ضغط علي أحدهم ذات مرة وطلب مني أن أضع يدي على المصحف وأحلف أني لم أفعل ذلك الشيء ، وكنت حينها ما زلت صغيرةً ولم أكن على علم تام بخطورة مثل هذه اليمين ، فوضعت يدي على المصحف وحلفت يميناً كاذبة أني لم أفعل ذلك الشيء مع أني فعلته ، والآن أشعر بالحرج من ذلك ولا أستطيع مسامحة نفسي مع أني قد تبت إلى الله ، فما رأيكم
حلفت على المصحف كذبا وهي صغيرة ، فماذا تفعل ؟
السؤال: 221369
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
الحلف الكاذب من كبائر الذنوب ، ومن حلف على شيء ، وهو يعلم أنه كاذب ، فلا كفارة عليه عند كثير من أهل العلم ؛ لأن الذي أتى به أعظم من أن تكون فيه الكفارة .
راجع إجابة السؤال رقم : (122321).
ثانيا :
إذا كان هذا قد حصل منك وأنت صغيرة لم تبلغي الحلم فلا شيء عليك ؛ لأن الصغير الذي لم يبلغ غير مكلف .
قال ابن عبد البر رحمه الله :
” ولا خلاف بين العلماء أن الصبي يثاب على ما يفعله من الطاعات ، ويعفى عما يجترحه من السيئات ، وأن عمده كالخطأ ” انتهى من “مواهب الجليل” (3 /430).
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : الصغير الذي هو دون البلوغ إذا حلف هل تلزمه كفارة يمين ؟
فأجاب :” الصغير الذي لم يبلغ لا تنعقد يمينه ، وليس عليه كفارة ، لأنه غير مكلف ، ولكن يجب أن يربى على تعظيم اليمين ” انتهى .
http://islamancient.com/play.php?catsmktba=58544#
وإن كان حصل منك بعد البلوغ : فهذا ذنب عظيم ، يجب عليك أن تتوبي إلى الله منه ، بكثرة الاستغفار والندم وعدم العودة لمثله بعد التوبة ، مع الإكثار من الطاعات ، وتحري الصدق في القول والعمل .
سئل ابن عثيمين رحمه الله عن شخص حلف كذباً في أيام الطفولة ، أي كان يبلغ خمس عشرة سنة، ولكنه ندم على هذا بعد أن بلغ سن الرشد ، أي عرف أن هذا حرام شرعاً ، فهل عليه إثم أو كفارة ؟
فأجاب :
” حلفه على الكذب وهو عالم بذلك إثم عظيم ، يجب عليه أن يتوب إلى الله منه ، حتى إن بعض أهل العلم يقول : إن هذا من اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم ثم تغمسه في النار ، فإذا كانت هذه اليمين قد وقعت منه بعد بلوغه فإنه بذلك يكون آثماً عليه أن يتوب إلى الله، وليس عليه كفارة ؛ لأن الكفارة إنما تكون في الأيمان على الأشياء المستقبلة ، وأما الأشياء الماضية فليس فيها كفارة ، بل الإنسان دائر فيها بين أن يكون آثماً أو غير آثم ، فإذا حلف على شيء يعلم أنه كذب فهو آثم ، وإن حلف على شيء يغلب على ظنه أنه صادق أو يعلم أنه صادق فيه فليس بآثم “. انتهى من “فتاوى نور على الدرب” (21/ 2) بترقيم الشاملة .
وإذا كانت هذه اليمين قد ترتب عليها أنك ظلمت أحدًا أو أكلت شيئًا من حقوقه ، فلا تصح التوبة إلا برد الحق إلى صاحبه أو الاعتذار إليه وطلب المسامحة .
فإن كانت اليمين لم يترتب عليها شيء من ذلك فتكفيك التوبة والندم والعزم على عدم فعل ذلك مرة أخرى .
ومن تاب تاب الله عليه وغفر له ذنبه ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ ) رواه ابن ماجه (3427)، وحسنه الألباني.
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة