0 / 0

حكم دعاء الأموات وما قد يحدث من تفريج للكرب أو شفاء للمرض بعد دعائهم

السؤال: 221052

أعلم أن زيارة القبور ودعاء الموتى لا يجوز ، لكنني شهدت حالات يذهب فيها المرضى إلى تلك الأضرحة للتداوي وطلب الشفاء فيعودون بخير . فكيف نفسر ذلك ؟ وهل معنى هذا أنه يمكن للمرضى الذهاب إلى تلك الأضرحة كحل أخير ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

زيارة القبور سنة كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (163231) , وهذا إنما هو في الزيارة الشرعية ( الموافقة لأحكام الشرع ) ، وهناك نوعان من الزيارة لا يشرعان بحال :
الأول : أن يقصد التوسل بالميت إلى الله سبحانه , أو دعاء الله تعالى عند قبر الميت , أو الصلاة عند القبر , فهذا كله من البدع التي نهى عنها الشرع ؛ لأنه وسيلة قوية إلى الشرك بالله جل وعلا .

النوع الثاني : أن يدعو الميت , أو يستغيث به , أو يطلب منه قضاء حاجاته , أو تفريج كرباته , أو شفاء مرضه , فهذا من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله سبحانه أبدا ، إلا لمن تاب منه ورجع إلى التوحيد والإسلام , وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (34575 ) , وفتوى رقم : (11402) ، وفتوى رقم : (133081) .

ثانيا :
أما ما تذكره من شفاء بعض الناس أو قضاء حوائجهم عقيب هذه الزيارات المحرمة ، فهذا من قبيل الابتلاء والاختبار من الله سبحانه وتعالى ليتميز الخبيث من الطيب , وقد بَيَّن الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى بعض أسباب هذه الظاهرة .

فقال رحمه الله : ” وأما ما قد يقع لبعض الناس هنا كونه يدعو الميت ويشفى , هذا يقع استدراجاً وابتلاءً وامتحاناً , والله هو الشافي سبحانه وتعالى ، وقد يكون المرض من أسباب الشياطين ، يسببون المرض للإنسان حتى إذا دعا الميت كفوا عنه ما قد فعلوه , فالحاصل أن هذا ليس بحجة ، كونه يأتي المريض إلى الميت فيدعو ويستغيث فيشفى سريعاً , هذا قد يكون استدراجاً وابتلاءً وامتحاناً حتى يمتحن صبره وإيمانه فلا يغتر بهذا ، وقد يصادف القدر الذي قدره الله بالشفاء فيظنه من أسباب الميت , وقد يكون شيء من أسباب الشيطان ، قد يفعل الشيطان بالإنسان شيئاً يعني يعمل معه عملاً يؤذيه ويضره ويمرض منه , فإذا ذهب إلى الميت ودعاه وسأله كف عنه هذا الشيطان حتى يغريه بالشرك وحتى يوقعه بالشرك ، وحتى يظن هذا الجاهل أن هذا من عمل الولي ، وأنه هو الشافي وهذا من أقبح الغلط والمنكر ، فالله هو الذي يشفي ويعافي سبحانه وتعالى ، والولي وغير الولي لا يملك له ضراً ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً ، وهو مملوك لله سبحانه وتعالى ، والله تعالى هو النافع الضار عز وجل ، فينبغي التنبه لهذا الأمر ” انتهى من ” فتاوى نور على الدرب ” لابن باز (ص/150) .

والخلاصة :
أن حصول الشفاء لبعض الناس إذا ذهب إلى القبر ودعاه لا يعني أن الميت قد نفعه وشفاه ، بل الشافي هو الله تعالى وحده ، وهذا الميت لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئا ، وقال الله تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام وهو يثني على الله عز وجل : ( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ) الشعراء/80 .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( أَذْهِبْ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي ، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا ) رواه البخاري (5675) ، ومسلم (2191) .

وحصول الشفاء عند الذهاب للقبر قد يكون له أسباب :
1. أن يكون هذا من الشيطان ليغري الإنسان الجاهل بالوقوع في الشرك بالله والاستمرار على هذا .
2. أن يكون هذا قد وافق القدر ولا علاقة للذهاب إلى القبر بحصول الشفاء ، بمعنى أن الله تعالى يكون قد قدَّر حصول الشفاء في يوم معين ، وصادف هذا اليوم أنه بعد الذهاب للقبر ، فيظن الجاهل أن الميت هو الذي شفاه .
3. أن يكون هذا اختبار من الله للعبد ، هل يثبت على التوحيد أو ينحرف إلى الشرك ؟

وأما الذهاب إلى القبور للضرورة فيكون هو الحل الأخير ، فلا يجوز ذلك ، لأن القبر لا علاقة له بحصول الشفاء ، وإنما يملك ذلك الله تعالى وحده ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم ) أخرجه البيهقي ، وصححه ابن حبان من حديث أم سلمة رضي الله عنها ، فيستحيل أن يكون الشرك بالله سببا لحصول الشفاء .
وإنما يحصل الشفاء بدعاء الله تعالى وبالتداوي بالأدوية المباحة .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android