أخي له بنت ، زوَّجها على ابن عمها رغما عنها ، وذهبت الفتاة مع زوجها ، وبعد أيام جاءت مع زوجها لزيارة أبيها وأمها ، وبعد انتهاء الزيارة رفضت الرجوع إلى بيت زوجها ؛ لأنه في منطقة نائية جدا ، فقالت لزوجها : استأجر لنا بيتا هنا في المدنية ، ورفض وألزمها بالرجوع ، وأبوها وأمها أيضا ألزموها بالرجوع ، فما كان منها إلا أن قتلت نفسها بمسدس ، فهل على أبيها شيء شرعا ؟
أكرهها أبوها على الزواج من شخص لا تريده فقتلت نفسها
السؤال: 220474
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
لا يجوز للأب أن يجبر ابنته على الزواج ممن لا تريد ، فهذا مخالف للأصول والعقول ، كما نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية ، وسبق بيانه في الفتوى رقم : (163990).
فإن علم الزوج أن ولي الزوجة قد أكرهها على الزواج منه ، فلا يجوز له أن يدخل على زوجته .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” ولا يحل للزوج أن يدخل عليها وهي مجبرة عليه ؛ لأن النكاح غير صحيح ” انتهى من ” اللقاء الشهري ” [1 /343] .
وليتأمل هذا الأب ما آل إليه حال ابنته من إقدامها على الانتحار ، وقتل نفسها ؛ لأجل الأذى الحاصل لها بإكراهها على الإقامة مع من تبغضه وتنفر منه ولا ترضاه زوجا لها .
ثانيا :
من حقوق الزوجة على زوجها أن يوفر لها مسكنا مناسبا تأمن فيه على نفسها ومالها ، فإن كان المسكن لا تأمن فيه على ذلك وجب عليه أن ينقلها إلى مسكن آخر تأمن فيه على نفسها ، جاء في ” حاشية البجيرمي على الخطيب ” (4 / 96) : ” وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَسْكَنُ يَلِيقُ بِهَا عَادَةً ، أَيْ بِحَيْثُ تَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِهَا وَإِنْ قَلَّ ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ لَهَا بِمُؤْنِسَةٍ حَيْثُ أَمِنَتْ عَلَى نَفْسِهَا ، فَلَوْ لَمْ تَأْمَنْ أَبْدَلَ لَهَا الْمَسْكَنَ بِمَا تَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهَا فِيهِ “
انتهى .
فإن كان هذا المسكن الذي طلبت الانتقال منه بحيث لا تأمن فيه على نفسها ومالها ، فكان من الواجب على زوجها أن ينقلها منه ، وكان على أبيها حينئذ أن يعينها على ذلك ؛ لا أن يجبرها مرة أخرى على الرجوع ، فيكون بذلك قد جمع عليها ظلمين وارتكب في حقها إثمين ، مرة بإكراهها على الزواج ممن لا ترضاه ، ومرة بإجبارها على السكن في مكان غير آمن .
ثالثا :
ما قامت به هذه المرأة من قتل نفسها أمر عظيم منكر ، وفاعله متوعد في النصوص الشرعية بالخلود في نار جهنم والعياذ بالله تعالى ؛ لأن قتل النفس من كبائر الذنوب كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (111938) .
لكن إن أقدم الشخص عليه تحت تأثير مرض نفسي شديد ، أثر على عقله حتى لا يدري ما يقول ولا ما يفعل ؛ فمثل هذا لا يكون داخلا تحت هذا الوعيد ، إن شاء الله ، كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (146375) .
وأما بخصوص الأب : فلا يظهر عليه تبعة في أمر انتحارها فيما يتعلق بالناحية القضائية ، لكن يبقى عليه وجوب التوبة والاستغفار والاعتذار إلى الله سبحانه من هذا الظلم الذي أوقعه على ابنته مما أدى بها إلى هذه النهاية الأليمة ، وأمر مؤاخذته بالتسبب في ذلك : إلى رب العالمين ، وأحكم الحاكمين .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة