إن أتباع المذهب الحنفي يدّعون عادة أن النبي صلى الله عليه وسلم واظب على نوعين من السنة ، النوع الأول هو ذاك الذي كان يمارسه من أفعال وعادات حتى اللحظة الأخيرة من حياته ، والنوع الثاني هو الذي مارسه مدة من الدهر ثم كفّ عنه قبل موته بسنوات ، وإذا كان كذلك فما الأفضل لأمّته والأكثر أجراً ، أن يتابعوا النوعين أم النوع الأول فقط ؟
تقسيم الحنفية للسنة
السؤال: 221776
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
يقسم الحنفية السنن إلى قسمين : سنن الهدى ، وسنن الزوائد . جاء في ” الدر المختار وحاشية ابن عابدين ” (1 / 103) : ” وَالسُّنَّةُ نَوْعَانِ: سُنَّةُ الْهَدْيِ ، وَتَرْكُهَا يُوجِبُ إسَاءَةً وَكَرَاهِيَةً كَالْجَمَاعَةِ ، وَالْأَذَانِ ، وَالْإِقَامَةِ وَنَحْوِهَا. وَسُنَّةُ الزَّوَائِدِ ، وَتَرْكُهَا لَا يُوجِبُ ذَلِكَ كَسَيْرِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي لِبَاسِهِ وَقِيَامِهِ وَقُعُودِهِ ، وَالنَّفَلُ وَمِنْهُ الْمَنْدُوبُ يُثَابُ فَاعِلُهُ وَلَا يُسِيءُ تَارِكُهُ، قِيلَ: وَهُوَ دُونَ سُنَنِ الزَّوَائِدِ” انتهى.
وفيه أيضا (1 / 103) : ” قَدْ مَثَّلُوا لِسُنَّةِ الزَّوَائِدِ أَيْضًا بِتَطْوِيلِهِ – عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ – الْقِرَاءَةَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ ، وَلَا شَكَّ فِي كَوْنِ ذَلِكَ عِبَادَةً ، وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى كَوْنِ سُنَّةِ الزَّوَائِدِ عَادَةً أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَاظَبَ عَلَيْهَا حَتَّى صَارَتْ عَادَةً لَهُ وَلَمْ يَتْرُكْهَا إلَّا أَحْيَانًا؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ هِيَ الطَّرِيقَةُ الْمَسْلُوكَةُ فِي الدِّينِ ، فَهِيَ فِي نَفْسِهَا عِبَادَةٌ وَسُمِّيَتْ عَادَةً لِمَا ذَكَرْنَا. وَلَمَّا لَمْ تَكُنْ مِنْ مُكَمِّلَاتِ الدِّينِ وَشَعَائِرِهِ سُمِّيَتْ سُنَّةَ الزَّوَائِدِ، بِخِلَافِ سُنَّةِ الْهَدْيِ، وَهِيَ السُّنَنُ الْمُؤَكَّدَةُ الْقَرِيبَةُ مِنْ الْوَاجِبِ الَّتِي يُضَلَّلُ تَارِكُهَا؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا اسْتِخْفَافٌ بِالدِّينِ، وَبِخِلَافِ النَّفْلِ فَإِنَّهُ كَمَا قَالُوا مَا شُرِعَ لَنَا زِيَادَةً عَلَى الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ وَالسُّنَّةِ بِنَوْعَيْهَا” انتهى.
فسنة الهدى هي ما واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتركه ، وحكمها يقرب من الواجب عندهم ، وسنة الزوائد ما واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم غير أنه تركه أحيانا .
هذا الذي ذكره الحنفية في تقسيم السنن وهو الذي وجدناه في كتبهم ، أما تقسيمهم السنن إلى سنة واظب عليها النبي طوال حياته وسنة أخرى تركها آخر عمره ، فهذا لم نجده فيما بحثنا فيه من كتب المذهب الحنفي .
ولعل السائل يقصد ما جاء من ترك النبي صلى الله عليه وسلم لبعض السنن وعدم مداومته عليها مخافة أن تفرض على الأمة ؛ كقيام رمضان وصلاة الضحى مثلا ، جاء في ” التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام ” (1 / 228) : ” وقد نقل في شرح المهذب عن العلماء أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يداوم على صلاة الضحى مخافة أن تفرض على الأمة فيعجزوا عنها، وكان يفعلها في بعض الأوقات” انتهى .
وقد سبق بيان حكم قيام رمضان وسبب ترك النبي صلى الله عليه وسلم له في الفتوى رقم : (3452) ، وقد زالت هذه الخشية بوفاته صلى الله عليه وسلم فيكون حكم هذه السنن هو استحباب المداومة عليها.
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة