0 / 0
26,50026/08/2014

يعيش في الغرب ويعمل طبيبا ولا يفهم الخطبة بلغتهم والمسجد بعيد عنه ، فهل تجب عليه الجمعة ؟

السؤال: 220613

أنا طبيب درست وتخرجت من بلد مسلم . ولكن بسبب الأوضاع الراهنة لا أستطيع أن أعمل واختص ، في معظم البلاد العربية ، فضلا أني أجد صعوبات بمجرد الإقامة من غير عمل ، لذلك سافرت للخارج لكي أختص وأعمل ، هنا في البلاد الغربية يصعب علي الخروج لصلاة الجمعة لأني أكون في العمل ؛ لأنك لا تستطيع أن تترك عملك ” المرضي ” وتذهب وتعود . فهل لي أن أصلي ظهرا بدل الجمعة ؟ وهل يختلف الحكم إذا كان أقرب مسجد يخطب الخطبة بلغة أعجمية ، أي لا أفهم شيئاً ؟
وقد قرأت في بعض فتاويكم أنه إذا كان الإنسان يعمل خارج المدينة ولم يسمع الأذان فيمكن له أن يصلي ظهرا بدل الجمعة ، فما الضابط لهذا الأمر ، أقصد : كم يجب أن تكون المسافة ؟ وما الدليل على ذلك ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
صلاة الجمعة شعيرة من شعائر الإسلام ، وفريضة من فرائضه العظام ، وقد جاء الوعيد على تركها في قوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ تَرَكَ ثَلاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللهُ عَلَى قَلْبِهِ ) رواه أبو داود (1052)، والنسائي (1369)، وابن ماجه (1126)، وصححه الألباني في “صحيح أبي داود” .
فالمحافظة عليها من سيما أهل التوفيق ، ولم يزل المسلمون يأتونها من الأماكن البعيدة ، ويقاد إليها المكفوفون ، ويتنافس فيها المتنافسون ، ” ولقد كانت الطرقات في أيام السلف وقت السحر وبعد الفجر مغتصة بالمبكرين إلى الجمعة يمشون بالسرج ، وقيل : أول بدعة أحدثت في الإسلام ترك البكور إلى الجمعة ..” انتهى من “السراج المنير” (4/289) .

ثانيا :
يجب على السائل حضور الجمعة ما دام يقيم في بلد تقام فيها الجمعة ، إلا إن كان مشغولا بإنقاذ نفس معصومة من هلكة ، أو دفع ضرر زائد ، أو تطبيبه في أمر عاجل ، أو نحو ذلك مما لا يمكن تأخيره إلى ما بعد الجمعة .
فإن وُجد بديل ينوب عنه ، ممن لا تلزمه الجمعة ، أو أمكن تأخير ذلك كله من غير أن يتضرر المريض : وجب عليه السعي لها .
وإن لم يوجد من ينوب عنه ، أو لم يمكن تأخير شيء من ذلك : جاز له ترك الجمعة .

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء (8/191) عن طبيب يناوب في المستوصف وقت صلاة الجمعة لمداواة مريض ، أو إسعاف جريح يكون في حالة عاجلة ، هل يجوز له ترك صلاة الجمعة ، فأجابوا :
“الطبيب المذكور في السؤال قائم بأمر عظيم ينفع المسلمين ، ويترتب على ذهابه إلى الجمعة خطر عظيم ، فلا حرج عليه في ترك صلاة الجمعة ، وعليه أن يصلي الظهر في وقتها ، ومتى أمكن أداؤها جماعة وجب ذلك ، لقول الله سبحانه : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) “. اهـ
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (36530) .

ثالثا :
يجب عليك السعي إلى الجمعة ، وإن كان الخطيب يتكلم بلغة أجنبية ، لا تفهم من خطبته شيئا ؛ لأن الحكمة من شهود الجمعة ليست مقتصرة على الاستفادة من الخطبة فقط ، بل إن من أعظم منافعها اجتماع المسلمين ، وظهور تآلف قلوبهم ، وغير ذلك .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” المقصود من الجمعة والجماعة أيضا أن يحضر المسلمون بعضهم إلى بعض ، وأن يكونوا أمة واحدة ، فيحصل فيهم التآلف والتراحم ” . انتهى من “مجموع فتاوى العثيمين” (16/78) .

وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (112041) ، و(21624) .

رابعا :
من كان عمله خارج المدينة ، لكنه يسمع النداء للصلاة ، فصلاة الجمعة مع جماعة المسلمين واجبة عليه .
والدليل : عموم قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ) الجمعة/9 ، فكل من سمع النداء داخل في عموم الآية ، وقد أخرج أبو داود في سننه برقم (1058) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الجمعة على كل من سمع النداء ) وحسنه الألباني رحمه الله .
والاعتبار في سماع النداء : أن يكون بصوت المؤذن بدون مكبر للصوت ، والأصوات هادئة ، والريح ساكنة ، وقد قدَّر العلماء هذه المسافة بما دون 5 كيلو متر تقريباً .

وينظر “المجموع” (4/353) ، و”المغني” (2/106) ، وفي جواب السؤال رقم : (39054) تفصيل ذلك .

ولما كان سماع النداء غير ممكن دائماً ، اعتبر تقدير ذلك بمظنته ، والموضع الذي يسمع فيه غالبا فرسخ ، قال شيخ الإسلام : ” تجب الجمعة على من حول المصر عند أكثر العلماء ، وهو يقدر بسماع النداء ، وبفرسخ ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (24/118) .

قال الشيخ ابن عثيمين : ” والفرسخ قدروه بثلاثة أميال… والميل المعروف : كيلو وستمائة متر ” انتهى من “الشرح الممتع” (4/351) .

وأما من كان خارج المدينة ، ولم يكن بحيث يسمع النداء للصلاة ، فقد سقطت عنه صلاة الجمعة ، ويصليها ظهرا .
وقد كانت مدينة النبي صلى الله عليه وسلم حولها قبائل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يأمر من فيها بالسعي لصلاة الجمعة ، ولو كان ذلك لنقل ، فدل ذلك على عدم وجوبها على مثل هؤلاء ، للمشقة التي تلحقهم في الانتقال من أماكن إقامتهم ، إلى حيث تقام الجمعة .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله ، فيمن يخرجون أيام العطل خارج مدينة الرياض للنزهة ، غير ناوين السفر : ” أما صلاة الجمعة فلا تجب عليهم إذا كانوا بعيدين عن البلد ، لا يسمعون الأذان , فرسخا أو أكثر ” انتهى ملخصاً من “مجموع فتاوى ابن باز” (10/202).

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
شباب خرجوا في رحلة إلى منطقة بعيدة ، ونزلوا في مكان بعيد من البلد ، لكنهم ما زالوا يسمعون الأذان بسبب وجود المكبرات ، فهل تلزمهم الجمعة والجماعة مع أهل ذلك البلد ؟
فأجاب :
“لا تلزمهم ، يعني : إذا بعدوا عن البلد بحيث لا يسمعون صوت المؤذنين ، لولا وجود مكبر الصوت ؛ فلا تلزمهم ، وأما إذا كانوا قريبين من البلد ، بحيث لو كان المؤذنون يؤذنون بغير مكبر ، لسمعوه : فإنه يلزمهم ” انتهى من ” لقاء الباب المفتوح ” اللقاء رقم (149) .

وينظر ” فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ” ( 8 / 221 ، 222) .

وخلاصة الجواب :
يجب على السائل حضور الجمعة ما دامت الجمعة تقام في المدينة التي يعيش فيها ، ولو كانت كبيرة متباعدة الأقطار ، أو كان لا يفهم الخطبة لاختلاف اللغة .
ولا يرخص له في تركها ، إلا إذا كان مشغولا بإنقاذ مريض معصوم ، أو تطبيبه في أمر عاجل ، أو كان خارج المدينة التي تقام فيها الجمعة بمسافة أكثر من فرسخ ، على ما قدره العلماء .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android