هناك أخت لصديقتي ترمي بشبهات أنها تؤمن بالقرآن فقط ، والأحاديث تأخذ ما يوافق صريح القرآن عن طريق رأيها وعقلها كما تقول ، وتنكر الروايات وتعتبرها أساطير الأولين بحجة أنها لم تر الرواة ، فكيف نرد عليهم ؟
كيف نرد على من يسمون بــ ” القرآنيين ” ؟
السؤال: 220518
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
لا شك أن من يطعن في السنة المطهرة وحجيتها إنما يطعن في دين الله ، ويطعن في أمانة رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمناء من بعده من أصحابه رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان ، وأتباعهم من السلف الكرام ، ومن تبعهم من الأئمة الأعلام ، ومن طعن في السنة طعن في القرآن ، لأن حملة القرآن وحفظته هم حملة السنة وحفظتها .
ومن طعن في السنة طعن في أركان الدين وأحكامه وشرائعه .
فالطاعن في السنة وحجيتها ضال تائه ، متبع هواه بغير علم .
ومن قال عن روايات الحديث الصحيحة أنها أساطير الأولين : فإن كان جاهلا مغفلا لا يدري ما يقول ، أو كان حديث عهد بإسلام ، أو كان في بيئة بعيدة عن أهل العلم : فإنه يعلّم ، وتقام عليه الحجة ، وينكر عليه أشد النكير ، فإن أقيمت عليه الحجة فأصر على رأيه الخبيث ، أو كان يعلم إلا أنه يكابر ويتبع هواه : فهذا ضال خارج عن الملة .
ثانيا :
والرد على هذه المرأة وغيرها ممن ينحو هذا النحو الفاسد من آيات القرآن فقط : سهل ميسور ؛ لأن القرآن أوجب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يقرب من مائة آية ، واعتبر طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم من طاعة الله عز وجل ، وتوعد مخالف الرسول ومشاقته بالعذاب الشديد ، فقال تعالى : ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً ) سورة النساء/80 ، وقال عز وجل : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ) سورة النساء /65 ، وقال عز وجل : ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) النساء/115 ، وغير ذلك من الآيات .
ثالثاً :
كلام أهل العلم ، قديما وحديثا ، في الرد على منكري السنة وأعدائها : كثير متظاهر. فمن ذلك :
قال الحافظ جلال الدين السيوطي رحمه الله :
” اعلموا رحمكم الله أَن من أنكر كَون حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ، قولا كَانَ أَو فعلا ، بِشَرْطِهِ الْمَعْرُوف فِي الْأُصُول = حجَّة : كفر وَخرج عَن دَائِرَة الْإِسْلَام وَحشر مَعَ الْيَهُود وَالنَّصَارَى ، أَو مَعَ من شَاءَ الله من فرق الْكَفَرَة .
روى الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ يَوْمًا حَدِيثا وَقَالَ إِنَّه صَحِيح . فَقَالَ لَهُ قَائِل : أَتَقول بِهِ يَا أَبَا عبد الله ؟ فاضطرب وَقَالَ : ” يَا هَذَا أرأيتني نَصْرَانِيّا ؟ أرأيتني خَارِجا من كَنِيسَة ؟ أَرَأَيْت فِي وسطي زناراً ؟ أروي حَدِيثا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا أَقُول بِهِ ؟! ” .
وأصل هَذَا الرَّأْي الْفَاسِد : أَن الزَّنَادِقَة وَطَائِفَة من غلاة الرافضة ذَهَبُوا إِلَى إِنْكَار الِاحْتِجَاج بِالسنةِ ، والاقتصار على الْقُرْآن .
وهم فِي ذَلِك مختلفو الْمَقَاصِد ، فَمنهمْ من كَانَ يعْتَقد أَن النُّبُوَّة لعَلي وَأَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَخطَأ فِي نُزُوله إِلَى سيد الْمُرْسلين صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ، تَعَالَى الله عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ علوا كَبِيرا ، وَمِنْهُم من أقرّ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالنُّبُوَّةِ وَلَكِن قَالَ: إِن الْخلَافَة كَانَت حَقًا لعَلي ، فَلَمَّا عدل بهَا الصَّحَابَة عَنهُ إِلَى أبي بكر رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ قَالَ هَؤُلَاءِ المخذولون – لعنهم الله – : كفرُوا حَيْثُ جاروا وَعدلُوا بِالْحَقِّ عَن مُسْتَحقّه ، وكفَّروا – لعنهم الله – عليا رَضِي الله عَنهُ أَيْضا ، لعدم طلبه حَقه فبنوا على ذَلِك رد الْأَحَادِيث كلهَا ، لِأَنَّهَا عِنْدهم بزعمهم من رِوَايَة قوم كفار، فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون .
وَهَذِه آراء مَا كنت أستحل حكايتها ، لَوْلَا مَا دعت إِلَيْهِ الضَّرُورَة من بَيَان أصل هَذَا الْمَذْهَب الْفَاسِد الَّذِي كَانَ النَّاس فِي رَاحَة مِنْهُ من أعصار .
وَقد كَانَ أهل هَذَا الرَّأْي موجودين بِكَثْرَة فِي زمن الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة فَمن بعدهمْ ، وتصدى الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وأصحابهم فِي دروسهم ومناظراتهم وتصانيفهم للرَّدّ عَلَيْهِم ، وسأسوق إِن شَاءَ الله تَعَالَى جملَة من ذَلِك وَالله الْمُوفق :
قَالَ الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي الرسَالَة وَنَقله عَنهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمدْخل : ” قد وضع الله رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من دينه وفرضه وَكتابه الْموضع الَّذِي أبان جلّ ثَنَاؤُهُ أَنه جعله علما لدينِهِ ، بِمَا افْترض من طَاعَته ، وَحرم من مَعْصِيَته وَأَبَان من فضيلته ، بِمَا قرن بَين الْإِيمَان بِرَسُولِهِ الْإِيمَان بِهِ … فَفرض الله على النَّاس اتِّباع وحيه وَسنَن رَسُوله ، فَقَالَ فِي كِتَابه : ( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) ، مَعَ آي سواهَا ذكر فِيهِنَّ الْكتاب وَالْحكمَة .
قَالَ الشَّافِعِي : فَذكر الله الْكتاب ، وَهُوَ الْقُرْآن ، وَذكر الْحِكْمَة ، فَسمِعت من أرضاه من أهل الْعلم بِالْقُرْآنِ يَقُول : الْحِكْمَة سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم .
وَقَالَ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ) .. وَغَيرهَا من الْآيَات الَّتِي دلّت على اتِّبَاع أمره ، وَلُزُوم طَاعَته فَلَا يسع أحدا رد أمره لفرض الله طَاعَة نبيه .
قَالَ الْبَيْهَقِيّ بعد إحكامه هَذَا الْفَصْل : وَلَوْلَا ثُبُوت الْحجَّة بِالسنةِ ، لما قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي . خطبَته بعد تَعْلِيم من شهده أَمر دينهم : ( أَلا فليبلغ الشَّاهِد مِنْكُم الْغَائِب ، فَرب مبلّغ أوعى من سامع ) ، ثمَّ أورد حَدِيث : ( نضر الله امْرَءًا سمع منا حَدِيثا فأداه كَمَا سَمعه ، فَرب مبلغ أوعى من سامع ) ، وَهَذَا الحَدِيث متواتر .
قَالَ الشَّافِعِي : فَلَمَّا ندب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى اسْتِمَاع مقَالَته وحفظها وأدائها ، دلّ على أَنه لَا يَأْمر أن يؤدَّى عَنهُ إلاَّ مَا تقوم بِهِ الْحجَّة على من أدَّى إِلَيْهِ ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يؤدَّى عَنهُ حَلَال يُؤْتى ، وَحرَام يجْتَنب ، وحدّ يُقَام ، وَمَال يُؤْخَذ وَيُعْطى ، ونصيحة فِي دين وَدُنْيا .
ثمَّ أورد الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث أبي رَافع قَالَ : قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم : ( لَا ألفيَنَّ أحدكُم مُتكئا على أريكته يَأْتِيهِ الْأَمر من أَمْرِي مِمَّا أمرت بِهِ أَو نهيت عَنهُ يَقُول : لَا أَدْرِي ، مَا وجدنَا فِي كتاب الله اتَّبعنَا ) أخرجه أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم ، وَمن حَدِيث الْمِقْدَام بن معدي كرب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرّم أَشْيَاء يَوْم خَيْبَر ، مِنْهَا الْحمار الأهلي وَغَيره ، ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم : ( يُوشك أَن يقْعد الرجل على أريكته يحدث بحديثي فَيَقُول بيني وَبَيْنكُم كتاب الله فَمَا وجدنَا فِيهِ حَلَالا استحللناه ، وَمَا وجدنَا فِيهِ حَرَامًا حرمناه ، أَلا وَإِن مَا حرَّم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل مَا حرَّم الله ) ، قَالَ الْبَيْهَقِيّ : وَهَذَا خبر من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَمَّا يكون بعده من رد المبتدعة حديثَه ، فَوجدَ تَصْدِيقه فِيمَا بعده ” انتهى ، مختصرا من ” مفتاح الجنة ” (ص/5-9) .
وجاء في ” الموسوعة الفقهية ” (1/44) :
” أَثَارَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ السُّنَّةَ لَيْسَتْ مَصْدَرًا لِلتَّشْرِيعِ ، وَسَمُّوا أَنْفُسَهُمْ بِالْقُرْآنِيِّينَ ، وَقَالُوا : إِنَّ أَمَامَنَا الْقُرْآنَ ، نُحِل حَلاَلَهُ وَنُحَرِّمُ حَرَامَهُ ، وَالسُّنَّةُ ، كَمَا يَزْعُمُونَ قَدْ دُسَّ فِيهَا أَحَادِيثُ مَكْذُوبَةٌ عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَهَؤُلاَءِ امْتِدَادٌ لِقَوْمٍ آخَرِينَ نَبَّأَنَا عَنْهُمْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ الْمِقْدَامِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال : ( يُوشِكُ أَنْ يَقْعُدَ الرَّجُل مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِي فَيَقُول : بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلاَلٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ ، أَلاَ وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُول اللَّهِ مِثْل مَا حَرَّمَ اللَّهُ ) .
