سمعت أن الله تعالى قسّم رمضان إلى ثلاثة أقسام ، العشرة الأيام الأولى منه رحمة ، والثانية مغفرة ، والثالثة عتق من النار، ويُقال إن هناك أدعية خاصة لكل قسم، ففي الأول نقول : اللهم ارحمني يا أرحم الراحمين ، وفي الثاني اللهم اغفر لي ذنوبي يا رب العالمين ، وفي الثالث اللهم اعتقني من النار وأدخلني الجنة . فهل هذا صحيح ، وهل له دليل ؟ وما هي الأدعية التي ينبغي الإكثار منها في رمضان ؟ فعلى حدّ علمي أن: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ، هو أحد الأدعية التي ينبغي الإكثار منها في العشر الأواخر ، عند تحري ليلة القدر. فماذا عن بقية ليالي رمضان ، هل لها أدعية خاصة ؟
ليس هناك دعاء مخصوص بكل يوم أو ليلة من رمضان .
السؤال: 220647
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
روى ابن خزيمة في " صحيحه" (1887) عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَالَ : خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ فَقَالَ : ( أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمٌ ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ … ) الحديث ، وفيه : ( وَهُوَ شَهْرٌ أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ، وَأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ ، وَآخِرُهُ عِتْقٌ مِنَ النَّارِ ) .
وقد تقدم في إجابة السؤال رقم : (21364) بيان ضعف هذا الحديث .
وشهر رمضان كله رحمة من الله ، وكله أيضا مغفرة وعتق من النار ، ولا يختص شيء من ذلك بجزء منه دون جزء ، وهذا من واسع رحمة الله تعالى .
روى مسلم (1079) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا كَانَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ ) .
وروى الترمذي (682) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : ( إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ ، وَيُنَادِي مُنَادٍ : يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ ) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
وعلى ذلك : فتخصيص الثلث الأول من رمضان بالدعاء بالرحمة ، والثلث الثاني بالدعاء بالمغفرة ، والثلث الثالث بالدعاء بالعتق من النار مبتدع لا أصل له في الشرع ، وليس لهذا التخصيص – أيضا – ما يسوغه ؛ إذا كانت أيام رمضان كلها سواء في ذلك ؛ وإنما يدعو المسلم بما شاء من خير الدنيا والآخرة في رمضان كله ، ومن ذلك سؤال الله الرحمة والمغفرة والعتق من النار ودخول الجنة .
ثانيا :
ينبغي أن يكثر المسلم من دعاء الخير والرحمة في هذا الشهر خاصة ، استثمارا لموسم الخير والبركة ، وتعرضا لرحمة الرب تعالى وعفوه ، وقد قال تعالى : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) البقرة/ 186.
قال ابن كثير رحمه الله :
" وَفِي ذِكْرِهِ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ الْبَاعِثَةَ عَلَى الدُّعَاءِ ، مُتَخَلِّلَةً بَيْنَ أَحْكَامِ الصِّيَامِ ، إِرْشَادٌ إِلَى الِاجْتِهَادِ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ إِكْمَالِ العِدّة ، بَلْ وعندَ كُلِّ فِطْرٍ " .
انتهى من " تفسير ابن كثير" (1/ 509) .
ويحسن بالداعي أن يجمل في الطلب ، ويكثر من الأدعية المأثورة ، وألا يتعدى في دعائه ، ويتأدب بآداب الدعاء ، ومن الأدعية التي يستحب الإكثار منها في رمضان ، وكذا في غير رمضان :
– رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ .
– رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا .
– رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ . رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ .
– اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني .
– اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ منه عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيْرًا .
– اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي ، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي ، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي ، وَعَنْ شِمَالِي ، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي .
– وكذا كل دعاء جامع من أدعية الكتاب والسنة ، وكل دعاء بخير ، اجتهد فيه العبد ، فيما بينه وبين ربه ، ولا يختص شيء من ذلك برمضان .
– كما يستحب أن يقول بعد إفطاره : ( ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله )
انظر إجابة السؤال رقم : (14103) ، والسؤال رقم : (26879) .
– وليجتهد في الدعاء في الثلث الأخير خاصة من كل ليلة .
انظر إجابة السؤال رقم : (140434) .
– ويكثر في العشر الأواخر من قول : ( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني )
انظر إجابة السؤال رقم : (36832) .
وانظر إجابة السؤال رقم : (36902) لمعرفة آداب الدعاء .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة