تنزيل
0 / 0

هل يجب العدل بين الأحفاد أو غيرهم من الأقارب في العطية ؟

السؤال: 220499

يريد أبي أن يعطي المنزل الذي يعيش فيه إلى حفيده والذي يبلغ من العمر 5 سنوات ، وقد كتب ذلك في عقد شرعي شهد عليه 3 أشخاص ، وأصبح المنزل بموجبه ملك حفيده مباشرة ، ولكنه لم يوثق هذه العملية في المحكمة حسب القانون البريطاني بسبب تكلفة هذه العملية ، وعليه فالمنزل لا زال ملك أبي حسب القانون البريطاني ، ولكنه كتب في وصيته أن المنزل سيكون من نصيب حفيده بعد وفاته .
فهل يجوز ذلك ؟ هل في ما فعله أبي مخالفة شرعية ؟
أرجو الإجابة فقد أثار ما فعله الخلاف بين أفراد العائلة حيث اعترض البعض ، على أن فعله لا يجوز شرعاً .
وهل العقد الذي كتبه للتنازل عن ملكية المنزل لحفيده يلغي ما يترتب حسب القانون البريطاني ؟ أم هل خالف بفعله قانون الميراث في الإسلام حيث أضر بوصيته الورثة ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
يجب على الأب أن يعدل بين أولاده في العطية ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم
: (22169) .
وهذا الحكم إنما هو في الأولاد فقط ، أما الأحفاد وغيرهم من الأقارب فلا حرج في
تفضيل بعضهم على بعض عند جمهور العلماء .
قال ابن قدامة في ” المغني ” (6/303) : ” وجبت التسوية بين الأولاد بالخبر وليس
غيرهم في معناهم ؛ لأنهم استووا في وجوب بر والدهم فاستووا في عطيته ، وبهذا علل
النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: ( أيسرك أن يستووا في برك؟ ) ، قال : نعم ، قال
: ( فسوّ بينهم ) ولم يوجد هذا في غيرهم … ولأن الأولاد لشدة محبة الوالد لهم ،
وصرف ماله إليهم عادة يتنافسون في ذلك ” انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” فإن قال قائل : وهل يشمل ذلك الجد ، يعني : لو
كان له أولادُ أولادٍ ، فهل يجب أن يُعَدِّل بينهم ؟
الجواب : الظاهر أنه لا يجب ؛ لأن قوة الصلة بين الأب وابنه ، أقوى من قوة الصلة
بين الجد وأبناء أبنائه ، لكن لو كان هناك خوف من قطيعة رحم ، فيتجه مراعاتهم بأن
يعطي من يعطي على وجه السر ” انتهى من ” الشرح الممتع ” (11/84) .
فيجوز للجد أن يخص بعض أحفاده بهدية أو وصية ولكن بشرط أن لا يكون إعطاؤه للحفيد
حيلةً لزيادة نصيب ابنه الذي هو والد ذلك الحفيد . وينظر جواب السؤال : (153385)
.
ثانيا :
قد ذكرت أن والدك كتب في وصيته أن البيت سيكون من نصيب حفيده بعد وفاته ، وهذا
معناه أن الجد لم يُمَلِّك البيت لحفيده في حياته ، وإنما أوصى له به بعد وفاته ،
وهذا جائز بشرط أن يكون البيت ثلث تركة الجد فأقل ، فإن جاوز الثلث لم تنفذ الوصية
إلا في مقدار ثلث التركة فقط ، وما بقي (الثلثان) يكون للورثة ، يقسم عليهم حسب
القسمة الشرعية .
وينبغي أن تطيب أنفسكم بما يفعله والدكم في أمواله ما دام لم يفعل شيئا حراما ولم
يخالف الشرع ، وينبغي أن يعلم الجد أن الوصية لا تستحب شرعا إلا إذا كان الرجل غنيا
وترك لورثته ما يغنيهم ، فيوصي بما زاد على ذلك بشرط أن لا يتجاوز الثلث . قال الله
تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا
الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى
الْمُتَّقِينَ) البقرة/180.
ومعنى : (تَرَكَ خَيْرًا) : أي : ترك مالا كثيرا .
قال ابن قدامة رحمه الله :
“وَاَلَّذِي يَقْوَى عِنْدِي : أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْمَتْرُوكُ لَا يَفْضُلُ عَنْ
غِنَى الْوَرَثَةِ ، فَلَا تُسْتَحَبُّ الْوَصِيَّةُ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّلَ الْمَنْعَ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِقَوْلِهِ : (
أَنْ تَتْرُكَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً ) …
فَمَتَى لَمْ يَبْلُغْ الْمِيرَاثُ غِنَاهُمْ ، كَانَ تَرْكُهُ لَهُمْ أَفْضَلَ
مِنْ الْوَصِيَّةِ بِهِ لِغَيْرِهِمْ ، فَعِنْدَ هَذَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ
بِاخْتِلَافِ الْوَرَثَةِ فِي كَثْرَتِهِمْ وَقِلَّتِهِمْ ، وَغِنَاهُمْ
وَحَاجَتِهِمْ ، فَلَا يَتَقَيَّدُ بِقَدْرٍ مِنْ الْمَال . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَدْ قَالَ الشَّعْبِيُّ : مَا مِنْ مَالٍ أَعْظَمُ أَجْرًا ، مِنْ مَالٍ
يَتْرُكُهُ الرَّجُلُ لِوَلَدِهِ ، يُغْنِيهِمْ بِهِ عَنْ النَّاسِ ” انتهى .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android