وَهَؤُلاَءِ لَيْسُوا بِقُرْآنِيِّينَ ؛ لأِنَّ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ أَوْجَبَ طَاعَةَ الرَّسُول فِيمَا يَقْرُبُ مِنْ مِائَةِ آيَةٍ ، وَاعْتَبَرَ طَاعَةَ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَل . بَل إِنَّ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ الَّذِي يَدَّعُونَ التَّمَسُّكَ بِهِ : نَفَى الإْيمَانَ عَمَّنْ رَفَضَ طَاعَةَ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَمْ يَقْبَل حُكْمَهُ : ( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) .
وَقَوْلُهُمْ : إِنَّ السُّنَّةَ قَدْ دُسَّتْ فِيهَا أَحَادِيثُ مَوْضُوعَةٌ : مَرْدُودٌ بِأَنَّ عُلَمَاءَ هَذِهِ الأْمَّةِ عُنُوا أَشَدَّ الْعِنَايَةِ بِتَنْقِيَةِ السُّنَّةِ مِنْ كُل دَخِيلٍ ، وَاعْتَبَرُوا الشَّكَّ فِي صِدْقِ رَاوٍ مِنْ الرُّوَاةِ ، أَوِ احْتِمَال سَهْوِهِ رَادًّا لِلْحَدِيثِ .
وَقَدْ شَهِدَ أَعْدَاءُ هَذِهِ الأْمَّةِ بِأَنَّهُ لَيْسَتْ هُنَاكَ أُمَّةٌ عُنِيَتْ بِالسَّنَدِ ، وَبِتَنْقِيحِ الأْخْبَارِ ، وَلاَ سِيَّمَا الْمَرْوِيَّةَ عَنْ رَسُول اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كَهَذِهِ الأْمَّةِ .
وَيَكْفِي لِوُجُوبِ الْعَمَل بِالْحَدِيثِ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِأَنَّهُ صَادِرٌ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَدْ كَانَ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَكْتَفِي بِإِبْلاَغِ دَعْوَتِهِ بِإِرْسَال وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، مِمَّا يَدُل عَلَى أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ إِذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ : يَجِبُ الْعَمَل بِهِ .
ثُمَّ نَسْأَل هَؤُلاَءِ : أَيْنَ هِيَ الآْيَاتُ الَّتِي تَدُل عَلَى كَيْفِيَّةِ الصَّلاَةِ ، وَعَلَى أَنَّ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةَ خَمْسٌ ، وَعَلَى أَنْصِبَةِ الزَّكَاةِ ، وَعَلَى أَعْمَال الْحَجِّ ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الأْحْكَامِ الَّتِي لاَ يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهَا إِلاَّ مِنْ السُّنَّةِ ؟ ” انتهى .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
” هؤلاء المتأخرون المنكرون للسنة أتوا منكرا عظيما ، وبلاء كبيرا ، ومعصية عظيمة ، حيث قالوا : إن السنة لا يحتج بها ، وطعنوا فيها وفي رواتها وفي كتبها ، وسار على هذا المنهج وأعلنه كثير من الناس في مصر وفي غيرها ، وسموا أنفسهم بالقرآنيين ، وقد جهلوا ما قاله علماء السنة ، فقد احتاطوا كثيرا للسنة تلقوها أولا عن الصحابة حفظا ـ ودرسوها وحفظوها حفظا كاملا ، حفظا دقيقا بعناية تامة ، ونقلوها إلى من بعدهم ، ثم ألف العلماء في القرن الثاني وفي القرن الثالث ، وقد كثر ذلك في القرن الثالث ، فألفوا الكتب وجمعوا الأحاديث حرصا على السنة وحفظها وصيانتها ، فانتقلت من الصدور إلى الكتب المحفوظة المتداولة المتناقلة ، التي لا ريب فيها ولا شك ، ثم نقبوا عن الرجال وعرفوا ثقتهم ، من ضعيفهم ، من سيئ الحفظ منهم ، حتى حرروا ذلك أتم تحرير ، وبينوا من يصلح للرواية ومن لا يصلح للرواية ، ومن يحتج به ومن لا يحتج به .
واعتنوا بما قد وقع من بعض الناس من أوهام وأغلاط ، وعرفوا الكذابين والوضاعين ، فألفوا فيهم وأوضحوا أسماءهم ، فأيد الله سبحانه وتعالى بهم السنة ، وأقام بهم الحجة وقطع بهم المعذرة ، وزال تلبيس الملبسين ، وانكشف ضلال الضالين ، وبقيت السنة بحمد الله جلية وواضحة لا شبهة فيها ولا غبار عليها ، وكان الأئمة يعظمون ذلك كثيرا ، وإذا رأوا من أحد تساهلا بالسنة أو إعراضا : أنكروا عليه ” انتهى من ” مجموع فتاوى ابن باز ” (8/141) .
وينظر للاستزادة إلى جواب السؤال رقم : (3440) ، (9067) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة