0 / 0

نذر أن يتصدق على شخص معين فهل يجوز له صرف النذر إلى والديه أو زوجته ؟

السؤال: 222188

كنت طالبا فى الجامعة وكنت أمر بحالة من الاكتئاب لأنى غير اجتماعي فكنت اتجه للسقوط ثم تكلمت مع إحدى المعيدات على النت فبدأت تنصحني وتحثني على التفاؤل وتحسنت حالتي مؤقتا في هذا الوقت فنذرت أنى إن رزقني الله بالمال الحلال أن أتصدق منه بجزء لم أحدده ، وأن نصف هذا الجزء أتصدق به لهذا الشخص الذى نصحني …..ولكن بعدها التزمت به لفترة ثم قلت من أحق بهذه الصدقة هل هذه المعيدة أم أبي أو أمي او لو تزوجت إن شاء الله زوجتي …فأريد أن أقطع التصدق لهذه المعيدة فماذا افعل ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

تضمن هذا النذر المذكور شقيّن:

الأول: الصدقة المطلقة التي لم تعيّن مصرفها.

وقد سبق في الموقع بيان أن الأصل فيمن نذر صدقة ولم يحدد لها مصرفاً = أنه يعطيها للفقراء والمساكين ، والذين يأخذون من الزكاة لحاجتهم ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في ” الفتاوى الكبرى” ( 5/554 ) : “وَلَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِمَالٍ صَرَفَهُ مَصْرِفَ الزَّكَاةِ ” انتهى .

وجاء في “كشاف القناع” (14/ 491): ” وَمَصْرِفُهُ أَيْ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ لِلْمَسَاكِينِ كَصَدَقَةٍ مُطْلَقَةٍ “

وينظر جواب السؤال (69907 ) .

وعليه فلا تملك صرف هذا الجزء من النذر لمن تجب عليك نفقتهم من الوالدين والأولاد والزوجة.

وبما أنك لم تحدد مبلغاً معيناً للصدقة ، فلا حرج عليك ببذل ما تيسر لك سواء كان قليلا أم كثيرا.

جاء في “أسنى المطالب” (1/ 590): ” وَمَنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِشَيْءٍ صَحَّ نَذْرُهُ ، وَتَصَدَّقَ بِمَا شَاءَ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ لِصِدْقِ الشَّيْءِ عَلَيْهِ ” انتهى .

الثاني: نذرك إعطاء هذه المعيدة نظير إعانتها لك على تجاوز مشكلتك ، فهذا من نذر التَبَرُر لمعيّن .

 فأما كونه نذر تَبَرُر ؛ فلأنك ذكرتَ أن هذا منك على سبيل الصدقة ، والصدقة هو ما يقصد به ثواب الآخر .

وعليه فهو من نذر الطاعة الذي يجب الوفاء به ، وقد سبق بيان حكم نذر الطاعة، وخطر عدم الوفاء به في جواب السؤال (2587) ، (42178) .

 وأما كونه لمعيّن ؛ فلأنك خصصت شخصا بعيّنِه لإعطائه هذه الصدقة ، وقد وقع نزاع بين العلماء في النذر لشخص معيّن ، هل هذا التعيين لازم ، أم يجوز صرفه إلى غيره ؟

 فمذهب الحنفية أن هذا التعيين غير لازم ويجوز صرفه إلى غيره .

جاء في “فتح القدير” (2/280) : ” إِنْ عَيَّنَ دِرْهَمًا أَوْ فَقِيرًا بِأَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذَا الدِّرْهَمِ أَوْ عَلَى هَذَا الْفَقِيرِ لَمْ يَلْزَمْ، فَلَوْ تَصَدَّقَ بِغَيْرِهِ عَلَى غَيْرِهِ خَرَجَ عَنْ الْعُهْدَةِ ” انتهى .

ولكن الأكثر على اعتبار هذا التعيين ، وأنه لا يجوز صرفه إلى غيره .

قال النووي : ” لَوْ قَالَ إِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي، فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِي أَوْ عَلَى زَيْدٍ ، وَزَيْدٌ مُوسِرٌ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ ; لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْغَنِيِّ جَائِزَةٌ وَقُرْبَةٌ ” انتهى من ” روضة الطالبين وعمدة المفتين” (3/ 336) .

وجاء في “حاشية الدسوقي على الشرح الكبير” من كتب المالكية (7/ 132) : ” وَأَمَّا إنْ عَيَّنَهُ كَلِلَّهِ عَلَيَّ التَّصَدُّقُ عَلَى فُلَانٍ بِكُلِّ مَا أَكْتَسِبُهُ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَكُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ لِفُلَانٍ لَزِمَهُ جَمِيعُ مَا يَكْتَسِبُهُ سَوَاءٌ عَيَّنَ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا أَوْ لَا ” انتهى .

والقول بمنع صرف النذر لمعيّن إلى غيره أرجح ؛ لأن الأصل في النذر لزوم الوفاء به على صفته ؛ ولأن النذر المعيّن تعلق به حق آدمي معيّن فلم يجز صرفه إلى غيره ، كما نقول ذلك في الوقف على معيّن ، والوصية لشخص معيّن .

قال الشيخ ابن عثيمين : ” والذي أرى في هذه المسألة أنه إذا كانت الوصية لمعين فإنه لا يجوز تغييرها، كما لو كانت الوصية لزيد فقط؛ أو وقف وقفاً على زيد فإنه لا يجوز أن يغير لتعلق حق الغير المعين به؛ أما إذا كانت لغير معيّن – كما لو كانت لمساجد، أو لفقراء – فلا حرج أن يصرفها لما هو أفضل.” “تفسير سورة البقرة” (2/ 314) .

وعلى فرض أنه يجوز صرف هذا الجزء من النذر إلى الغير فليس لك صرفه إلى الوالدين والأولاد والزوجة لما سبق .

جاء في “تحفة المحتاج” من كتب الشافعية (10/ 94) : أَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ، وَتَعَيَّنَ لِلْمَسَاكِينِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ”

قال الشرواني في حاشيته : ” وَلَا يَجُوزُ لَهُ وَلَا لِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ الْأَكْلُ مِنْهُ قِيَاسًا عَلَى الْكَفَّارَةِ ” أهـ

ولكن لو ردت هذه المرأة المال المنذور لها فلا يلزمك في نصيبها شيء ، ويسقط عنك وجوبه .

 جاء في ” تحفة المحتاج ”  (10/ 78) : ” وَيَصِحُّ إبْرَاءُ الْمَنْذُورِ لَهُ النَّاذِرَ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ حَيْثُ جَازَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ ” انتهى .

وقال أيضا في (10/ 74) : ” وَلَوْ نَذَرَ لِمُعَيَّنٍ بِدَرَاهِمَ مَثَلًا كَانَ لَهُ مُطَالَبَةُ النَّاذِرِ بِهَا إنْ لَمْ يُعْطِهِ كَالْمَحْصُورِينَ مِنْ الْفُقَرَاءِ لَهُمْ الْمُطَالَبَةُ بِالزَّكَاةِ الَّتِي وَجَبَتْ فَإِنْ أَعْطَاهُ ذَلِكَ فَلَمْ يَقْبَلْ بَرِئَ النَّاذِرُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى قَبُولِ غَيْرِهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ ” انتهى .

وقال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين – من الحنابلة – :

” إذا نذر إنسان شيئا معينا لشخص معيّن نذر تبرر، فرده، أو مات قبل القبول والرد،  فالذي يظهر بطلان هذا النذر كما تبطل الصدقة بذلك ؛ لأن الصدقة نوع من الهبة، صرح به الأصحاب كما في المغني وغيره. وهو ظاهر كلام أحمد .. ” انتهى من “رسائل وفتاوى أبا بطين ” (ص: 156) .

 والحاصل :

أن الواجب عليك هو الوفاء بنذرك على الوصف الذي ذكرته دون تغيير أو تبديل .

وأما إذا كان قصد السائل أنه نذر أن يتصدق بهذا المال ويجعل ثوابه لهذه المعيدة نظير إحسانها إليه ، فكذلك في هذه الحالة لا يجوز له أن يغير نيته بصرفه إلى والديه ، ولكن ما دام أن المبلغ المنذور غير محدد المقدار ، فلك أن تجعله أجزاء منه جزء لوالديك وجزء للمعيدة .

وقد سألنا الشيخ عبد الرحمن البراك عن رجل نذر أن يتصدق عن آخر بجزء من راتبه ، فهل له أن يغير النية قبل الوفاء بالنذر ، فيجعله لوالديه .

فأجاب الشيخ : ” يتصدق عن هذا الرجل بسدس راتبه ، وعن والديه بالثلث ، ويستبقي النصف الباقي له “.

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android