0 / 0

هل يرى المحتضر أقرباءه من الأموات ؟

السؤال: 222431

هل هناك معلومات متوفرة عن اللحظات الأخيرة للمحتضر ، وما الذي يراه ؟
فهل يرى مثلاً أقرباءه من الأموات ، أو ما شابه ذلك ، أطرح هذا السؤال لأن أمي قالت لي : بأن جدتي عندما كانت على فراش الموت كانت تنادي والدتها ، فلا أدري ما دلالة ذلك .
وأريد معرفة مثل هذه المعلومات ؛ لأنني مسلمة جديدة ، وكل عائلتي من المسيحيين .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
لم يرد في القرآن الكريم ، ولا في السنة النبوية المطهرة أي علم عما يراه المحتضر ساعة الاحتضار من الأقارب أو البشر ، ونحن المسلمين لا نجزم إلا بما ورد في الكتاب والسنة ، ونسكت عما سكت عنه الوحي المعصوم ، فقد قال الله سبحانه وتعالى : (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) الإسراء/36.
وغاية ما ورد أثر يرويه ابن أبي شيبة في ” المصنف ” عن عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن يزيد بن شجرة رضي الله عنه قال : ” ما من ميت يموت حتى يمثل له جلساؤه عند موته ، إن كانوا أهل لهو فأهل لهو ، وإن كانوا أهل ذكر فأهل ذكر “.
ويروى نحوه عن مجاهد من قوله ، كما في ” شرح أصول اعتقاد أهل السنة ” (6/1202) ، ويزيد بن شجرة مختلف في صحبته ، أثبتها ابن معين والبخاري ، وأنكرها أبو زرعة . ينظر ” الإصابة ” (6/520) .
وهذا كما هو ظاهر ليس فيه دلالة على حضور الأموات أنفسهم ، سواء كانوا من الأقرباء أم لا ، بل روايته صريحه بأن الأمر لا يعدو كونه ( تمثيلا )، وذلك في قوله ( يمثل له جلساؤه ) ، ثم إنه لم يقيد ذلك بكونهم أمواتا .
فإن وقع شيء من ذلك ، لبعض المحتضرين ، من كلامهم لأمهاتهم وآبائهم أو أبنائهم وأقربائهم، فيحتمل أن يكون خيالا عرض لأذهانهم نتيجة ما هم فيه من الكرب العظيم ، وليس لقاء حقيقيا مع أرواح هؤلاء الأقرباء .
كما أن مثل هذه التخيلات لا تحمل أية دلالة على الخوف ولا على الاستبشار ؛ فحال الاحتضار أشد ما يكون على الإنسان ، وهو حينئذ لا يكاد يملك لسانه أو أركانه ، فليس في حديثه المتخيل مع أقربائه دلالة على خير أو شر قادم .
ثانيا :
البشرى الحقيقية للمحتضر ، إنما تحصل بما تبشر به الملائكة المؤمن في تلك الحال ، فهي التي تتنزل عليه ، وتجلس عنده ، فيشاهدهم ، وقد يتكلم بما يدل على ذلك منهم .
يقول الله عز وجل : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ . نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ . نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ) فصلت/30-32.
يقول ابن قيم الجوزية رحمه الله :
” أول ذلك أن الملائكة تنزل على المحتضر ، وتجلس قريبا منه ، ويشاهدهم عيانا ، ويتحدثون عنده ، ومعهم الأكفان والحنوط ، إما من الجنة ، وإما من النار . ويؤمنون على دعاء الحاضرين بالخير والشر ، وقد يسلِّمون على المحتضر ، ويرد عليهم ، تارة بلفظه ، تارة بإشارته ، وتارة بقلبه ، حيث لا يتمكن من نطق ولا إشارة .
وقد سُمع بعض المحتضرين يقول : أهلا وسهلا ومرحبا بهذه الوجوه . وأخبرني شيخنا عن بعض المحتضرين – فلا أدرى أشاهَدَه أو أُخبِر عنه – أنه سُمع وهو يقول : عليك السلام ، ههنا فاجلس وعليك السلام ، ههنا فاجلس .
وذكر ابن أبى الدنيا أن عمر بن عبد العزيز لما كان في يومه الذي مات فيه قال : أجلسوني . فأجلسوه فقال : أنا الذي أمرتني فقصرت ، ونهيتني فعصيت . ثلاث مرات . ولكن لا إله إلا الله . ثم رفع رأسه فأحد النظر . فقالوا : إنك لتنظر نظرا شديدا يا أمير المؤمنين . فقال : إني لأرى حضرة ما هم بإنس ولا جن ، ثم قُبض .
وقال فضالة بن دينار : حضرت محمد بن واسع وقد سجي للموت ، فجعل يقول : مرحبا بملائكة ربي ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وشممت رائحة طيب لم أشم قط أطيب منها . ثم شخص ببصره فمات .
والآثار في ذلك أكثر من أن تحصر .
وأبلغ وأكفى من ذلك كله قول الله عز وجل : ( فلولا إذا بلغت الحلقوم * وأنتم حينئذ تنظرون * ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون ) أي : أقرب إليه بملائكتنا ورسلنا ، ولكنكم لا ترونهم ” انتهى من ” الروح ” (ص/64-65) .
ثالثا :
ثبت في الأدلة الشرعية أن الشيطان قد يعرض في بعض الحالات إلى الميت حال نزع روحه واحتضاره ، وقد سبق لنا بيان هذا الموضوع بالتفصيل والإفاضة ، وذلك في الفتوى رقم : (60191)، والفتوى رقم : (84404) .
وفي الختام نهنئك على إسلامك ، ونسأل الله تعالى أن يجعله إسلام خير ونور وسعادة ، وأن يقينا وإياك فتنة القبر وعذاب النار ، ويثبتنا عند الاحتضار .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android