوابين ، ما بين أن يلتفت أهل المغرب ، إلى أن يُثَوَّب إلى العشاء .
الدليل الثالث :
أن الليل يبدأ بغروب الشمس ، فكل تطوع بعده ينال فضل ” قيام الليل “، وقد روى ابن أبي شيبة في ” المصنف ” (2/15) عن أنس رضي الله عنه أنه كان يصلي ما بين المغرب والعشاء ، ويقول : هي ناشئة الليل .
الدليل الرابع :
ليس هذا الوقت من أوقات النهي عن الصلاة ، فالأصل جواز الصلاة فيه ، ولا حرج .
الدليل الخامس :
اتفقت مذاهب الفقهاء المعتمدة على استحباب الصلاة في هذا الوقت ، وأنه من أوقات التنفل المعهودة لدى الصالحين .
جاء في ” مراقي الفلاح ” من كتب الحنفية (ص390):
” ندب ست ركعات بعد المغرب ” انتهى.
ويقول النفراوي المالكي رحمه الله :
” … التنفل بين المغرب والعشاء مرغب فيه ، أي حض عليه الشارع ؛ لما قيل : من أنها صلاة الأوابين ، وصلاة الغفلة ” انتهى من ” الفواكه الدواني ” (1/198).
ويقول الماوردي رحمه الله :
” روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي بين المغرب وعشاء الآخرة . وكان الصالحون من السلف رحمهم الله يصلونها ، ويسمونها صلاة الغفلة ، أي الناس غفلوا عنها وتشاغلوا بالعشاء والنوم ، وهذا كله مختار ، والمداومة عليها أفضل “. انتهى من ” الحاوي الكبير ” (2/287).
وجاء في ” منار السبيل في شرح الدليل ” (1/ 113):
” إحياء ما بين العشاءين من قيام الليل ، قال الإمام أحمد : قيام الليل من المغرب إلى طلوع الفجر ، وعن قتادة عن أنس في قوله تعالى : ( كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال : كانوا يصلون فيما بين المغرب والعشاء ” انتهى.
وينظر الجواب رقم : (148482).
ثالثا :
ليست لدينا قاعدة مطلقة في المقارنة بين السيوطي والألباني في الحكم على الحديث ، فالحَكَم بينهما هو الدليل ، والتخريج العملي للحديث مع دراسة أسانيده وأحوال رواته .
ولكن يمكننا إرشاد غير المختصين إلى بعض الأمارات الظنية في الترجيح بينهما فنقول :
إذا سكت السيوطي على الحديث في ” الجامع الصغير “، ولم يرمز له بالتصحيح أو التضعيف . وفي الوقت نفسه ضعفه الشيخ الألباني صراحة ، فالأخذ بكلام الشيخ الألباني أولى من حيث الأصل ، ذلك أن سكوت العالم على الحديث ليس تصريحا منه بحكمه ، لا تصحيحا ولا تضعيفا ، وكثيرا ما يكون سبب السكوت هو إجراء الحديث على السلامة الأصلية ، أو الاعتماد على النظرة الظاهرية الأولى ، من غير بحث شديد ولا تحرير ، فيقع الخطأ الكثير بسبب ذلك .
أما حكم الشيخ الألباني على الحديث نفسه بالضعف الصريح ، وخاصة في كتبه التي توسع في دراسة الأحاديث فيها ، مثل ” سلسلة الأحاديث الضعيفة ” ، فإنما يطلق الحكم فيها بعد دراسة خاصة ، وبحث شديد وتأمل ، فهو أولى بالصواب ممن حكم على الحديث من حفظه وبادي رأيه . ويتأكد ذلك أيضا إذا كان حكم الألباني على الحديث بالضعف الشديد ، وليس بالضعف اليسير فحسب ، فذلك أدعى للاحتياط في الحديث ، وعدم الاعتماد على سكوت السيوطي عليه في ” الجامع الصغير “.
أما إذا وقع الاختلاف في الحكم على الحديث تصريحًا من كل من الإمامين ، السيوطي والألباني ، فتقليد غير المختص للشيخ الألباني ، فيما يبدو لنا : أقرب من تقليد الإمام السيوطي رحمه الله ؛ لما للشيخ الألباني رحمه الله من عناية بالغة بأمر الصنعة الحديثية ، والانكباب على علوم الحديث ، درسا ، ونقدا ، وتخريجا ، وتحقيقا .
ثم ، مع ذلك كله : قرب مأخذ تراث الشيخ الألباني في ذلك .
هذا مع إقرارنا ، بأمر لا يخفى على منصف ، وهو أعلمية السيوطي وتبحره في العلوم كلها ، وتمكنه من كثير من العلوم حفظا وفهما وتصنيفا ، ولا نظن أحدا من المتأخرين يتردد في تقديم السيوطي على الألباني في سعة العلوم ، ليس تعصبا لأي منهما ، ولكن موضوعية في الطرح العلمي المقارن ، وإلا فكل منهما من العلماء الأجلاء المشهود لهم بالعلم والتقوى .
لكن الفضيلة العامة ، والتقديم العام للإمام السيوطي ، لا يمنع أن يكون تراث الشيخ الألباني ، وجهوده ، في جانب معين : أولى وأجدر بالقبول ، على الأقل بسحب ما ظهر لنا من تصانيف الرجلين .
وينظر جواب السؤالين أرقام : (70455) ، (140158).
رابعا :
لا بأس بكتابة اسم الراوي أولا بعد نص الحديث ، أو قبل نص الحديث ، كما لا حرج في تقديم حكم المحدث عليه أو تقديمه ، فكل ذلك الأمر فيه واسع ، ومستعمل في الكتب ومتنوع فيها ، ولم نر للمحدثين تفضيلا لصيغة محددة على أخرى .
على أننا ننبه السائل ، أخيرًا ، إلى أن ما في الصحيح المتفق عليه ، على الأقل بين السيوطي والألباني ، وما الجامع الصغير وغيره ، من الصحيح المليح ، ما يسد الثغرة في الجانب الذي تطلبه ، ويغنيك عن الدخول في تلك المضايق .
والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android