تنزيل
0 / 0
4,45206/12/2014

اقترضت قرضا ربويا لتمويل دراستها أخذا بفتوى من أفتاها بالجواز

السؤال: 221737

أخذت قرضاً طلابياً بعد أن قيل لي : إنه جائز طالما أن الطالب لم يجنِ مالاً بعد الدراسة يفوق 21 ألف جنيه استرليني سنوياً ، أو 404 أسبوعياً ، أو 1750 شهرياً ، فإن ظل تحت هذه السقوف الثلاثة فلا يلزمه السداد.
لكنني في الحقيقة لم أر دليلاً على هذا مع أني سألت عالماً في دار الإفتاء ، لذلك فأنا في حرج ؛ لأن حساب الفائدة قد بدء بمجرد الشروع في الدراسة ، فهل أنا الآن مدينة بهذا القرض فعلياً ؟ وهل سيؤثر ذلك سلباً على بركة الرزق والمال الذي سأجنيه من عملي ، أياً كان ذلك العمل ؟ وماذا يتوجب عليّ أن أفعله الآن ؟ وهل للتعامل مع الربا تأثير على الأعمال الصالحة كالحج وغيره ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
كل قرض اشتمل على شرط ربوي فهو محرم ولو رأى صاحبه أن باستطاعته عدم دفع الفائدة
الربوية ، لأنه بمجرد التعاقد فهو قد شارك في عقد ربوي وأعان وأقر عليه ، كما أنه
لا يضمن ما في المستقبل فقد يقع ما يلزمه بدفع هذه الفائدة الربوية .
جاء في ” قرارات مجمع الفقه الإسلامي ” قرار رقم: 108 (2/1) بشأن موضوع بطاقات
الائتمان غير المغطاة :
” أولا : لا يجوز إصدار بطاقة الائتمان غير المغطاة ، ولا التعامل بها إذا كانت
مشروطة بزيادة فائدة ربوية ، حتى ولو كان طالب البطاقة عازما على السداد ضمن فترة
السماح المجاني ” انتهى من ” مجلة المجمع الفقهي الإسلامي ” ( 12 / 1979 ترقيم
الشاملة ) .

وصورة القرض الدراسي الذي
سألت عنه هو نفس صورة هذه البطاقات الائتمانية ، فالإنسان لا يدفع الفائدة إلا تحت
شروط معينة وبإمكانه السعي لتجنبها.
ولمزيد الفائدة طالعي الفتوى رقم : ( 136378
) .

ثانيا :
الذي فهمناه من سؤالك أنك أقدمت على هذا القرض لاعتقادك جوازه أخذا بفتوى دار
الإفتاء التي توجهت بسؤالك إليها .
فإذا كان الأمر كذلك ، وكنت تعتقدين أن هؤلاء مؤهلون للفتوى ، فلا حرج عليك فيما
سبق ، فإنما دخلت في هذا العقد بتأويل تعذرين فيه ، إن شاء الله ، وليس على
المستفتي أكثر من ذلك ، ما دام قد اجتهد في طلب حكم الشرع ، وقد قال الله تعالى : (
وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ
قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ) الأحزاب /5.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى :
” فإنّ الله تعالى قد وضع الحرج في الخطأ ورفع إثمه ، كما أرشد إليه في قوله آمرا
عباده أن يقولوا : ( رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) .
وثبت في صحيح مسلم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ( قَالَ اللَّهُ :
قَدْ فَعَلْتُ ) .
وفي صحيح البخاريّ ، عن عمرو بن العاص قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم :
( إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ ، وَإِنِ اجْتَهَدَ
فَأَخْطَأَ فَلَهُ أجر) .
وفي حديث آخر : ( إن الله تبارك وتعالى رَفَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ
وَالنِّسْيَانَ وَمَا يُكْرَهُونَ عليه ).
وقال تبارك وتعالى هاهنا : ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ
وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ) أي :
وإنّما الإثم على من تعمّد الباطل ” .
انتهى من ” تفسير ابن كثير ” ( 11 / 116 – 117 ) .
ثانيا :
ينبغي عليك أن تجتهدي في أداء هذا الدين الذي لزمك ، والخروج من آثاره الربوية ،
قدر استطاعتك ، وفي أول فرصة تتاح لك ، ما دمت قد علمت بتحريمه ؛ قال الله تعالى :
( فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ
إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
) البقرة/275 .
قال ابن كثير رحمه الله :
” أَيْ: مَنْ بَلَغَهُ نَهْيُ اللَّهِ عَنِ الرِّبَا فَانْتَهَى حَالَ وُصُولِ
الشَّرْعِ إِلَيْهِ ، فَلَهُ مَا سَلَفَ مِنَ الْمُعَامَلَةِ ، لِقَوْلِهِ : عَفَا
اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ
[الْمَائِدَةِ: 95] وَكَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: “وَكُلُّ رِبًا فِي
الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمَيْ هَاتَيْنِ ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ
رِبَا الْعَبَّاسِ” وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِرَدِّ الزِّيَادَاتِ الْمَأْخُوذَةِ فِي
حَالِ الْجَاهِلِيَّةِ، بل عفا عما سلف …
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَمَنْ عَادَ أَيْ: إِلَى الرِّبَا فَفَعَلَهُ بَعْدَ
بُلُوغِ نَهْيِ اللَّهِ لَهُ عَنْهُ ، فَقَدِ اسْتَوْجَبَ الْعُقُوبَةَ، وَقَامَتْ
عَلَيْهِ الْحُجَّةُ ؛ وَلِهَذَا قَالَ: فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ
فِيهَا خَالِدُونَ
” .
انتهى مختصرا ، من ” تفسير ابن كثير” (1/709-710) .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (84285)
، ورقم : (106610) .

ثالثا :
هذا التعامل الربوي : إذا كنت قد أقدمت عليه لأجل فتوى من أفتاك بأن هذا مباح ، لا
إثم فيه ، فلا حرج عليك فيما سبق إن شاء الله ، لأنك قد دخلت في هذا العقد بتأويل
سائغ ، وعلى ظن أنه حلال ، فلا يلزمك شيء من إثمه ، أو آثاره ، إن شاء الله .
وهكذا الحال ، لو قدر أنك قد دخلت فيه مخالفة ، وعصيانا ، ثم من الله عليك بالتوبة
، وتركت ما قدرت عليه من ذلك ، فنرجو ألا يكون قد بقي عليك شيء من إثمه ، ولا يلحقك
شيء من شؤم أكل الحرام ، ولا التعامل بالربا ، ومن تاب : تاب الله عليه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله تعالى :
” فالمسلم المتأول : إذا تاب ، يُغفر له ما استحله ، ويباح له ما قبضه ، لأن المسلم
إذا تاب أولى أن يغفر له إن كان قد أخذ بأحد قولي العلماء في حل ذلك ، فهو في
تأويله أعذر من الكافر في تأويله ” انتهى من ” تفسير آيات أشكلت ” ( 2 / 578 ) .
وقال :
” والشريعة أمر ونهي ، فإذا كان حكم الأمر لا يثبت إلا بعد بلوغ الخطاب ، وكذلك
النهي ، فمن فعل شيئا لم يعلم أنه محرم ، ثم علم ، لم يعاقب ، وإذا عامل معاملات
ربوية يعتقدها جائزة وقبض منها ما قبض ، ثم جاءه موعظة من ربه فانتهى ، فله ما سلف
” .
انتهى من ” تفسير آيات أشكلت ” ( 2 / 584 ) .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android